1 - تفسير علي بن إبراهيم: أبي، عن ابن أبي عمير، عن هشام، عن الصادق عليه السلام قال: إن داود عليه السلام لما جعله الله عز وجل خليفة في الأرض، وأنزل عليه الزبور أوحى الله عز و جل إلى الجبال والطير أن يسبحن معه، وكان سببه أنه إذا صلى يقوم وزيره (1) بعد ما يفرغ من الصلاة فيحمد الله ويسبحه ويكبره ويهلله، ثم يمدح الأنبياء عليهم السلام نبيا نبيا، ويذكر من فضلهم وأفعالهم وشكرهم وعبادتهم لله سبحانه، والصبر على بلائه، ولا يذكر داود عليه السلام، فنادى داود ربه فقال: يا رب قد أثنيت (2) على الأنبياء بما قد أثنيت عليهم ولم تثن علي، فأوحى الله عز وجل إليه: هؤلاء عباد ابتليتهم فصبروا، وأنا أثني عليهم بذلك، فقال: يا رب فابتلني حتى أصبر، فقال: يا داود تختار البلاء على العافية؟ إني أبليت هؤلاء ولم أعلمهم، وأنا أبليك وأعلمك أنه يأتيك بلائي في سنة كذا و شهر كذا في يوم كذا، وكان داود يفرغ نفسه لعبادته يوما، ويقعد في محرابه، ويوم يقعد لبني إسرائيل فيحكم بينهم، فلما كان في اليوم الذي وعده الله عز وجل اشتدت عبادته وخلا في محرابه وحجب الناس عن نفسه وهو في محرابه يصلي، فإذا بطائر قد وقع بين يديه، جناحاه من زبرجد أخضر، ورجلاه من ياقوت أحمر، ورأسه ومنقاره من اللؤلؤ و الزبرجد، فأعجبه جدا ونسي ما كان فيه، فقام ليأخذه، فطار الطائر فوقع على حائط بين داود وبين أوريا بن حنان، وكان داود قد بعث أوريا في بعث، فصعد داود الحائط ليأخذ الطير، وإذا امرأة أوريا جالسة تغتسل، فلما رأت ظل داود نشرت شعرها، وغطت به بدنها، فنظر إليها داود وافتتن بها ورجع إلى محرابه ونسي ما كان فيه، وكتب إلى صاحبه في ذلك البعث أن يسيروا إلى موضع كيت وكيت، ويوضع التابوت بينهم وبين عدوهم، وكان التابوت في بني إسرائيل كما قال الله عز وجل: " فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة " وقد كان رفع بعد موسى عليه السلام إلى السماء لما عملت بنو إسرائيل بالمعاصي، فلما غلبهم جالوت وسألوا النبي أن يبعث إليهم ملكا يقاتل في سبيل الله - تقدس وجهه - بعث إليهم طالوت وأنزل عليهم التابوت وكان التابوت إذا وضع بين بني إسرائيل وبين أعدائهم ورجع عن التابوت إنسان كفر وقتل، ولا يرجع أحد عنه إلا ويقتل، فكتب داود إلى صاحبه الذي بعثه أن ضع التابوت بينك وبين عدوك، و قدم أوريا بن حنان بين يدي التابوت، فقدمه وقتل، فلما قتل أوريا دخل عليه الملكان ولم يكن تزوج امرأة أوريا وكانت في عدتها وداود في محرابه يوم عبادته، فدخل عليه الملكان من سقف البيت وقعدا بين يديه، ففزع داود منهما فقالا: " لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط " ولداود حينئذ تسع وتسعون امرأة ما بين مهيرة (1) إلى جارية، فقال أحدهما لداود: " إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب " أي ظلمني وقهرني، فقال داود كما حكى الله عز وجل: " لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه " إلى قوله: " وخر راكعا وأناب " قال: فضحك المستعدى عليه من الملائكة وقال: حكم الرجل على نفسه، فقال داود: أتضحك وقد عصيت لقد هممت أن أهشم (2) فاك، قال: فعرجا، وقال الملك المستعدى عليه: لو علم داود أنه أحق بهشم فيه مني، ففهم داود الامر وذكر القضية (3) فبقي أربعين يوما ساجدا يبكي ليله ونهاره، ولا يقوم إلا وقت الصلاة حتى انخرق جبينه وسال الدم من عينيه.