... وقد ملئت ظلماً وجورا ... أرجو المتابعة
يثيرني دائما لجوء المستبعدين لكون أن هذا العصر هو عصر الظهور المقدس الى عبارة ( ان الأرض لم تملأ ظلما وجورا الى الآن .!! اذ لا يزال هناك اناس يحملون صفات الخير وبذرته وبالتالي فان أوان ظهور الإمام(ع) لم يحن بعد
ولا اعرف في هذا المقام بالذات ، ما المراد بالخير والصلاح (على وجه التحديد ) بما يحقق امكانية الاستدلال على وجوب استمرار الغيبة لعدم امتلاء الأرض بالذي يرونه شرطا أساسيا للظهور
والأدهى من ذلك .. تطوع فرقة من المتدينين ( السلوكيين ) لنشر الفساد في الأرض تعجيلا لظهوره (ع) بملئها ظلما وفسادا وجورا.. وليت هؤلاء كانوا من العوام اذن لهان ما يتأولون ولكنهم على درجة من العلم أو على الأقل هذا ما يدعون
وهنا لابد من التساؤل .. اذا كان الشرط الأساس لظهوره ( ع ) هو امتلاء الأرض ظلما وجورا .. فلماذا تلك العلامات الحتمية وغير الحتمية ؟.. كشروق الشمس من مغربها واليد في السماء والكوكب الدري بالإضافة الى السفياني واليماني واثنا عشرة راية وما الى ذلك .. ومن قبل ذلك .. اذا كان امتلاء الأرض ظلما شرطا لظهوره (ع)
فما سبب غيبته اذن ؟؟
وهل هناك ظلم أكبر من أن يموت خير من عليها مسموما على يد امرأة يهودية أو بيد سواها ؟!! .. وهل هناك ظلم أكبر من قتل سيدة نساء العالمين بين الحائط والمسمار واسقاطها بعد حرمانها من ميراث ابيها ..؟ أو مقتل الولي المرتضى بالسيف بيد اشقى الأولين والآخرين ؟
وكذا الأئمة من بعده ما بين منحور بالسيف أو مسموم ؟ حتى ان الإمام نفسه وخلال السنين الخمس الأولى من عمره الشريف تعرض للمحن اثر المحن وكانت اعظمها عليه اغتيال والده الإمام العسكري (ع) مسموما وصولة عمه للهيمنة على مقاليد الإمامة ، ومن ثم تواتر هجمات رجالات الخليفة العباسي على داره لأخذه اسيرا للسجون كآبائه (عليهم السلام ) من قبل ، فاذا لم تكن الأرض بذلك كله قد امتلأت ظلما وجورا ..؟
فان اهراق دم كل من عليها لن يملأها ظلما .
فهل هناك شرط اساسي فعلا للظهور المقدس ؟
لا اريد هنا ان ادعي علما .. او اتصدى لما لا يحق لغير المعصوم ان يتصدى له من حيث ان علمه ملكوتي علوي لا كعلمنا الذي لا يتجاوز قدرات عقلنا القاصر، كما اني لن احاول ان اقيس ( والعياذ بالله ) او استنبط اجتهادا .. وانما سآخذ بظاهر النص ليقيني بتعذر باطنه على اعلى امكاناتي ، وهذا ما دفعني في عنوان البحث الى رجاء المتابعة ..
فالفلسفة الظاهرة للعدد ( 313 ) تشير الى ان هذا العدد بالذات يستوجب من خليفة الله على ارضه ان ينهض للجهاد ضد اعداءه ولله ان ينصره او يفعل ما يشاء ولنا على ذلك ادلة ( ظاهرة ) مثل :
اولا : ما جاء في تفسير قوله تعالى " فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ غڑ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ غڑ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ غڑ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ غ— وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ( 249 البقرة)"
جاء في تفسير ابن كثير "وقد روى ابن جرير من طريق إسرائيل وسفيان الثوري ومسعر بن كدام عن أبي إسحاق السبيعي ، عن البراء بن عازب قال : كنا نتحدث أن أصحاب محمد صلى الله عليه (وآله) وسلم الذين كانوا يوم بدر ثلاثمائة وبضعة عشر على عدة أصحاب طالوت الذين جازوا معه النهر ، وما جازه معه إلا مؤمن . ورواه البخاري عن عبد الله بن رجاء عن إسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق عن البراء قال " كنا أصحاب محمد صلى الله عليه(وآله) وسلم نتحدث أن عدة أصحاب بدر على عدة أصحاب طالوت ، الذين جازوا معه النهر ، ولم يجاوز معه إلا مؤمن بضعة عشر وثلاثمائة " .
