تتعامل الإمامية مع السُنة الشريفة :
نقلا عن كتاب سقيفة الغيبة
لا تقل أهمية السُنة عند الإمامية عن غيرهم من الفرق الإسلامية إلا أن الحال مختلف بعض الشيء حيث اعتبر الإمامية أن السُنة ما ورد عن الرسول والأئمة الإثنى عشر(ع) فلا تكاد تجد في كتب الإمامية من الأخبار ما يروى عن الصحابة أو التابعين إلا القليل النادر .
لقد ذكرنا فيما تقدم كيف ان علم الرجال تأسس في مدارس العامة وبدأ بالفعل عند أصحاب الخليفة الثالث وبعد ذلك جرى عليه فقهاء العامة جيلاً بعد جيل وبينا أيضاً نقاط الضعف في هذا العلم الوضعي إلا أن ما يؤلمنا صراحةً هو انتقال هذا العلم إلى مدارس الإمامية خصوصاً بعد غيبة ولي الله ï´؟عليه السلامï´¾ حيث اعتبر فقهاء الإمامية ما اعتبره العامة في علم الرجال وراحوا يصنفون الأحاديث وفق القواعد الرجالية إلى أقسام عدة .
يقول جعفر السبحاني في تعريفه لعلم الرجال ما هذا نصه : ï´؟علم يبحث فيه عن أحوال الرواة من حيث اتصافهم بشرائط قبول أخبارهم وعدمه. وإن شئت قلت: هو علم يبحث فيه عن أحوال رواة الحديث التي لها دخل في جواز قبول قولهم وعدمه. وربما يعرف بأنه علم وضع لتشخيص رواة الحديث ذاتا ووصفا، مدحا وقدحا ... والمطلوب المهم في هذا العلم حسبما يكشف عنه التعريف، هو التعرف على أحوال الرواة من حيث كونهم عدولا أو غير عدول، موثقين أو غير موثقين، ممدوحين أو مذمومين، أو مهملين، أو مجهولين والاطلاع على مشايخهم وتلاميذهم وحياتهم وأعصارهم وطبقاتهم في الرواية حتى يعرف المرسل عن المسند ويميز المشترك، إلى غير ذلك مما يتوقف عليه قبول الخبر ï´¾ï´؟ ï´¾.
وقال الشيخ محمد مهدي الاصفي ما هذا نصه : ï´؟ان مسألة الطريق إلى أحاديث أهل البيت ï´؟عï´¾ مسألة علمية تابعة لقواعد التوثيق في علمي الدراية والرجال ولا يختلف المسلمون في هذه القواعد اختلافا كبيراï´¾ï´؟ كليات في علم الرجال - الشيخ السبحاني - ص 11 ï´¾.
إن المراد من علم الرجال عند الإمامية هو نفس المراد عند العامة فقبول الخبر يتوقف على رجال السند ان كانوا عدولا أو موثوقين قُبل الخبر وإلا فلا، وهذه هي طريقة العامة كما تقدم ولم يرد في حجية هذه الطريقة خبر صريح .
إن مسألة تقسيم الأحاديث مرت بعدة مراحل فكانت أول تلك المراحل هي تقسيم الخبر حسب عدد الرواة حيث قسمت الأحاديث إلى أقسام عدة منها المتواتر وغير المتواتر كما قسم الثاني إلى مقترن وغير مقترن وحدث خلاف في غير المقترن بين الفرق الإسلامية ككل والإمامية أيضاً وهذا ما سنبينه فيما يلي :
أولاً : تقسيم الخبر حسب عدد الرواة :
ينقسم الخبر عند الفقهاء على أساس وفرة رواته وعدمها إلى اقسام هي :
1- الخبر المتواتر : وهو الخبر الذي ينقلة جماعة إثر جماعة من المعصوم إلى المنقول إليه ولا ينظر في مثل هذه الحالة إلى توثيق الناقلين أو عدالتهم ولا حتى فسقهم إذا تحقق التواتر فقد اتفق الفقهاء على أن الخبر المتواتر يفيد القطع بصدوره عن المعصوم .
