إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

التقليد بين فقهاء الشيعة وبابوات الكنيسة المسيحية(ح2)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • التقليد بين فقهاء الشيعة وبابوات الكنيسة المسيحية(ح2)

    الحلقة الثانية





    مصادر التشريع والعمل بالرأي




    تتجلى الفوارق الحقيقية بين الطوائف المسيحية لا سيما الكاثوليك والبروتستانت في عقائد تعد رئيسية يبتنى
    على اساساها نقاط الخلاف العظمى بين الفريقين المتنازعين عبر تأريخ المسيحية، فالبروتستانت الاوائل اكدوا على مسآءل خلافية عديدة يقف الايمان المسيحي على حافة القبول او التفريط بها بالنسبة لهم ، ومن تلك النقاط المفصلية هي اعتقاد البروتستانت بان الكتاب المقدس هو مصدر التشريع الوحيد بخلاف نظرائهم من الكاثوليك الذين اضافوا قبل عقود من الزمن سبقت ظهور ابناء لوثر تعاليم وآراء بابوات الكنيسة كمصدر تشريع رئيسي آخر يقف جنبا" الى جنب مع الكتاب المقدس، ويلتزم ابناء الحركة الانجيلية -او الانجيليون- بالتشديد على الاتباع الحرفي للكتاب المقدس شانهم شان البروتستانت الاوائل، ولنتعرف الآن على مصادر التشريع عند الكاثوليك والتي يسردها البطريرك مار اغناطيوس زكا الاول عيواص حيث يقولومصدر العقائد المسيحية هو الوحي الإلهي المعلن في أسفار الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، وفي التقاليد الكنسية الرسولية، والأبوية، المعطاة أساساً من الرب يسوع نفسه لرسله الأطهار، وتلاميذه الأبرار، الذين بدورهم سلّموها إلى خلفائهم فأعلنت في تعاليم هؤلاء، وقوانين المجامع المقدسة المعتمدة، وكتب الطقس البيعي، وهذه التعاليم موافقة كل الموافقة لتعاليم الكتاب المقدس)عن موقع البطريركية السريانيةالانطاكية.



    ان الخلاف الازلي -كما اوردنا في الحلقة الاولى - بين البروتستانت والكاثوليك حول مصادر التشريع له ارتبا وثيق بخلافات ابناء المدرسة الامامية -الاصوليين والاخباريين-حول الموضوع ذاته، فبعد ان شدد الاخباريين الشيعة على ضرورة اعتبار النصوص القرآنية الرواياتية هي المصدر الوحيد للتشريع الاسلامي ، عمد الاصوليين -كما فعل نظرائهم الكاثوليك والارذدوكس- الى استحداث او ابتداع مصادر تشريعية اخرى تقف في صف واحد مع الكتاب والسنة، فأصبحت مصادرهم تضم الكتاب والسنةالاجماع والعقل (او السيرة العقلائية او سيرة المتشرعة)، والعنصر الأخير الذي ابتدعه الاصوليون -تاثرا" بفقه اهل العامة-الا وهو العقل انما فتح الباب على عناصر محظورة في الفقه الاسلامي بشكل واضح وهي الراي والقياس ، وبالرغم من ورود النصوص الصريحة بحرمة التعامل بتلكم الادوات الا اننا نجد اعلام الفقه الاصولي يظربون تلك النصوص عرض الجدار ويجوزون العمل بالقياس حيث يقول السيد المرتضى -وهو من جهابذة الفكر الاصولي-في كتابه (الذريعة الى اصول الشريعة) في فصل سماه ((فصل في جواز التعبد بالقياس) قال اعلم انا إذا بينا ان القياس الشرعي يمكن ان يكون طريقا آلي معرفة الأحكام الشرعية ، فقد جرى القياس مجرى الأدلة الشرعية كلها من نص وغيره ، فمن منع - مع ثبوت ذلك - من ان يدل الله تعالى به كما يدل النص على الأحكام فهو مقترح لا يلتفت آلي خلافه ... فأما من أحال القياس لتعلقه بالظن الذي يخطئ ويصيب ، فالذي يبطل قوله: ان كثيرا من الأحكام العقلية والشرعية تابعة للظنون .)، وقد دعم المحقق الحلي جعفر بن الحسن ( 602 - 676) نظرية السيد المرتضى الأصولية (الاجتهادية) فقال في معارج الأصول) :· الأحكام اما تكون مستفادة من ظواهر النصوص المعلومة على القطع ... واما ان تفتقر آلي اجتهاد ونظر ، ويجوز اختلافه باختلاف المصالح . وشرح معنى الاجتهاد فقال :· الاجتهاد هو في عرف الفقهاء : بذل الجهد في استخراج الأحكام الشرعية ، وبهذا الاعتبار يكون استخراج الأحكام من أدلة الشرع اجتهادا لأنها تبتني على اعتبارات نظرية ليست مستفادة من ظواهر النصوص في الأكثر ، وسواء كان ذلك الدليل قياسا أو غيره ، فيكون القياس على هذا التقرير أحد أقسام الاجتهاد.