وجاء في تفسير العياشي- عن أبى بصير عن أبى جعفر عليه السلام في قول الله " ان الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس منى " فشربوا منه الا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، منهم من اغترف ومنهم من لم يشرب، فلما برزوا قال الذين اغترفوا " لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده " وقال الذين لم يغترفوا " كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين " (2). 444
ان القليل الذين لم يشربوا منه كانوا ( 313 ) مقاتلا .. لذا لم يسقط عنهم الجهاد بل ثبت عليهم وقد نصرهم الله على قلتهم كما في الآية .
ثانيا : ان المسلمين وبعد هجرتهم الى المدينة طلبوا من الرسول (ص) ان ينهض بهم لجهاد قريش وقتالهم بعدما بلغهم من استيلاء المشركين على ما خلفوه وراءهم في مكة ، وقد كان الرسول صلوات الله وسلامه عليه يرسل المجموعات الصغيرة في طريق قوافل قريش دون التحام حقيقي حتى اذا بلغ عدة انصاره ( 313 ) جاءه الأمر بحرب المشركين .. جاء في تفسير العياشي- عن أبى بصير قال: قرأت عند أبى عبد الله عليه السلام " ولقد نصركم الله ببدر وأنتم اذلة " فقال: مه ليس هكذا أنزلها الله انما انزلت وأنتم قليل (4). 134 - عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سأله أبى عن هذه الآية " لقد نصركم الله ببدر وأنتم اذلة " قال: ليس هكذا أنزله الله ما أذل الله رسوله قط انما انزلت وانتم قليل (5). عن عيسى عن صفوان ابن سنان مثله (6) 135 - عن ربعى بن حريز عن أبي عبد الله عليه السلام انه قرأ " ولقد نصركم الله ببدر وأنتم ضعفاء " وما كانوا اذلة ورسول الله فيهم عليه وعلى آله السلام (7) 136 – فيظهر أن هذه العدة أقل ما يجب عندها القتال وهذا ثابت من السيرة النبوية الشريفة.
ثالثا : بالرغم من عدم ذكر هذا العدد تحديدا في قضية نهوض امير المؤمنين (ع) بعد رحيل الرسول (ص) حيث تذكر بعض الروايات ان الوصية حددت ( 40 ) رجلا لقيام الإمام علي (ع) بالأمر، فانه لا يسعني افتراض كذب الرواية (معاذ الله ) بل سأكتفي بالقول ان امير المؤمنين لم يؤذن له بالقيام على شجاعته لعدم اكتمال عدة الرجال للجهاد . ففي تفسير العياشي (( عن ابى جعفر عليه السلام " ما شأن أمير المؤمنين عليه السلام حين [ ما ] ركب منه ما ركب لم يقاتل ؟ فقال: للذي سبق في علم الله أن يكون ما كان لأمير المؤمنين عليه السلام أن يقاتل وليس معه الا ثلاثة رهط فكيف يقاتل ؟ ! ألم تسمع قول الله جل وعزه (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا) إلى (وبئس المصير) فكيف يقاتل أمير المؤمنين بعد هذا ؟ وانما هو يومئذ ليس معه مؤمن غير ثلاثة " رهط (3). 31 - عن أبى اسامة زيد الشحام قال: قلت لابي الحسن عليه السلام: جعلت فداك انهم يقولون ما منع عليا ان كان له حق أن يقوم بحقه ؟ فقال: ان الله لم يكلف هذا أحدا الا نبيه عليه وآله السلام قال له: (قاتل في سبيل الله لا تكلف الا نفسك) وقال لغيره (الا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة) فعلي (ع) لم يجد فئة، ولو وجد فئة لقاتل )) والفئة في آية قيام طالوت كما مر بنا ثلاثمائة وثلاثة عشر.
رابعا : امتناع الإمام الحسن (ع) عن محاربة جيش معاوية وسعيه للهدنة رغم ضخامة عدته وذلك لما استشعره من تخاذل اصحابه وتفرقهم عنه بعد الفتن المتلاحقة التي بثها الأعداء في صفوف جيشه.
