زليخا
تعد زوجة عزيز مصر من اهم شخصيات قصة يوسف(ع) وقد تعمد الكاتب للمسلسل الدرامي ان يسلط الضوء على دور امرأة لتكون بطلة الى جانب شخصية (ع)شأنه شأن اي عمل درامي تلفزيوني ، حتى ان البعض قد وجه النقد للكاتب بسبب المبالغة في تسليط الضوء على شخصية زليخا، ولكن احب ان الفت نظر القاريء الكريم الى نكتة لطيفة تلمستها من خلال المشاهد والحوارات الذي ضمنت شخصية زليخا، فالواضح ان انفاق فترات ليست قليلة لدور تلك الشخصية لا يخلو من فلسفة باطنية اراد كاتب الحوار ان يوصلها الى المتلقي بطريقة غير مباشرة ، لنتذكر مثلا" المشاهد التي تخصها حين وبختها نديمتاها(تاما وتياميني) على مكوثها الطويل في انتظار مجيء يوسف حيث اجابتهما بكلمات تحرك الاحساس داخل المتلقي قالتلماذا لا تفهمان اني لم يبقى لي من يوسف سوى انتظاره ؟وعلى هذا الامل ان اصحو كل صباح لكي انتظر مجيئه!)، ان تلك الكلمات تداعب مشاعر المؤمن المنتظر لقدوم امامه الغائب، فلحظات عشق زليخا تذكر المنتظر بالعشق الذي لا يجب ان يغفل عنه لحظة واحدة ..وانتظار زليخا لمجيء يوسف يذكرنا بانتظار العذارى للعريس في مثل السيد المسيح الذي يضربه لتلاميذه عن الكيفية التي يجب ان يكون عليه الذي يرجو الخلاص..ان المؤمن الحقيقي لا يفقد املا" وان طال به الانتظار سنينا" طوال كما ان زليخا" لم تفقد املا" في قصر قوديفار المظلم، هي نفسها قالتزليخا ..لا تفقد املا"..) ، ان اصدق ما تجسده شخصية زليخا بالاضافة الى شخص المؤمن المنتظر هو تلك المدينة المقدسة (اورشليم) التي كانت ولا زالت منتظرة لمخلصها من براثن حلبة الصراع بين الجيوش والعساكرالتي توالت عليها عبر العصور، فالانجيل يحكي ان السيد المسيح قد تحسر حين مر بقربها وهو ينظر بعين الحزين الى مستقبلها المظلم فقال مخاطبا" اياها:وَفِيمَا هُوَ يَقْتَرِبُ نَظَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَبَكَى عَلَيْهَا 42 قَائِلاً:«إِنَّكِ لَوْ عَلِمْتِ أَنْتِ أَيْضًا، حَتَّى فِي يَوْمِكِ هذَا، مَا هُوَ لِسَلاَمِكِ! وَلكِنِ الآنَ قَدْ أُخْفِيَ عَنْ عَيْنَيْكِ. 43 فَإِنَّهُ سَتَأْتِي أَيَّامٌ وَيُحِيطُ بِكِ أَعْدَاؤُكِ بِمِتْرَسَةٍ، وَيُحْدِقُونَ بِكِ وَيُحَاصِرُونَكِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ، 44 وَيَهْدِمُونَكِ وَبَنِيكِ فِيكِ، وَلاَ يَتْرُكُونَ فِيكِ حَجَرًا عَلَى حَجَرٍ، لأَنَّكِ لَمْ تَعْرِفِي زَمَانَ افْتِقَادِكِ».لقد بكى المسيح على المدينة المقدسة وهي بدورها بكت كثيرا" وما زالت تبكي حتى اللحظة شوقا" اليه كما بكت زليخا ويبقى امل المدينة المقدسة ان تحظى بخاتمة كما حظت بها زليخا بلقاء يوسف وهو امل ليس ببعيد وهو وعد السماء لها على لسان يوحنا اللاهوتي فقد ورد في سفر الرؤيا 21: 2 »وأنا يوحنا رأيت المدينة المقدسة أورشليم الجديدة نازلة من السماء من عند الله مهيَّأة كعروس مزينة لرجلها)..ان العاقبة الحسنة التي ختم الله بها لأمرأة العزيز هي الخاتمة الموعودة للمدينة المقدسة واعني بها(القدس) او (اورشليم) وهي مكافئة لها على صبرها وتحملها فراق يوسف آخر الزمان لسنوات طوال .لقد كانت شخصية زليخا تحمل بين طيات حواراتها وتقلباتها معان عديدة يستخلصها المتابع بشيء من الرمزية الواضحة ومن خلالها يفهم الهدف الذي حدى بالكاتب الى الوقوف عندها في غير مناسبة ، حقا" انها شخصية فريدة كانت احدى اسباب نجاح العمل الدرامي الكبير لفرج الله سلحشور.
تعليق