    ان من الملفت للنظر ان نجد تلك الآراء والنظريات لفقهاء الشيعة تتشابه بل تتطابق الى حد كبير مع كلام ونظريات رجال الكنيسة ، فها هو الانبا شنودة الثالث سقف الاسكندرية الكبير يتكلم حول مصادر التشريع المسيحية الاخرى غير الكتاب المقدس في كتابه اللاهوت المقارن ج1 بقوله
    والمعروف أنه في كل جيل تظهر أمور جديدة لم تكن معروفة من قبل تحتاج إلي إبداء رأي الدين فيها، حتى لا يتبلبل الناس وتشتت آراؤهم ولا يعرفون أين الحق من الباطل. لأنه ليس جميع الناس علماء بالكتاب وبقواعد الدين. لذلك تقوم الكنيسة بسلطانها التعليمي والتشريعي، بإبداء رأي الدين في هذه الأمور، لأنه من فم الكاهن تطلب الشريعة كما قال الكتاب.
    وبتوالي الأجيال يتحول تعليم الكنيسة في جيل معين إلي تقليد تتوارثه الأجيال.)كتاب اللاهوت المقارن/ج1-الفصل 29، لننتقل من كلام الانبا الذي يحاول اثبات التقليد من خلال دعوى رجوع العالم ال الجاهل الى كلام الشيخ محمد تقي البروجردي النجفي في كتابه(نهاية الافكارفي مباحث الالفاظ) حيث يقول( المقام الثاني ) في وجوب التقليد أو جوازه على العامي وبيان أدلته ( ولا يخفى ) أن عمدة المستند على لزوم التقليد بالنسبة إلى المقلد العامي ، وهو الامر الجبلي الفطري الارتكازي في نفوس عامة الناس على لزوم رجوع الجاهل بالوظيفة إلى العالم ..)نهاية الافكار-البروجردي-ج4ص281.ولا تحتاج المقارنة بين المنهجين الى اعمال الفكر بالنسبة للقاريء اللبيب.

    ان كلام الانبا شنودة يشعرنا بالصدمة الكبيرة والمفاجئة غير المتوقعة في هذه المرحلة من البحث، فمن كان يتصور يوما" من الايام ان الرأي والقياس الذي هو محل جدال كبير بين ابناء العامة والامامية اول الامر، ثم تحول الى صراع بين الاصوليين والاخباريين ثانيا" ، تمتد جذوره الى عقيدة اهل الكتاب ومنهم المسيحيين قبل بعث الرسول بمئات السنين؟!!..فيقفز الى ذهن المثقف المسلم عن سر هذا التطابق العجيب بين نهج وسلوكيات رجال الدين المسيحيين وبين نهج وسلوكيات فقهاء المسلمين عامة والشيعة خاصة !..فيكون السؤال الذي يفرض نفسه ملحا" هل ان البدع وهرطقات الرأي والقياس انتقلت بموجب السنن الالهية من اليهود والنصارى الى المسلمين عامة والشيعة خاصة؟..ام ان الفقهاء المتشيعة هم من اخذوا تلك المناهج المنحرفة من رجال الكهنوت الاديان السالفة؟!)...اعتقد ان كلا الاحتمالين مرجح والله العالم.
    التعديل الأخير تم بواسطة اصلان; الساعة 31-05-10, 05:18 PM.
    شتاء عالم نارنيا يحتضر .. وربيع اصلان قريب

  • #2
    أحسنت وبارك الله فيك على هذا الموضوع القيّم
    قال الامام علي {ع} {إعرف الحق تعرف أهله}

    تعليق

    يعمل...
    X