لا شك ان من واجب الانبياء وتكليفهم الدفاع عن المستضعفين والمحرومين ، ولا شك ان الانبياء دافعوا ووقفوا الى جانب المستضعفين ضد المستغلين والظالمين ولكن هذه المعركة الاساسية والمحورية في حركة الانبياء وليست هي محور الصراع وحركة الانبياء وانما محور هذه الحركة والصراع هو بين (التوحيد والشرك ) وقد كان انصار التوحيد في حركة الانبياء في الغالب من الطبقة المستضعفة والمحرومة وكان ائمة الكفر والمدافعون عنهم في الغالب من الطبقة المستغلة والمستثمرة .وهذه حقيقة نشك فيها ، ولا نشك ، ولكن التسليم بهذه الحقيقة لا يعني تغيير محور الصراع واستبداله بمحور اخر . والذي يقرأ القران بأمعان ويستعرض حركة الانبياء ومسار التاريخ في كتاب الله ويجرد نفسه وفكره عن المسبقات الذهنية لا يشك للحظة واحدةان التأريخ هو الصراع وان محور هذا الصراع هو المواجهة بين التوحيد والشرك . وبناءاً على ذلك فالصراع التأريخي بين الروم وفارس قبل الاسلام والذي كان يحتل مساحة واسعة من الارض والجهود والاموال والدماء ليس من التأريخ ، ولكن الصراع الذي كان يجري في( مكة ) في رقعة نائية من الارض غير ذات زرع بين رسول الله (ص) وابي سفيان وابي جهل وابي لهب من مردة قريش في القرن السادس من الميلاد كان من صلب التأريخ رغم ان هذا الصراع كان يجري في غياب تام من الرأي العام العالمي ولم يكن يومئذ يلفت نظر احد. ولا يستقطب اهتمام احد من الحكام ورؤساء الانظمة في العالم المتحضر ذلك ان التاريخ هو حركة الانسان الى الله تعالى (( يا ايها الانسان انك كادح الى ربك كدحاً فملاقيه )).ان حركة الانبياء ترسم لنا المعنى الحقيقي لـ( الصراع ) و( التأريخ ) وترسم سنن الصراع في جبهة التوحيد وجبهة الشرك ، وما يتطلبه الصراع من الصبر والتضحية والعطاء في كل من الجبهتين وما يتخلل الصراع الوان المحنة والعذاب وما يتعقب الصراع من نصر القلة المؤمنة وسقوط جبهة الكفر والشرك وما يرافق الصراع من تساقط وتخاذل في صفوف انصار الحق ، ومن يتبادل المواقع في كل من الجبهتين وما يتخلل المواجهة من تأييد الله تعالى ودعمه وتسديده للقلة المؤمنة في المعركة ، وما يأمر به الله تعالى هذه القلة المؤمنة من الصبر والصلاة والمقاومة والذكر في هذه المعركة الضارية من هزائم وانتكاسات في صفوف المؤمنين بين حين واخر ، وما يتعقب النصر في صفوف المؤمنين من اعراض وامراض بعد ان ينتقل دعاة التوحيد الى ساحل الامان والسلام . ومن العجب ان الذين يتساقطون من دعاة التوحيد بعد عبور المحنة الى شاطيء النصر اكثر ممن يتساقطون منهم في عباب المحنة ومخاض الابتلاءات الصعبة.ان ينتقل دعاة التوحيد الى ساحل السلامة بعد خوض امواج البلاء والمحنة فان من دعاة التوحيد من يجتاز امواج المحنة بسلام فأذا بلغ ساحل النجاة صرعه الشيطان وسقط صريعاً على ساحل النجاة ، والذين يسقطون على الساحل لا يقلون عن الذين يهلكون في عباب المحنة والابتلاء ، اذا كانوا لا يزيدون وهذه النقطة من غرائب مسائل الصراع والمواجهة . فان الذين سقطوا من بني اسرائيل في محنة مواجهة (فرعون) وجندة قليلون ، ولكن الذين سقطوا منهم بعد أن اجتازوا ووصلوا الى ساحل الامان وسلموا من ارهاب فرعون كثيرون وقد قال لهم امير المؤمنين (ع) عندما عاب اليهود المسلمين على اختلافهم بعد رسول الله (ص) : (لم تجف اقدامكم من ماء البحر حت عبدتم العجل ولا ريب ان محنة بني اسرائيل بعد النصر من اعظم المحن في تأريخ التوحيد ) . والقران الكريم يحدثنا عن هذه القضايا جميعاً وعن غيرها من شؤون الصراع والمعركة الضارية بين التوحيد والشرك ، ويرى ان هذا هو (التأريخ) وان التأريخ هو مسار