إن من شروط المتواتر أن ينقله عدد كثير، وقد اضطربت الأقوال في تقدير العدد الذي يحصل معه العلم اليقيني بالخبر، والأرجح عند أكثر الفقهاء عدم اعتبار عدد معين من الناقلين إنما يعرف المتواتر ما تنقله جماعة إثر جماعة وهذا يكفي لتحقق الخبر المتواتر .
إن الخبر المتواتر في كتب الحديث عند الإمامية يتصف بشيء من الندرة لقلة التواتر في أحاديث الإمامية مما يجعله بعيداً عن ساحة النزاع بينهم .
2 – الخبر الغير متواتر : وهو الخبر الذي يرويه فرد أو جماعة لم يبلغ تعدادهم حد التواتر وقسم الفقهاء الخبر الغير متواتر على أساس اقترانه بقرينة تدل على صدقه بما يفيد القطع بصحته أو العدم حيث قسم إلى قسمين :
أ - الخبر المقترن : وهو الذي تصحبه قرينة تدل على القطع بصدوره عن المعصوم. ولا خلاف بينهم في القطع بصدوره لدلالة القرينة أو القرائن على صحة الخبر.
ب - الخبر غير المقترن : وهو المجرد عن القرينة المفيدة للقطع بالصدور. إن هذا الخبر المجرد قال عنه الأصوليون بأنه لا يتعدى في مستوى دلالته حدود الظن ولذلك أصبحت الأحاديث المجردة من القرائن محل النزاع بين الفقهاء وقد عبروا عن هذه الأحاديث بخبر الواحد أو خبر الآحاد أو خبر الثقة أو خبر العدل أو الخبر المجرد أو الخبر غير المقترن فكل هذه المسميات تدل على الخبر المجرد من القرائن الدالة على صحته عندهم .
خبر الواحد : ذكرنا بأن الخبر الغير مقترن بالقرائن الدالة على صحته عند الفقهاء هو ما يسمى في عرف الفقهاء بخبر الواحد وعليه فإن الباحثين عن حجية الأخبار وفق التقسيمات التي وضعها الفقهاء وجدوا أن أغلب الأحاديث عند الإمامية هي أخبار آحاد لا تبلغ حد التواتر الا في بعض الأخبار القليلة فمن هنا تأتي أهمية البحث في خبر الواحد عند الفقهاء ، إذ أن التفصيل ببيان أغلب الأحكام لا طريق إليه إلا خبر الواحد.
تعريف خبر الواحد : إن خبر الواحد أو الاحاد هو الخبر الذي يأتي عن واحد من الرواة أو أكثر بحيث لا يبلغ تعدادهم حد التواتر وقد اعتبره العلامة الحلي في ï´؟مبادئ الوصولï´¾ لا يفيد إلا الظن وذلك في قوله : ï´؟هو ما يفيد الظن، وان تعدد المخبرï´¾ï´؟ مبادئ الوصول - العلامة الحلي - ص 203
-
وجاء في ï´؟المعالمï´¾ للعاملي: ï´؟ وخبر الواحد : هو ما لم يبلغ حد التواتر - سواءً كثرت رواته أم قلت - وليس شأنه إفادة العلم بنفسه . نعم قد يفيد بانضمام القرائن إليه وزعم قوم أنه لا يفيد العلم وإن انضمت إليه القرائنï´¾ï´؟ معالم الدين – العاملي - ص 342ï´¾
وفي ï´؟التعريفاتï´¾ للجرجاني : خبر الواحد : ï´؟وهو الحديث الذي يراد به واحد أو الإثنان فصاعدا ما لم يبلغ الشهرة والتواترï´¾ .
لقد عد فقهاء الإمامية الخبر الذي يأتي عن راوي واحد أو أكثر بخبر الواحد وقد اختلفوا في حجيته كما سيأتي.
