توثيق الرسالة من موقع
المنظمة الدولية الشيعية للثقافة و حقوق الإنسان "ISCHRO
http://www.ischro.net/arabic/index.p...d=47&Itemid=44
رسالة شكر و تقدير كتبها سماحة آية الله العظمى الشيخ يعسوب الدين الرستكاري إلى خامنئي من زنزانته في سجن إيفين بطهران بعد مرور تسعمائة و خمسين يوما من السجن و التعذيب الشديد الجسدي و النفسي و التعرض لهتك الحرمة بسبب حكم ما أنزل الله به من سلطان، المنافي لجميع القيم الإنسانية و المقررات الدولية، و بجرم بيانه لحقائق دين الإسلام المبين:
بسم الله قاصم الجبارين
قال الله العزيز القهار: "و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون- و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون- و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون". (سورة المائدة 44 و 45 و 47)
و قال: "إن الحكم إلا لله يقص الحق و هو خير الفاصلين". (سورة الأنعام- الآية 75)
و قال حكاية عن شعيب عليه السلام: "وسع ربنا كل شئ علما، على الله توكلنا ربنا افتح بيننا و بين قومنا بالحق و أنت خير الفاتحين". (سورة الأعراف- الآية 89).
أما بعد:
رأيت من الضروري أن أكتب لك رسالة مفتوحة تبقى ذكرى باقية و وثيقة تاريخية تبين بإجمال الماهية الباطنة و الإنجازات الظاهرة لحكومتك، و ذلك بمثابة تقدير و شكر بعد أوامرك المكررة إلى الشيخ علي رازيني رئيس محكمة رجال الدين الخاصة (كابوس الرعب)، أوامرك المبنية على أشد العقوبات ضدي بجرم (حسب قول السيد أكبري كبير محققي وزارة المخابرات في قم في اليوم الثاني من إعتقالي: بيان حقائق الدين و نفوذ الكلام على الرأي العام بسبب عدم تبعيتك للحكومة التي طرحتها في الرسالة المفتوحة من سجن إيفين إلى سلطات النظام بتاريخ (14/9/1385 [13 ذي القعدة 1427] )، و من خلاله أعبر مدى درجات تقديري و شكري لجنابك.
إن الشيخ رازيني و بناءا على أمر جنابك الأكيد و الشديد، و بعد مرور سبعمائة و ستة و سبعون يوما من إعتقالي و حبسي في السجن المؤقت القسم الخاص لرجال الدين في سجن إفين بطهران و تحت أشد الظروف و التعذيب المستمر و المتواصل الروحي و مؤخرا الجسدي، و منع الإتصال الهاتفي حتى مع أفراد عائلتي لفترة (590) يوما، إقتادوني يوم السبت (20/3/1385 = الثالث عشر من جمادي الأولى 1427 هـ.ق) المصادف ليوم إستشهاد حضرة الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها أفضل صلوات الله، إقتادوني من داخل سجنك، و بواسطة رجال هتاكين و عنيفين من باب "الناس على دين ملوكهم"، و بإهانة شديدة لأبعد الحدود و بتكبيل اليدين و من دون الزي الروحاني و بنعال دون جوراب، و ذلك لأخذ البيعة الإجبارية مع جنابك (كمثل إقتياد مولاي حضرة أميرالمؤمنين الإمام علي عليه السلام بربط الحبل على عنقه إلى المسجد للبيعة مع الخليفة الغاصب) و أتوا بي إلى محكمتك عند الحاكم المنصوب من قبلك، و كانت فترة المحكمة إنتهت بالضبط خلال أقل من خمسة دقائق ثم تم طردي بإجبار بأمره و بواسطة مأموريه من هذه المحكمة.
بمجرد دخولي الإجباري إلى هذه المحكمة، قال الشيخ علي رازيني: "عليك أن تتعهد أن تعمل وفق متطلباتنا".
قلت: " أنا عاهدت عهدا لله الواحد و بحوله و قوته و توفيقه جل و علا أعمل وفقا لأوامره حيث يقول: "و إذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس و لا تكتمونه". (سورة آل عمران-الآية 187)، و لا أريد أن أكون من ناكثي العهد لأبتلىبعذاب الله تعالى الأبدي و أتعرض للعن الله القهار و لعن جميع اللاعنين حيث يقول: "فنبذوه وراء ظهورهم و اشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون، لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا و يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب و لهم عذاب أليم". (سورة آل عمران- الآية 187-188)
و يقول: "إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات و الهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب، أولئك يلعنهم الله و يلعنهم اللاعنون". (سورة البقرة- الآية 159) و لا عهد آخر عندي.
فقال الشيخ رازيني: أنت خالفت قول الله "لا يحب الله الجهر بالسوء من القول". (سورة النساء- الآية148) و أهنت العلماء.