خامسا : لم يعلن الإمام الحسين (ع) حالة الجهاد في لقاءه بجيش يزيد (لع) رغم تصريحه للتاريخ ان اهل بيته خير اهل بيت وان اصحابه خير اصحاب وقد كانت عدتهم ( 72 ) مقاتلا كما هو مشهور .. بل انه سأل القوم ان يتركوه ليذهب الى حيث يشاء ( وهو يعلم انهم لن يفعلوا ولكن من باب اقامة الحجة واسقاط العذر لئلا يقولوا بعد ذلك لو انه تراجع لتركناه ) فقد جاء في تاريخ ابي مخنف في خطبته (ع) " يا قوم اذا كرهتموني فدعوني انصرف عنكم الى ما شئت من الارض" وفي خطبته صباح يوم عاشورا لم يقل بان الله عز وجل قد اذن لهم بالجهاد بل قال "ان الله سبحانه وتعالى قد اذن في قتلكم وقتلي في هذا اليوم فعليكم بالصبر والقتال " أي أنه ( ع ) لم يخير بين الانسحاب والقتال فاختار القتال جهادا وانما خير بين مبايعة الدعي بن الدعي وبين القتل وقد بين (ع) موقفه بقوله ( ومثلي لا يبايع مثله ) و(لا) هنا اخبارية ( تفيد التأبيد) فلا سبيل عنده للبيعة وما كانوا ليدعوه دونها ، ولعل قتل ذي النفس الزكية في سبعين من المؤمنين في الكوفة من اشبه ما تكون بتلك مع الفارق اي انهم يدفعون للقتال دفعا لا خيار لهم فيه.
النتيجة : يمكن القول بان الروايات المتواترة عن نبي الرحمة صلوات الله وسلامه عليه من ان عدة اصحاب الإمام (ع) هي عدة مقاتلي موقعة بدر ليست تشبيها بين معركتين ولكن اشهارا لتلك العدة التي يسقط الجهاد عن خليفة الله في ارضه بانعدامها وقد جعلها المولى ضرورة لكل إمام لكي يصبح القيام واجبا عليه ، وتلك سنة مضت في الأولين وهي لا شك ماضية في صاحب العصر والزمان.
وعلى تواضع البحث ارجو المتابعة .. ونسأل الله السداد
يثيرني دائما لجوء المستبعدين لكون أن هذا العصر هو عصر الظهور المقدس الى عبارة ( ان الأرض لم تملأ ظلما وجورا الى الآن .!! اذ لا يزال هناك اناس يحملون صفات الخير وبذرته وبالتالي فان أوان ظهور الإمام(ع) لم يحن بعد
ولا اعرف في هذا المقام بالذات ، ما المراد بالخير والصلاح (على وجه التحديد ) بما يحقق امكانية الاستدلال على وجوب استمرار الغيبة لعدم امتلاء الأرض بالذي يرونه شرطا أساسيا للظهور
والأدهى من ذلك .. تطوع فرقة من المتدينين ( السلوكيين ) لنشر الفساد في الأرض تعجيلا لظهوره (ع) بملئها ظلما وفسادا وجورا.. وليت هؤلاء كانوا من العوام اذن لهان ما يتأولون ولكنهم على درجة من العلم أو على الأقل هذا ما يدعون
وهنا لابد من التساؤل .. اذا كان الشرط الأساس لظهوره ( ع ) هو امتلاء الأرض ظلما وجورا .. فلماذا تلك العلامات الحتمية وغير الحتمية ؟.. كشروق الشمس من مغربها واليد في السماء والكوكب الدري بالإضافة الى السفياني واليماني واثنا عشرة راية وما الى ذلك .. ومن قبل ذلك .. اذا كان امتلاء الأرض ظلما شرطا لظهوره (ع)
فما سبب غيبته اذن ؟؟
وهل هناك ظلم أكبر من أن يموت خير من عليها مسموما على يد امرأة يهودية أو بيد سواها ؟!! .. وهل هناك ظلم أكبر من قتل سيدة نساء العالمين بين الحائط والمسمار واسقاطها بعد حرمانها من ميراث ابيها ..؟ أو مقتل الولي المرتضى بالسيف بيد اشقى الأولين والآخرين ؟
وكذا الأئمة من بعده ما بين منحور بالسيف أو مسموم ؟ حتى ان الإمام نفسه وخلال السنين الخمس الأولى من عمره الشريف تعرض للمحن اثر المحن وكانت اعظمها عليه اغتيال والده الإمام العسكري (ع) مسموما وصولة عمه للهيمنة على مقاليد الإمامة ، ومن ثم تواتر هجمات رجالات الخليفة العباسي على داره لأخذه اسيرا للسجون كآبائه (عليهم السلام ) من قبل ، فاذا لم تكن الأرض بذلك كله قد امتلأت ظلما وجورا ..؟
فان اهراق دم كل من عليها لن يملأها ظلما .