حركة الانسان -نوع الانسان - الى الله . وقصة موسى بن عمران (ع) من اهم احداث التأريخ في القران ويبلغ اهتمام القران بأحداث حياة هذا العبد الصالح حداً عجيباً ، ولا نعرف قصته في القران اخذت اهتمام القران ما اخذته هذه القصة المثيرة ويستعرضها القران فصلاً بصورة دقيقة ومن خلالها يطرح القران جملة من القوانين والسنن الالهية ، ولكن في يومنا هذا ان اشبه شيء بهذه القصة هي قضية الامام المهدي (ع) وقضية وزيره عليهم السلام اذ يمرون بهذه الصراعات نفسها لأنهم يأتون بما اتى به الانبياء الذين سبقوا هذه المرحلة وما مر به الرسل والاوصياء ففي قضية الامام المهدي (ع) والذي يمثل هنا النبي موسى عليه السلام ووزيره الذي يمثل وصي موسى الا وهو هارون عليه السلام اذ يرسل الامام المهدي وزيره الى هذه الامة فيجد انهم عبدوا العجل كقوم فرعون وجعلهم الله يتخبطون هذه الفترة الماضية كلها وتاهوا في الارض اذ لا يعرفون امامهم اين هو بالرغم من وجوده بينهم لكن ذنوبهم وعبادتهم لرهبانهم كقوم بني اسرائيل مما جعلنا اليوم نتخبط فلا نعرف الحق من الباطل ولا نعرف معنى التوحيد والشرك اذ اصبح عندنا الشرك خفي بدون ان نعلم به او نستشعره فيرسل الينا الامام المهدي (ع) بأمر من الله تعالى وزيره والممهد له والذي تحدثت عنه الروايات والاحاديث الا وهو اليماني الموعود والذي بمنزلة هارون اي بمنزلة علي (ع) من محمد (ص) وبما ان في الرجعة الروحية ترجع روح الامام علي (ع) لتسدد وزير الامام اليماني الموعود ، و ورح النبي محمد (ص) تسدد الامام المهدي (ع) وبما ان محمد (ص)وعلي(ع) كموسى وهارون كما قال رسول الله (ص) في حديث له : ( يا علي انت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي ) اذاً سترجع سنة موسى الا وهو الامام المهدي ووزيره هارون وهو اليماني الموعود وسيبدأ الصراع من جديد بين التوحيد وهو الوزير ، والشرك وهم علماء السوء والتابعين لهم حتى يسلم الراية وزير الامام المهدي (ع) الى الامام المهدي (ع) بعد ان يجمع وزير الامام المهدي (ع) الانصار الموحدون المستضعفين الذين ينتظرون من ينقذهم اذ سيكون الاستكبار في حالة طغيان فبقدر ما يكون حجم التحديات التي تسلبهم سلطانهم ونفوذهم وعلى نحو العموم تقترن حالة التحدي بأرهاصات قوية تبشر وتنذر بولادة التحدي وهذه تكون نتيجة لوعي سياسي فطري لدى الجمهور بضرورة تدخل الارادة الالهية لأنقاذ البشرية من السقوط الحتمي ، ونتيجة لتبشير الانبياء السابقين وقد كان الامر كذلك في عصر ظهور رسالة موسى (ع) فان المستضعفين من بني اسرائيل كانوا ينتظرون ظهور منقذ في تلك الفترة ينقذهم من ظلم فرعون وارهابه وكما كان الامر كذلك قبل بعثة خاتم الانبياء وكذلك الان في زمن ظهور الممهد للامام المهدي (ع)( وهو يعتبر النافذة الوحيدة للامل في حياة الامم المستضعفة والمغلوبة على امرها ومن خلاله يكن الامداد الروحي بين الامام المهدي (ع) وبين الامة المستضعفة في فترة الدعوة قبل ظهوره التام المقدس (ع) حتى يأذن الله تعالى بظهوره المقدس وقيام دولة العدل الالهي ونصرة جيشه ، الجيش الذي يعده وزيره اليماني اذ تكون الغلبة للقلة المؤمنة الصابرة الذين امرهم الله تعالى في كتابه الكريم قوله (( واستعينوا بالصبر والصلاة ...)) والصبر والصلاة هما اهم عنصرين من عناصر النصر في هذه المعركة الفاصلة جعلنا الله واياكم من انصاره واتباعه والمستشهدين بين يديه في دولة كريمة يعز الله بها الاسلام واهله ويذل بها النفاق واهله
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
الصراع بين التوحيد والشرك في قضية الامام المهدي_ع
تقليص
X
تعليق