القواعد العقلية :
لقد احتج الأخوة ببعض القواعد العقلية واعتبروها حجة في إثبات وجوب التقليد وهي كالآتي :
القاعدة الأولى قاعدة الملازمة : ((الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع أي إن ما حكم به العقل حكم به الشرع فينتج وجوب التقليد بالوجوب المقدمي الشرعي)) .
أقول : إن الملازمة بين حكم الشرع والعقل ضرورية أي ماحكم به الشرع حكم به العقل ولكن لا يمكن أن نعكس المطلب حيث نقول ماحكم به العقل حكم به الشرع ، فالعقل قاصر على أن يصل إلى حكم التشريع بل ممتنع ، ولو كان العقل قادر على الحكم الشرعي لما احتاج الحق سبحانه أن يختار الأنبياء والرسل وأوصيائهم بأن يحملهم حكم التشريع ليبلغوا به بني البشر ، قالوا في العقائد إن العقل البشري قادر على أن يثبت بأن هذا الكون له علة أولى وهي الله سبحانه ، وقادر على أن يثبت ان الله واحد ، ولكن العقل عاجز كل العجز في تعيين الطريق الواضح إلى الله لهذا نزل التشريع ، انظر ما يقوله العلامة صاحب الميزان ((تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج 1 - ص 83 - 84
أن الأنبياء والرسل عليهم السلام لم يأتوا بالآيات المعجزة لاثبات شئ من معارف المبدأ والمعاد مما يناله العقل كالتوحيد والبعث وأمثالها وإنما اكتفوا في ذلك بحجة للعقل والمخاطبة من طريق النظر والاستدلال كقوله تعالى : ( قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض ) : إبراهيم - 10 في الاحتجاج على التوحيد قوله تعالى : ( ما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كافجار )) ، ثم إن العقل غير قادر على تشخيص مصلحة حكم أي مسألة من المسائل الشرعية إلا أن يرى حقائق الأشياء لأنك وكما تعلم إن لجميع الأشياء التي في الوجود حقيقة ملكوتية غير التي نراها في عالم الملك فهل يستطيع أحدا أن يرى حقائق الأشياء بدون الولوج إلى عالم الملكوت قال تعالى((وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ)) (الأنعام:75) فعٌلة إيصال إبراهيم إلى أن يكون من الموقنين هي رؤية الملكوت ورؤية الملكوت مختصة بواجبي العصمة ، لهذا أمر سبحانه وتعالى عباده ولكي يصلوا إلى ساحة قدسه أن يتمسكوا بهم لأنهم أنوار عالم الملكوت قال تعالى((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)) (التوبة:119) ألا ترى إنه سبحانه خاطب عباده بالمؤمنين في صدر الآية ولم يكتفي لهم بهذه الصفة لأنها غير منقذة لهم ثم أمرهم بأن يتقوا الله في المرتبة الثانية لتتحقق في نفوسهم ملكة الإيمان ولا يكتمل الوصول إليه إلا بأن يكونوا مع الصادقين ( وهم واجبوا العصمة ) ، فلماذا هذا التأكيد ياترى ألا انه سبحانه علم بأن عقولهم القاصرة غير قادرة على رؤية الطريق والوصول إليه . إذن قاعدة ما حكم به العقل حكم به الشرع قاعدة مضطربة غير تامة البتة .
القاعدة الثانية :
(( إن العقل يحكم بلزوم دفع الضرر المحتمل الناتج من إهمال امتثال الأحكام الشرعية المنجزة بالعلم الإجمالي والمكلف العامي حسب الفرض ليس أمامه إلا التقليد للوصول إلى ما يؤمنه من العقاب))
أقول : القاعدة صحيحة وليس فيها أي لبس ولكن النتيجة التي أخذتها من هذه القاعدة غير تامة والنتيجة هي ((والمكلف العامي حسب الفرض ليس أمامه إلا التقليد للوصول إلى ما يؤمنه من العقاب)) من أين أتيت بهذه الضابطة وهي غير مقرر في القاعدة ، فلو فرضنا ولو كان فرضا ممتنعا عندكم _ وفرض الممتنع ليس بممتنع كما يقال _ إن أحدا من الناس استطاع أن يدفع الضرر الناتج من إهمال الامتثال للأحكام الشرعية بدون اللجوء إلى حكم التقليد بل له طريق آخر هل تضطرب القاعدة ؟؟ وإذا وجد هذا الفرض فيصبح التقليد راجحا وليس واجبا كما هو واضح .
