لايسعنا وانا في هذا البحث ان نتحدث عن صلح الحسن(ع) في تحليل مفصل عن تاريخه وجذوره ومعطياته وما قدمه من مقدمة مهمة لانجاز الثورة الحسينية ’ لكننا نمر مرورا سريعا ملخصا حول مافي ذلك الصلح العظيم من خلفيات ونتائج كبيرة تحققت للاسلام والمسلمين
الوضع السياسي والاجتماعي في الوقت الذي تسلم الحسن الخلافه فيه
تسلّم الإمام الحسن(ع) مقاليد أمور الخلافة بعد استشهاد الإمام علي(ع)، حيث كانت البلاد التي يسيطر عليها تعج بالفوضى والاضطرابات، لا سيما من جانب معاوية بن أبي سفيان، الذي كان قد استأثر ببلاد الشام فجمع أسباب الثروة والقوة وأعد العدة وجهّز الجيوش لمقارعة الإمام الحسن(ع)، .
ابتداءا الإمام الحسن (ع) نهض للأمر بعد ما أصبح خليفة للمسلمين، وقد أدرك الإمام الحسن(ع) منذ الأيام الأولى لخلافته أن معاوية يستعد لحربه ويحاول الإيقاع به، فمثلا دسّ رجلاً من حمير إلى الكوفة، ورجلاً من بني القين إلى البصرة، ليكتبا إليه بالأخبار ويفسدا على الحسن(ع) أمره، فكشف(ع) أمرهما وعاقبهما بالقتل، وكتب إلى معاوية "أما بعد، فإنك دسست الرجال للاحتيال والاغتيال، وأرصدت العيون كأنك تحب اللقاء، وما أوشك ذلك، فتوقعه إن شاء الله وبلغني أنك شمت بما لا يشمت به ذو الحجى".
معلوم انه بعدما قتل الامام علي (ع) توجهت الامة بنظرها نحو الامام الحسن(ع) باعتباره الامام الثاني للمسلمين وقد كان مهد الشيعه هو الكوفه .
في حين كان معاويه قد وصل لدرجه تضخم كبيرة في عدد جيشه وقوته والملتفين حوله وفي حركته الاجتماعية عادت الجاهليه السافره التي تسعى الى ان تهيج الوضع العام في الكوفه ومن هنا لعب المنافقون في الكوفه الدور الكبير في اصدار اشاعات تطيح العقيدة المرتبطة بعلي واولاده (ع) و كذلك ما حصل انذاك من خيانه بعض زعماء العشائر للامام الحسن (ع) مما دعا لنشوء عشرات الاشاعات التي صدرت من افواه كاذبه وكلها توجه الناس ضد الحسن (ع) .
في البدأ كان الحسن قد عزم على محاربه معاويه والسير معه على اسلوب ابيه (ع) في موقفه تجاه البغاة ويذكر المؤرخون انه فعلا قد جهز جيشه من ناحيه العدد والعده .
ولكن هل سيبقى الجيش على ماهو عليه ؟
وهل سيمتد معاويه بلسانه الكاذب المسموم في داخل الكوفه ويسمم عقول بعض اهلها ؟
وهل يبقى الحسن وحيد ومعه مئات محددة امام جيش جرار من عشرات الألوف ؟
ورغم كل التفاصيل المؤسفة قام الحسن(ع) بحملة واسعة في الأقطار التي يسيطر عليها من فارس وخراسان واليمن والحجاز والكوفة والعراق، فبعث بعدد من رسله إلى حكام هذه المناطق يطلب منهم الاستعداد للقتال، وأرسل إلى معاوية كتاباً آخر ينصحه فيه ويبصره عواقب الأمور، ويدعوه فيه إلى الابتعاد عن الحرب والقتال لحفظ الأمة وصيانتها وقد جاء في كتابه:
"من الحسن بن علي أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان، سلام عليك. فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد: فإن الله جلّ جلاله بعث محمداً رحمة للعالمين ومنّة للمؤمنين..
ثم قال : فاليوم فليتعجب المتعجب من توبتك يا معاوية على أمر لست من أهله، لا بفضل في الدين معروف، ولا أثر في الإسلام محمود، وأنت ابن حزب من الأحزاب وابن أعدى قريش لرسول الله(ص) ولكتابه...
ثم كان قوله(ع): "فدع التمادي في الباطل، وادخل فيما دخل فيه الناس من بيعتي فإنك تعلم أني أحق بهذا الأمر منك عند الله وعند كل أواب حفيظ، ومن له قلب منيب، واتق الله ودع البغي، واحقن دماء المسلمين".
ثم قال: "وإن أبيت إلا التمادي في غيّك، سرت إليك بالمسلمين فحاكمتك حتى يحكم الله بيننا، وهو خير الحاكمين".
