قال تعالى: ﴿ حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا ﴾ ( (149))
ء
وعن أمير المؤمنين (ع) قال : ( والله لا يكون ما تأملون حتى يهلك عليه المبطلون ويضمحل الجاهلون ويأمن المتقون وقليل ما يكون حتى لا يكون لأحدكم موضع قدمه وحتى تكونوا على الناس أهون من الميتة عند صاحبها فبينما أنتم كذلك إذا جاء نصر الله والفتح وهو قول ربي عز وجل في كتابه ﴿ حتى إذا استيئس الرسل ﴾) ( (150) ) .
كنا قد ذكرنا من ضمن أسباب وغايات الغيبة الكبرى للإمام (ع) أن تصل الأمة لدرجة كبيرة من الاستعداد للتضحية في سبيل الغرض المنشود وهو تطبيق حكم الله في جميع المعمورة ، وهذا الأمر لا يتأتى للأمة إلا بعد مواجهتها للكثير من المصاعب والمفاسد والظلم الاجتماعي بحيث تصل البشرية لمرحلة اليأس التام وهذا ما عُبر عنه في الروايات بامتلاء الأرض ظلماً وجوراً .
ولسوف تأتي الأيام بمصائب ومحن لا قبل للبشرية بها لدرجة أن يفضل الشخص الموت على الحياة من شدة ما يرى من انعدام الأمن وعظم البلاء وانتشار الفساد فلقد جاء عن رسول الله قوله : ( والذي نفسي بيده لا تذهب الدنيا حتى يمر الرجل على القبر فيتمرغ عليه ويقول يا ليتني كنت مكان صاحب هذا القبر ، وليس به الدين إلا البلاء ) ( (151) ) .
وعن أبي جعفر الباقر (ع ) قال : ( لا يقوم القائم عليه السلام إلا على خوف شديد من الناس وزلازل وفتنة وبلاء يصيب الناس وطاعون قبل ذلك وسيف قاطع بين العرب واختلاف شديد بين الناس وتشتت في دينهم وتغير في حالهم حتى يتمنى المتمني الموت صباحاً ومساء من عظم ما يرى من كلب الناس وأكل بعضهم بعضاً ، فخروجه إذا خرج يكون عند اليأس والقنوط من أن يروا فرجاً ، فيا طوبى لمن أدركه وكان من أنصاره ) ( (152) ) .
وإذا نظرنا إلى الروايات التي تتحدث عن البلاء في آخر الزمان واطلعنا عليها نجد هذا البلاء يتمثل في عدة وجوه : ـ
· تعاظم الظلم والجور والاضطهاد بين أبناء البشر وتعاظم الاستكبار العالمي وكثرة الحروب في جميع البلدان وتسلط الكفار والظلام على بلاد المسلمين :
فعن أبي سعيد الخدري عن رسول الله (ص) قال : ( لا يزال بكم الأمر حتى يولد في الفتنة والجور من لا يُعرف عندها ، حتى تملأ الأرض جوراً فلا يقدر أحد يقول الله ، ثم يبعث الله عز وجل رجلاً مني ومن عترتي فيملأ الأرض عدلاً كما ملأها من كان قبله جوراً ) ( (153) ) .
وعنه أيضاً (ص) قال : ( يصيب هذه الأمة بلاء حتى لا يجد الرجل ملجأ يلجأ إليه من الظلم ، فيُبعث إليه رجلاً من عترتي فيُملأ به الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً ) ( (154) ) .
وعن أبي عبد الله (ع) قال ( لا يكون هذا الأمر حتى يهلك تسعة أعشار الناس ) ( (155) )
أي بالحروب والقتل والقتال كما دلت على ذلك روايات أخرى .
تعليق