ثم أقول لكم إن جميع فقهاء ومراجع المذهب يذهبون انه لا وجوب في التقليد في ضروريات الدين أو المذهب في بعض الواجبات والمحرمات وكثير من المستحبات والمباحات ، وأيضا لا يوجب التقليد إذا حصل المكلف علم من إن فعله أو تركه لا تستلزم مخالفة لحكم إلزامي وهنا أنقل لكم هذا المقطع حول التقليد للسيد الخوئي في كتابه الاجتهاد والتقليد قال (( إن لزوم كون المكلف في جميع أفعاله وتروكه مقلدا أو محتاطا أو مجتهدا إنما هو بحكم العقل نظرا إلى استقلاله بوجوب دفع الضرر المحتمل بمعنى العقاب لتنجز الأحكام الواقعية في حقه بالعلم الإجمالي أو بالاحتمال لأن الشبهة حكمية وقبل الفحص ، فالمكلف إذا خالف الحكم المنجز في حقه استحق عليه العقاب ، وبما إن ما يأتي به مما يحتمل حرمته كما إن ما يتركه محتمل الوجوب في الواقع فهو يحتمل العقاب في أفعاله وتروكه ، وبهذا يستقل عقله بلزوم دفع هذا الاحتمال وتحصيل المؤمن من العقاب على تقدير مخالفة عمله الواقع ، ومن هنا يتضح إن مورد التقليد وأخويه إنما هو ما يحتمل المكلف فيه العقاب ، وأما ما علم بإباحته أو بوجوبه أو حرمته فلا {أي ليس فيه لزوم التقليد} لعدم كونها موردا لاحتمال العقاب كي يجب دفعه لدى العقل بالتقليد أو بغيره لجزمه بعدم العقاب أو بوجوده فعلى ذلك لا حاجة إلي التقليد ))
لقد احتج الأخوة ببعض القواعد العقلية واعتبروها حجة في إثبات وجوب التقليد وهي كالآتي :
القاعدة الأولى قاعدة الملازمة : ((الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع أي إن ما حكم به العقل حكم به الشرع فينتج وجوب التقليد بالوجوب المقدمي الشرعي)) .
أقول : إن الملازمة بين حكم الشرع والعقل ضرورية أي ماحكم به الشرع حكم به العقل ولكن لا يمكن أن نعكس المطلب حيث نقول ماحكم به العقل حكم به الشرع ، فالعقل قاصر على أن يصل إلى حكم التشريع بل ممتنع ، ولو كان العقل قادر على الحكم الشرعي لما احتاج الحق سبحانه أن يختار الأنبياء والرسل وأوصيائهم بأن يحملهم حكم التشريع ليبلغوا به بني البشر ، قالوا في العقائد إن العقل البشري قادر على أن يثبت بأن هذا الكون له علة أولى وهي الله سبحانه ، وقادر على أن يثبت ان الله واحد ، ولكن العقل عاجز كل العجز في تعيين الطريق الواضح إلى الله لهذا نزل التشريع ، انظر ما يقوله العلامة صاحب الميزان ((تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج 1 - ص 83 - 84
أن الأنبياء والرسل عليهم السلام لم يأتوا بالآيات المعجزة لاثبات شئ من معارف المبدأ والمعاد مما يناله العقل كالتوحيد والبعث وأمثالها وإنما اكتفوا في ذلك بحجة للعقل والمخاطبة من طريق النظر والاستدلال كقوله تعالى : ( قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض ) : إبراهيم - 10 في الاحتجاج على التوحيد قوله تعالى : ( ما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كافجار )) ، ثم إن العقل غير قادر على تشخيص مصلحة حكم أي مسألة من المسائل الشرعية إلا أن يرى حقائق الأشياء لأنك وكما تعلم إن لجميع الأشياء التي في الوجود حقيقة ملكوتية غير التي نراها في عالم الملك فهل يستطيع أحدا أن يرى حقائق الأشياء بدون الولوج إلى عالم الملكوت قال تعالى((وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ)) (الأنعام:75) فعٌلة إيصال إبراهيم إلى أن يكون من الموقنين هي رؤية الملكوت ورؤية الملكوت مختصة بواجبي العصمة ، لهذا أمر سبحانه وتعالى عباده ولكي يصلوا إلى ساحة قدسه أن يتمسكوا بهم لأنهم أنوار عالم الملكوت قال تعالى((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)) (التوبة:119) ألا ترى إنه سبحانه خاطب عباده بالمؤمنين في صدر الآية ولم يكتفي لهم بهذه الصفة لأنها غير منقذة لهم ثم أمرهم بأن يتقوا الله في المرتبة الثانية لتتحقق في نفوسهم ملكة الإيمان ولا يكتمل الوصول إليه إلا بأن يكونوا مع الصادقين ( وهم واجبوا العصمة ) ، فلماذا هذا التأكيد ياترى ألا انه سبحانه علم بأن عقولهم القاصرة غير قادرة على رؤية الطريق والوصول إليه . إذن قاعدة ما حكم به العقل حكم به الشرع قاعدة مضطربة غير تامة البتة .