قلت: لماذا لا تقرأ كل الآية الكريمة حيث تقول: "إلا من ظُلِم"، أنت تستشكل عليّ أم على الله الحكيم؟ هل ترى نمرود إبراهيم و ترى فرعون موسى؟ و بناءا على إفتراضك بأنني أهنت العلماء الصادقين، ألم تقولوا: إن إسلامكم الذي عرضتموه للناس خلال (27) عاما هو الإسلام المحمدي الأصيل، و أن حكومتكم هذه التي تريدون أن تصدروها إلى رحاب الأرض هي الحكومة العلوية العادلة، هل رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم خلال عشرة أعوام من حكمه حبس و عذب و أسقط أحد من الحياة بمجرد إهانة أحد له صلى الله عليه و آله و سلم؟ و هل أميرالمؤمنين الإمام علي عليه السلام خلال خمسة أعوام من حكمه سجن أحد من أشد معارضيه و أعدائه و مهينيه؟ و هل حرمه و حرم أفراد عائلته من أبسط الحقوق الإنسانية التي مارستموها أنتم خلال فترة (27) عاما مع معارضيكم؟
هل أنت تستشكل علي أنا العبد الحقير لله المتعال أم تستشكل عل الله سبحانه الذي قسَّم علماء الدين في قرآنه الكريم إلى فئتين مختلفتين حيث قال: إن فئة من العلماء، طالبون للدين و هم الذين في سبيل الدفاع عنه يفدون أنفسهم له، و لديهم أعلى المنازل بعد منازل الأئمة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين، و هم تالي تلو العصمة مثل حضرة أبا الفضل عليه السلام و حول هذه الفئة من علماء الدين قال: "إنما يخشى الله من عباده العلماء". (سورة الفاطر- الآية 28)
و فئة من العلماء، يعبدون أهوائهم، و طالبون للدنيا و بياعون للدين الذين وصفهم بالكلب و الحمار فقال: "و اتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث". (سورة الأعراف، الآية 176)، و "كمثل الحمار يحمل أسفارا". (سورة الجمعة –الآية 5)
إن الله القهار قد عبَّر عن هذا القسم من علماء الدين بالظالمين و الضالين و المضلين للأفراد و المجتمعات الإنسانية و لعنهم: "ألا لعنة الله على الظالمين الذين يصدون عن سبيل الله و يبغونها عوجا". (سورة الهود- الآية 17- 18)
ألم يمارس الظلم بحقي بجرم الدفاع عن كيان الإسلام و بيان حقائق الدين و إعانة المظلومين و خصم الظالمين طيلة (27) عاما بعد إنتصار ثورتكم المنكوبة، حيث اعتقلتموني أربع مرات و حبستموني بما يقارب الـ(9) أعوام تحت أشد الظروف في الزنزانات الإنفرادية المرعبة و تحت التعذيب، و حتى أصدر أمر قتلي مرتين من خلال تطميع و وعد تخفيف العقوبة للسجناء القتلة و الأشرار في السجن، و إعتقال و حبس أبنائي و بعض أقاربي من دون أدنى جرم "إلا بغضا لي" و الهجوم الوحشي لرجال و نساء وزارة المخابرات على منزلي و مكتبي و مكتبتي في ظلمات آخر الليل، و نهب مؤلفاتي التي كتبتها طيلة حوالي نصف قرن بمشقة كبيرة، و نهب الأموال و الكتب و الممتلكات الشخصية و... التي كتبتها في الرسالة المفتوحة إلى سلطات النظام بشكل مجمل؟
إنكم ترتكبون أسوأ الظلم في تاريخ البشرية بإسم الدين، و الأسوأ من ذلك لا تتحملون أدنى صوت و أقل نفس يتنفسه المظلوم؟ إنكم بواسطة غصن شجرة الإسلام صنعتم فأسا و بإسم الإسلام تقطعون جذورها، و تستصرخون بالعدالة، و تريدون بكل قواكم الراكبة و الراجلة أن تصدروا عدالتكم هذه إلى كل رحاب الأرض؟!
يا أيها السيد الشيخ علي رازيني! بالحتم اليقيني لا أنا و لا أنت بعد أربعين عاما لسنا على قيد الحياة، توجد يوم قيامة و الحاكم بيننا هو الله الواحد.
و في هذه الأثناء الشيخ رازيني و من دون أن يرد على الأسئلة إتصل بالهاتف، فدخل رجل الأمن بسرعة إلى المحكمة، فقال رازيني له: خذه ( مشيرا إلي) !
بعد توقف قصير في خارج المحكمة، إقتادني أربعة من الرجال العنيفين لمحكمة رجال الدين الخاصة، جرّوني بهتك حرمة و إهانة و اقتادوني إلى السيارة مكبل اليدين، و مع شرطي الأمن و أعادوني إلى السجن المؤقت القسم الخاص لرجال الدين.