فلما كان بعد أربعين يوما نودي: يا داود مالك؟ أجائع أنت فنشبعك، أم ظمآن فنسقيك، أم عريان فنكسوك، أم خائف فنؤمنك؟ فقال: أي رب وكيف لا أخاف وقد عملت ما علمت (1) وأنت الحكم العدل الذي لا يجوزك ظلم ظالم؟ فأوحى الله عز وجل إليه:
تب يا داود، فقال: أي رب وأنى لي بالتوبة؟ قال صر إلى قبر أوريا حتى أبعثه إليك (2) واسأله أن يغفر لك فإن غفر لك غفرت لك، قال: يا رب فإن لم يفعل؟ قال: أستوهبك منه، فخرج داود عليه السلام يمشي على قدميه ويقرأ الزبور وكان إذا قرأ الزبور لا يبقى حجر ولا شجر ولا جبل ولا طائر ولا سبع إلا يجاوبه حتى انتهى إلى جبل وعليه نبي عابد يقال له حزقيل فلما سمع دوي الجبال وصوت السباع علم أنه داود، فقال: هذا النبي الخاطئ، فقال داود: يا حزقيل أتأذن لي أن أصعد إليك؟ قال: لا، فإنك مذنب، فبكى داود عليه السلام فأوحى الله عز وجل إلى حزقيل: يا حزقيل لا تعير داود بخطيئته، وسلني العافية، فنزل حزقيل وأخذ بيد داود وأصعده إليه، فقال له داود: يا حزقيل هل هممت بخطيئة قط؟ قال: لا، قال: فهل دخلك العجب مما أنت فيه من عبادة الله عز وجل؟ قال: لا، قال: فهل ركنت إلى الدنيا فأحببت أن تأخذ من شهواتها ولذاتها؟ قال: بلى ربما عرص ذلك بقلبي، قال فما تصنع؟ قال: أدخل هذا الشعب فأعتبر بما فيه، قال: فدخل داود عليه السلام الشعب فإذا بسرير من حديد عليه جمجمة بالية، وعظام نخرة، (3) وإذا لوح من حديد وفيه مكتوب، فقرأه داود فإذا فيه: أنا أروى بن سلم، ملكت ألف سنة، وبنيت ألف مدينة وافتضضت ألف جارية، وكان آخر أمري أن صار التراب فراشي، والحجارة وسادي، و الحيات والديدان جيراني، فمن يراني فلا يغتر بالدنيا، ومضى داود حتى أتى قبر أوريا فناداه فلم يجبه، ثم ناداه ثانية فلم يجبه، ثم ناداه ثالثة فقال أوريا: مالك يا نبي الله لقد شغلتني عن سروري وقرة عيني؟ قال يا أوريا اغفر لي وهب لي خطيئتي، فأوحى الله عز وجل: يا داود بين له ما كان منك، فناداه داود فأجابه في الثالثة فقال: يا أوريا فعلت كذاوكذا، وكيت وكيت، (1) فقال أوريا أيفعل الأنبياء مثل هذا؟! فناداه فلم يجبه، فوقع داود عليه السلام على الأرض باكيا، فأوحى الله عز وجل إلى صاحب الفردوس ليكشف عنه، فكشف عنه، فقال أوريا: لمن هذا؟ فقال لمن غفر لداود خطيئته، فقال: يا رب قد وهبت له خطيئته، فرجع داود عليه السلام إلى بني إسرائيل وكان إذا صلى قام وزيره يحمد الله ويثني عليه، (2) ويثني على الأنبياء عليهم السلام ثم يقول: كان من فضل نبي الله داود قبل الخطيئة كيت وكيت، فاغتم داود عليه السلام فأوحى الله عز وجل إليه: يا داود قد وهبت لك خطيئتك وألزمت عار ذنبك بني إسرائيل، قال: يا رب كيف وأنت الحكم العدل الذي لا تجور؟
قال: لأنه لم يعاجلوك النكير، (3) وتزوج داود عليه السلام بامرأة أوريا بعد ذلك، فولد له منها سليمان عليه السلام، ثم قال عز وجل: " فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب ".