فهل هناك شرط اساسي فعلا للظهور المقدس ؟
لا اريد هنا ان ادعي علما .. او اتصدى لما لا يحق لغير المعصوم ان يتصدى له من حيث ان علمه ملكوتي علوي لا كعلمنا الذي لا يتجاوز قدرات عقلنا القاصر، كما اني لن احاول ان اقيس ( والعياذ بالله ) او استنبط اجتهادا .. وانما سآخذ بظاهر النص ليقيني بتعذر باطنه على اعلى امكاناتي ، وهذا ما دفعني في عنوان البحث الى رجاء المتابعة ..
فالفلسفة الظاهرة للعدد ( 313 ) تشير الى ان هذا العدد بالذات يستوجب من خليفة الله على ارضه ان ينهض للجهاد ضد اعداءه ولله ان ينصره او يفعل ما يشاء ولنا على ذلك ادلة ( ظاهرة ) مثل :
اولا : ما جاء في تفسير قوله تعالى " فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ غڑ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ غڑ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ غڑ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ غ— وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ( 249 البقرة)"
جاء في تفسير ابن كثير "وقد روى ابن جرير من طريق إسرائيل وسفيان الثوري ومسعر بن كدام عن أبي إسحاق السبيعي ، عن البراء بن عازب قال : كنا نتحدث أن أصحاب محمد صلى الله عليه (وآله) وسلم الذين كانوا يوم بدر ثلاثمائة وبضعة عشر على عدة أصحاب طالوت الذين جازوا معه النهر ، وما جازه معه إلا مؤمن . ورواه البخاري عن عبد الله بن رجاء عن إسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق عن البراء قال " كنا أصحاب محمد صلى الله عليه(وآله) وسلم نتحدث أن عدة أصحاب بدر على عدة أصحاب طالوت ، الذين جازوا معه النهر ، ولم يجاوز معه إلا مؤمن بضعة عشر وثلاثمائة " .
وجاء في تفسير العياشي- عن أبى بصير عن أبى جعفر عليه السلام في قول الله " ان الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس منى " فشربوا منه الا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، منهم من اغترف ومنهم من لم يشرب، فلما برزوا قال الذين اغترفوا " لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده " وقال الذين لم يغترفوا " كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين " (2). 444
ان القليل الذين لم يشربوا منه كانوا ( 313 ) مقاتلا .. لذا لم يسقط عنهم الجهاد بل ثبت عليهم وقد نصرهم الله على قلتهم كما في الآية .
ثانيا : ان المسلمين وبعد هجرتهم الى المدينة طلبوا من الرسول (ص) ان ينهض بهم لجهاد قريش وقتالهم بعدما بلغهم من استيلاء المشركين على ما خلفوه وراءهم في مكة ، وقد كان الرسول صلوات الله وسلامه عليه يرسل المجموعات الصغيرة في طريق قوافل قريش دون التحام حقيقي حتى اذا بلغ عدة انصاره ( 313 ) جاءه الأمر بحرب المشركين .. جاء في تفسير العياشي- عن أبى بصير قال: قرأت عند أبى عبد الله عليه السلام " ولقد نصركم الله ببدر وأنتم اذلة " فقال: مه ليس هكذا أنزلها الله انما انزلت وأنتم قليل (4). 134 - عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سأله أبى عن هذه الآية " لقد نصركم الله ببدر وأنتم اذلة " قال: ليس هكذا أنزله الله ما أذل الله رسوله قط انما انزلت وانتم قليل (5). عن عيسى عن صفوان ابن سنان مثله (6) 135 - عن ربعى بن حريز عن أبي عبد الله عليه السلام انه قرأ " ولقد نصركم الله ببدر وأنتم ضعفاء " وما كانوا اذلة ورسول الله فيهم عليه وعلى آله السلام (7) 136 – فيظهر أن هذه العدة أقل ما يجب عندها القتال وهذا ثابت من السيرة النبوية الشريفة.