إن أول من اثار هذا الموضوع –اي خبر الواحد- هم فقهاء العامة، وقد اختلفت الفرق الإسلامية في حجية خبر الواحد بحيث أصبح لكل طائفة منهم قول أو أكثر في هذه المسألة حتى انهم اختلفوا في حجية خبر الواحد هل هو حجة في الأحكام والعقائد فذهبوا إلى حجيته في الأول وبطلانه في الثاني قال جعفر السبحاني ما هذا نصه: ï´؟ ولذلك نرى أئمة الفقه يعملون بأخبار الآحاد في مجال الأحكام والفروع العملية ولا يشترطون إفادتها القطع أو اليقين ، وهذا بخلاف العقائد التي يفترض فيها اطمئنان القلب ورسوخ الفكرة في القلب والنفس ، فيرفضون خبر الآحاد في ذلك المجال ويشترطون تواتر النص أو استفاضته إلى حد يورث العلم ï´¾ï´؟ - أضواء على عقائد الشيعة الإمامية - الشيخ جعفر السبحاني - ص 596 ï´¾.
ومن المسائل التي يتبين من خلالها ضعف التقسيمات التي أحدثها الفقهاء في علم الحديث هي مسألة خبر الواحد حيث انهم قبلوا خبر الواحد إذا كان متعلق بالأحكام الشرعية أما إذا كان متعلقاً بالعقائد فإنهم يرفضونه ويسقطونه من طاولة الاحتجاج وهنا سؤال يتوجه اليهم إذا كانت طريقتكم شرعية من وجه نظركم وجب عليكم استخدامها في الدين ككل اما تعاملكم مع أحاديث الأحكام بطريقة مختلفة عن تعاملكم مع أحاديث العقيدة فهذا يوحي لكل إنسان بفشل طريقتكم التي وضعتموها فإن زعمتم بأن طريقتكم تعطي نتائج صحيحة وجب ان تكون نتائجها صحيحة في كل تطبيقاتها وهذا غير ممكن بالنسبة إليكم وبحسب ما تعملون به .
لقد ذكر الشيخ الطوسي اختلاف الفرق والطوائف الإسلامية بالعمل بخبر الواحد حيث قال ما هذا نصه : ï´؟اختلف الناس في خبر الواحد ، فحكى عن النظام انه كان يقول : انه يوجب العلم الضروري إذا قارنه سبب. وكان يجوز في الطائفة الكثيرة ألا يحصل العلم بخبرها . وحكى عن قوم من أهل الظاهر أنه يوجب العلم ، وربما سموا ذلك علما ظاهرا . وذهب الباقون من العلماء ، من المتكلمين والفقهاء ، إلى أنه لا يوجب العلم ، ثم اختلفوا : فمنهم من قال : لا يجوز العمل به. ومنهم من قال : يجب العمل به. واختلف من قال : لا يجوز العمل به . فقال قوم : لا يجوز العمل به عقلا. وقال آخرون : انه لا يجوز العمل به ، لأن العبادة لم ترد به وان كان جائزا في العقل ورودها به. وربما قالوا وقد ورد السمع بالمنع من العمل به . واختلف من قال يجب العمل به : فمنهم من قال : يجب العمل به عقلا وحكي هذا المذهب عن أبن سريج وغيره . وقال آخرون : إنما يجب العمل به شرعاً والعقل لا يدل عليه ، وهو مذهب أكثر الفقهاء والمتكلمين ممن خالفنا . ثم اختلفوا : فمنهم من قال : يجب العمل به ولم يراع في ذلك عددا . ومنهم من راعى في ذلك العدد وهو أن يكون رواته أكثر من واحد وهذا المذهب هو المحكي عن أبي علي.عدة الأصول - الشيخ الطوسي - ج 1 - ص 97 – 101
موقف الإمامية من خبر الواحد :
تسلل موضوع خبر الواحد من ساحة فقهاء العامة إلى ساحة فقهاء الإمامية كغيره من الامور التي تسللت بعد الغيبة مما جعل الإمامية يختلفون في حجية خبر الواحد كغيرهم من الفرق وقد ذكر اختلافهم السيد الخوئي في قوله : ï´؟وقع الخلاف بين الاعلام في حجية خبر الواحد فذهب جماعة من قدماء الأصحاب إلى عدم حجيته ، بل ألحقه بعضهم بالقياس في أن عدم حجيته من ضروري المذهب ، وذهب المشهور إلى كونه حجة ï´¾ï´؟ - مصباح الأصول - تقرير بحث الخوئي - للبهسودي - ج 2 - ص 148
ï´¾.