*****************
جيش الحسن(ع):
في البدأ استنفر الإمام الحسن(ع) الناس للقتال، وأعلن الجهاد حيث قال: "أما بعد، فإن الله كتب الجهاد على خلقه وسمّاه كرهاً"، ثم قال لهم: "اصبروا، إن الله مع الصابرين. إنه بلغني أن معاوية بلغه أنّا كنا أزمعنا المسير إليه فتحرك، لذلك اخرجوا رحمكم الله إلى معسكركم في النخيلة حتى ننظر وتنظرون ونرى وترون".
كان معاوية قد قام بالدس إلى القادة والأمراء في جيش الحسن(ع)، يمنّيهم بالأموال والعطايا والجاه والمناصب إذا ما ابتعدوا عنه. فقبل هذا العرض كثيرون والتحقوا بمعسكر معاوية.
جيش الإمام الحسن(ع) كان تسيطر عليه الانقسامات، فكان بين شيعة له ولأبيه، وخوارج وأصحاب فتن ومصالح انقادوا لرؤساء قبائلهم وعشائرهم،
حتى يؤكد التاريخ أن جماعة من رؤساء القبائل كتبوا إلى معاوية بالسمع والطاعة له في السر، واستحثوه على المسير نحوهم، ووعدوا بتسليم الحسن(ع) إليه عند دنوهم من عسكره.
ترك هذا الانسلال أثراً سلبياً على حركة الإمام الحسن، وأحدث إرباكاً في صفوف جيشه، وكان باعثاً على إيجاد حال من التخاذل وعدم نصرة الإمام، وهكذا كانت طريقاً لانسلال عدد من القادة الآخرين مع جنودهم.
بدأ الحسن(ع) يجمع جيشه في الوقت الذي كان فيه معظم ذلك الجيش ينطوي على اناس ركيكي العقيده وركيكي الايمان وقد شهد انسحابات كثيرة وانقلابات عديدة
فمثلا انسحب عبيد الله عباس لمعاويه ومعه ثقل كبير من داخل جيش الامام الحسن (ع) وهو ابن عم الإمام الحسن(ع)، وكان قد بعثه على قيادة جيش من اثني عشر ألفاً نحو معاوية، بينما توجه هو بجيشه إلى المدائن وأقام معسكره هناك، فأرسل معاوية موفداً إلى عبيد الله خفية يعرض عليه ألف ألف درهم (مليون درهم) إن قبل أن ينفض يديه من هذه الحرب، على أن يدفع له نصف المبلغ في معسكره، إذا أتى إليه، والنصف الآخر في الكوفة، فالتحق بمعسكر معاوية كما يذكر التاريخ .
ومن بقي من المرجفين داخل الجيش في الكوفه انما يكونون جو من الاشاعات تسعى ان تؤثر في البقيه الباقيه حتى صفى للحسن (ع) بضع الالاف من جيشه امام عشرات الالاف من جيش معاويه .
لقد تسمم فكر الجيش (الحسني طبعا) تسمما جعله يتناثر تناثرا لاحدود له اذ لم يبق للحسن سوى اعداد ليست كافيه ابدا لأن يحارب بهم معاوية (لع)
اذن ماذا كان المفروض ان يصنع الحسن (ع) هل يبيد جيشه( المقصود بجيشه فقط المخلصين وهم اللبنةالاولى للتشيع ) بحرب محسومه من اول وهلة ؟
وينتهي وجود الشيعه في ذلك
و يلتزم بما سعى اليه خط من الكاذبين الذين يريدون ان يوقعوا للاجهاز على التشيع في محاربته معاويه ؟
من هنا نعلم انه قد دفع الحسن الى الصلح اندفاعا وكان قراره صائبا جدا.
ملحوظه: ياحبذا مراجعه المستندات التأريخيه التي تتحدث عن صلح الحسن للاطلاع على هذه الحقائق بالارقام.
*****************
كيف كان صلح الحسن ؟
صلح الحسن كان القرار الوحيد امام الامام الحسن (ع) فلا بد له من اتخاذه لتحقيق المصلحة الالهية ورعاية المصلحة العامة وكان الصلح وثيقه عقد بينهما على شروط قيد بها الحسن معاويه تقيدا فعليا حتى يتحول معاويه الى اداة بيد الحسن (ع) – بناء على تلك الشروط -
والتحليل الصحيح للشروط والنظرة العامة تثبت لنا ما يلي:
1- ان معاويه مجرد شكل حاكم لا غير وبما قيده به الصلح من التزامات
2- ان معاويه لو حاربه الامام لأنتصر معاوية ولاخذ الامر على ما يريد فيقتل ويفعل ما يريد لكن الصلح اعطاه الحكم وقيده شروطا وحتى كأن الامام هو الحاكم وهو الامر و السلطان
3- ليس المهم عرش الشام او الكرسي انما المهم هو عرش القلوب فالحسن يحكم الناس بقلوبهم لا بسوطه وسيفه وشرطته لذلك بعد صلح الحسن وواقعه الطف تهافت الالاف الى المذهب الشيعي (او الجعفري) كما اثبت التاريخ
تعليق