ثالثا : بالرغم من عدم ذكر هذا العدد تحديدا في قضية نهوض امير المؤمنين (ع) بعد رحيل الرسول (ص) حيث تذكر بعض الروايات ان الوصية حددت ( 40 ) رجلا لقيام الإمام علي (ع) بالأمر، فانه لا يسعني افتراض كذب الرواية (معاذ الله ) بل سأكتفي بالقول ان امير المؤمنين لم يؤذن له بالقيام على شجاعته لعدم اكتمال عدة الرجال للجهاد . ففي تفسير العياشي (( عن ابى جعفر عليه السلام " ما شأن أمير المؤمنين عليه السلام حين [ ما ] ركب منه ما ركب لم يقاتل ؟ فقال: للذي سبق في علم الله أن يكون ما كان لأمير المؤمنين عليه السلام أن يقاتل وليس معه الا ثلاثة رهط فكيف يقاتل ؟ ! ألم تسمع قول الله جل وعزه (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا) إلى (وبئس المصير) فكيف يقاتل أمير المؤمنين بعد هذا ؟ وانما هو يومئذ ليس معه مؤمن غير ثلاثة " رهط (3). 31 - عن أبى اسامة زيد الشحام قال: قلت لابي الحسن عليه السلام: جعلت فداك انهم يقولون ما منع عليا ان كان له حق أن يقوم بحقه ؟ فقال: ان الله لم يكلف هذا أحدا الا نبيه عليه وآله السلام قال له: (قاتل في سبيل الله لا تكلف الا نفسك) وقال لغيره (الا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة) فعلي (ع) لم يجد فئة، ولو وجد فئة لقاتل )) والفئة في آية قيام طالوت كما مر بنا ثلاثمائة وثلاثة عشر.
رابعا : امتناع الإمام الحسن (ع) عن محاربة جيش معاوية وسعيه للهدنة رغم ضخامة عدته وذلك لما استشعره من تخاذل اصحابه وتفرقهم عنه بعد الفتن المتلاحقة التي بثها الأعداء في صفوف جيشه.
خامسا : لم يعلن الإمام الحسين (ع) حالة الجهاد في لقاءه بجيش يزيد (لع) رغم تصريحه للتاريخ ان اهل بيته خير اهل بيت وان اصحابه خير اصحاب وقد كانت عدتهم ( 72 ) مقاتلا كما هو مشهور .. بل انه سأل القوم ان يتركوه ليذهب الى حيث يشاء ( وهو يعلم انهم لن يفعلوا ولكن من باب اقامة الحجة واسقاط العذر لئلا يقولوا بعد ذلك لو انه تراجع لتركناه ) فقد جاء في تاريخ ابي مخنف في خطبته (ع) " يا قوم اذا كرهتموني فدعوني انصرف عنكم الى ما شئت من الارض" وفي خطبته صباح يوم عاشورا لم يقل بان الله عز وجل قد اذن لهم بالجهاد بل قال "ان الله سبحانه وتعالى قد اذن في قتلكم وقتلي في هذا اليوم فعليكم بالصبر والقتال " أي أنه ( ع ) لم يخير بين الانسحاب والقتال فاختار القتال جهادا وانما خير بين مبايعة الدعي بن الدعي وبين القتل وقد بين (ع) موقفه بقوله ( ومثلي لا يبايع مثله ) و(لا) هنا اخبارية ( تفيد التأبيد) فلا سبيل عنده للبيعة وما كانوا ليدعوه دونها ، ولعل قتل ذي النفس الزكية في سبعين من المؤمنين في الكوفة من اشبه ما تكون بتلك مع الفارق اي انهم يدفعون للقتال دفعا لا خيار لهم فيه.
النتيجة : يمكن القول بان الروايات المتواترة عن نبي الرحمة صلوات الله وسلامه عليه من ان عدة اصحاب الإمام (ع) هي عدة مقاتلي موقعة بدر ليست تشبيها بين معركتين ولكن اشهارا لتلك العدة التي يسقط الجهاد عن خليفة الله في ارضه بانعدامها وقد جعلها المولى ضرورة لكل إمام لكي يصبح القيام واجبا عليه ، وتلك سنة مضت في الأولين وهي لا شك ماضية في صاحب العصر والزمان.
وعلى تواضع البحث ارجو المتابعة .. ونسأل الله السداد
تعليق