و في المرة الثانية بتاريخ (11/4/1385 [ 6 جمادي الثاني 1427] ) أخذوني مكبل اليدين و من دون الزي الروحاني و بالإجبار و الإهانة إقتادوني إلى المحكمة الخاصة لرجال الدين، من أجل إبلاغ الحكم الصادر بغير ما أنزل الله و اللاإنساني و المنافي للمقررات الدولية، و موضوع الجرم كان حسب عادة النظام منذ الإنتصار المشين للثورة و إلى الآن الذي إتهم به أكبر مراجع التقليد و الآيات العظام و العلماء الحقيقين لدين الإسلام المبين و المفكرين الأحرار و... هي الإتهامات الكاذبة "العمل ضد الأمن القومي، و إهانة العلماء و نشر الأكاذيب و..."، و أصدروا حكم السجن لعام إضافة إلى حساب (798) يوم من الإعتقال المؤقت الذي أصبح من حيث المجموع ثلاثة أعوام و شهرين و أبلغوها لي، فنفيت شفويا تلك الإتهامات الكاذبة و الحكم المتناسب له، ولكن السيد قاسم ورزدار، المبلغ للحكم، منعني من كتابة النفي على ورقة الحكم حيث سحبها من يدي بعد أن كتبت الآية (187) من سورة آل عمران.
و بعد ثلاثة أشهر من إبلاغ هذا الحكم، عند حوالي الساعة 11 لصباح الأحد (16/7/1385 [14 رمضان 1427]) دخل الشيخ جعفر قدياني المدعي العام لمحكمة رجال الدين الخاصة مع عشرة من مرافقيه دخلوا الغرفة رقم (2) للسجن المؤقت من القسم الخاص في سجن إيفين حيث كنت محبوس فيه، بعد جلوسهم جميعا في الغرفة الصغيرة (مكانا ضيقا) قال الشيخ قادياني لمرافقيه: إنني لست مسؤولا عن ملف الشيخ رستكار، لقد أرسلوه من محكمة قم الخاصة إلى طهران و هو متهم بالوهابية، و في طهران أصدر الحكم بحقه (دون ذكر فترة الحكم)، و نحن سنعيدك إلى قم.
فقلت لمهران يوسفيان رئيس قسم التحقيقات و العمليات للنيابة العامة لمحكمة رجال الدين في طهران الذي كان بين المرافقين، و كان جالس في الغرفة رقم (2) عند أجزاء من كتاب تفسير البصائر الكبير، قلت له أعطني الجزء (44)، و حينما أخذته قلت: إن هذا الجزء (44) طبع و نشر عام 1358 [1400هـ.ق]، و فتحت الصفحة 480 الذي كان فيه عنوان "الفرقة الوهابية"، قرأت و شرحته له، ثم قلت للشيخ قدياني و مرافقيه: "هل كاتب هذا الكتاب وهابي؟!" فخرجوا مطئطي الرأس من الغرفة.
حقا إن التاريخ يتكرر دائما، حينما كان أنبياء الله و خلفاءهم حقا و تابعيهم صدقا كانوا يدعون الجميع إلى صراط الله و الإبتعاد عن السبل الأخرى من أجل الوحدة بين الأمم "و إن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه و لا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون". (سورة الأنعام- الآية 153)، و من أجل تنمية المواهب و البصائر و المعرفة لدى الأفراد، و إصلاح المجتمعات البشرية، كانت السلطات اللئيمة و القادة الجبابرة كفراعنة الزمن يتهموهم بتهمة بث التفرقات بين الأمم، و يصفوهم بالمفسدين في المجتمع. "إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد". (سورة غافر- الآية 26).
و مع أنهم كانوا بأنفسهم مبدأ الفتنة و الفساد و التفرقة بين الأفراد و المجتمع كانوا من جهة يعرفون أنفسهم بهداة المجتمع و يحركون الناس عليهم، و من جهة أخرى كانوا يدعون رسل الله و خلفائهم حقا و أتباعهم صدقا يدعوهم إلى الكفر و عبادة الأصنام و الشهوات و البطن و الشهرة و المشاركة في جرائمهم، و في حالة العصيان عن مطالباتهم الشيطانية، كانوا يهددوهم بالسجن و القتل و النفي و الحرق و الحرمان من الحياة الإنسانية و الرجم و ... : "قال لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين- قالوا لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين". (سورة الشعراء 29- 116). "و قال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين". (سورة إبراهيم- الآية 13). "لئن لم تنتهوا لنرجمنكم و ليمسنكم منا عذاب أليم". (سورة يس- الآية 18
تعليق