القاعدة الثانية :
(( إن العقل يحكم بلزوم دفع الضرر المحتمل الناتج من إهمال امتثال الأحكام الشرعية المنجزة بالعلم الإجمالي والمكلف العامي حسب الفرض ليس أمامه إلا التقليد للوصول إلى ما يؤمنه من العقاب))
أقول : القاعدة صحيحة وليس فيها أي لبس ولكن النتيجة التي أخذتها من هذه القاعدة غير تامة والنتيجة هي ((والمكلف العامي حسب الفرض ليس أمامه إلا التقليد للوصول إلى ما يؤمنه من العقاب)) من أين أتيت بهذه الضابطة وهي غير مقرر في القاعدة ، فلو فرضنا ولو كان فرضا ممتنعا عندكم _ وفرض الممتنع ليس بممتنع كما يقال _ إن أحدا من الناس استطاع أن يدفع الضرر الناتج من إهمال الامتثال للأحكام الشرعية بدون اللجوء إلى حكم التقليد بل له طريق آخر هل تضطرب القاعدة ؟؟ وإذا وجد هذا الفرض فيصبح التقليد راجحا وليس واجبا كما هو واضح .
ثم أقول لكم إن جميع فقهاء ومراجع المذهب يذهبون انه لا وجوب في التقليد في ضروريات الدين أو المذهب في بعض الواجبات والمحرمات وكثير من المستحبات والمباحات ، وأيضا لا يوجب التقليد إذا حصل المكلف علم من إن فعله أو تركه لا تستلزم مخالفة لحكم إلزامي وهنا أنقل لكم هذا المقطع حول التقليد للسيد الخوئي في كتابه الاجتهاد والتقليد قال (( إن لزوم كون المكلف في جميع أفعاله وتروكه مقلدا أو محتاطا أو مجتهدا إنما هو بحكم العقل نظرا إلى استقلاله بوجوب دفع الضرر المحتمل بمعنى العقاب لتنجز الأحكام الواقعية في حقه بالعلم الإجمالي أو بالاحتمال لأن الشبهة حكمية وقبل الفحص ، فالمكلف إذا خالف الحكم المنجز في حقه استحق عليه العقاب ، وبما إن ما يأتي به مما يحتمل حرمته كما إن ما يتركه محتمل الوجوب في الواقع فهو يحتمل العقاب في أفعاله وتروكه ، وبهذا يستقل عقله بلزوم دفع هذا الاحتمال وتحصيل المؤمن من العقاب على تقدير مخالفة عمله الواقع ، ومن هنا يتضح إن مورد التقليد وأخويه إنما هو ما يحتمل المكلف فيه العقاب ، وأما ما علم بإباحته أو بوجوبه أو حرمته فلا {أي ليس فيه لزوم التقليد} لعدم كونها موردا لاحتمال العقاب كي يجب دفعه لدى العقل بالتقليد أو بغيره لجزمه بعدم العقاب أو بوجوده فعلى ذلك لا حاجة إلي التقليد ))
تعليق