تب يا داود، فقال: أي رب وأنى لي بالتوبة؟ قال صر إلى قبر أوريا حتى أبعثه إليك (2) واسأله أن يغفر لك فإن غفر لك غفرت لك، قال: يا رب فإن لم يفعل؟ قال: أستوهبك منه، فخرج داود عليه السلام يمشي على قدميه ويقرأ الزبور وكان إذا قرأ الزبور لا يبقى حجر ولا شجر ولا جبل ولا طائر ولا سبع إلا يجاوبه حتى انتهى إلى جبل وعليه نبي عابد يقال له حزقيل فلما سمع دوي الجبال وصوت السباع علم أنه داود، فقال: هذا النبي الخاطئ، فقال داود: يا حزقيل أتأذن لي أن أصعد إليك؟ قال: لا، فإنك مذنب، فبكى داود عليه السلام فأوحى الله عز وجل إلى حزقيل: يا حزقيل لا تعير داود بخطيئته، وسلني العافية، فنزل حزقيل وأخذ بيد داود وأصعده إليه، فقال له داود: يا حزقيل هل هممت بخطيئة قط؟ قال: لا، قال: فهل دخلك العجب مما أنت فيه من عبادة الله عز وجل؟ قال: لا، قال: فهل ركنت إلى الدنيا فأحببت أن تأخذ من شهواتها ولذاتها؟ قال: بلى ربما عرص ذلك بقلبي، قال فما تصنع؟ قال: أدخل هذا الشعب فأعتبر بما فيه، قال: فدخل داود عليه السلام الشعب فإذا بسرير من حديد عليه جمجمة بالية، وعظام نخرة، (3) وإذا لوح من حديد وفيه مكتوب، فقرأه داود فإذا فيه: أنا أروى بن سلم، ملكت ألف سنة، وبنيت ألف مدينة وافتضضت ألف جارية، وكان آخر أمري أن صار التراب فراشي، والحجارة وسادي، و الحيات والديدان جيراني، فمن يراني فلا يغتر بالدنيا، ومضى داود حتى أتى قبر أوريا فناداه فلم يجبه، ثم ناداه ثانية فلم يجبه، ثم ناداه ثالثة فقال أوريا: مالك يا نبي الله لقد شغلتني عن سروري وقرة عيني؟ قال يا أوريا اغفر لي وهب لي خطيئتي، فأوحى الله عز وجل: يا داود بين له ما كان منك، فناداه داود فأجابه في الثالثة فقال: يا أوريا فعلت كذاوكذا، وكيت وكيت، (1) فقال أوريا أيفعل الأنبياء مثل هذا؟! فناداه فلم يجبه، فوقع داود عليه السلام على الأرض باكيا، فأوحى الله عز وجل إلى صاحب الفردوس ليكشف عنه، فكشف عنه، فقال أوريا: لمن هذا؟ فقال لمن غفر لداود خطيئته، فقال: يا رب قد وهبت له خطيئته، فرجع داود عليه السلام إلى بني إسرائيل وكان إذا صلى قام وزيره يحمد الله ويثني عليه، (2) ويثني على الأنبياء عليهم السلام ثم يقول: كان من فضل نبي الله داود قبل الخطيئة كيت وكيت، فاغتم داود عليه السلام فأوحى الله عز وجل إليه: يا داود قد وهبت لك خطيئتك وألزمت عار ذنبك بني إسرائيل، قال: يا رب كيف وأنت الحكم العدل الذي لا تجور؟
قال: لأنه لم يعاجلوك النكير، (3) وتزوج داود عليه السلام بامرأة أوريا بعد ذلك، فولد له منها سليمان عليه السلام، ثم قال عز وجل: " فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب ".
تعليق