لقد أختار جماعة من فقهاء الإمامية عدم حجية خبر الواحد كالسيد المرتضى وأبن إدريس بل نسب إلى الكثير وإن اختلفوا في إمكان التعبد به وعدمه واختار آخرون حجيته كالشيخ الطوسي وغيره كثير أما المتأخرون من الفقهاء فقد أجمعوا على حجيته .
إن أول من أعلن المنع من العمل بخبر الواحد في الشرعيات هو السيد المرتضى ونسب المنع إلى إجماع الطائفة بذلك إلا أن أول من خالف المرتضى وخرق الإجماع المزعوم هو تلميذه الشيخ الطوسي حيث ذهب إلى القول بحجية خبر الواحد إذا كان راوية من الإمامية وعلى صفة يجوز معها قبول خبره من العدالة وغيرها وهذا الخرق لقانون الإجماع يعد من المسائل التي تبطل حجية الإجماع الذي وضع اسسه السيد المرتضى كما ذكرنا .
إن الإجماع الذي زعمه السيد المرتضى على القول بعدم حجية خبر الواحد قوبل بإجماع آخر ادعاه الشيخ الطوسي على حجية العمل بخبر الواحد !
لقد ذكر الشيخ الأنصاري دعوى الإجماع الذي ادعاه السيد المرتضى والشيخ الطوسي على عدم حجية خبر الواحد وذكر أيضاً الإجماع الآخر وهو على النقيض والذي ادعاه الشيخ الطوسي على حجية العمل بخبر الواحد وقد ذكر الأنصاري هذا الأمر في قوله : ï´؟وأما الجواب عن الإجماع الذي ادعاه السيد والطوسي ï´؟قدس سرهماï´¾ : فبأنه لم يتحقق لنا هذا الإجماع ، والاعتماد على نقله تعويل على خبر الواحد ، مع معارضته بما سيجئ : من دعوى الشيخ - المعتضدة بدعوى جماعة أخرى - الإجماع على حجية خبر الواحد في الجملة ، وتحقق الشهرة على خلافها بين القدماء والمتأخرينï´¾ï´؟ فرائد الأصول - الشيخ الأنصاري - ج 1 - ص 252 - 253ï´¾.
نحن لا ندري هل دخل المعصوم بيت السيد المرتضى وأشترك في الإجماع الذي ادعاه ام دخل في بيت الشيخ الطوسي واشترك في ذلك الإجماع ؟
إن هذه المسألة من المظالم التي تعرض ويتعرض لها المعصوم في كل الاجيال فلهم ان يقولوا وعلى المعصوم ان يرضى ويدخل في إجماعهم شاء أم أبى حتى وان كان إجماعهم متناقض فهل بعد هذا الظلم للمعصوم ظلم ؟
إن آخر من قال بعدم حجية خبر الواحد من فقهاء الإمامية هو الشيخ أبن إدريس الحلي ونسب العمل بخبر الواحد إلى هدم الإسلام وذلك في قوله : ï´؟ولا أعرج إلى أخبار الآحاد ، فهل هدم الإسلام إلا هيï´¾ï´؟ - السرائر - أبن إدريس الحلي - ج 1 - ص 51
ï´¾.
ولا يخفى في قول أبن إدريس هذا الطعن بمن عمل بأخبار الاحاد كالشيخ الطوسي وغيره ونسبتهم إلى هدم الإسلام على حد زعم أبن إدريس وهذه المسألة من المسائل التي شنع بها أبن إدريس على مخالفيه من الفقهاء كالطوسي على وجه الخصوص وكما ذكرنا في مرحلة أبن إدريس .
إن مسألة التخلي عن أخبار الاحاد تعني انسداد باب العلم في الأحكام الشرعية لندرة الخبر المتواتر في الأحاديث التي جمعها الإمامية ولهذا السبب قال أبن داود في رجاله حين ذكر أبن إدريس الحلي وكما ذكرنا بانه ï´؟أعرض عن أخبار أهل البيت بالكليةï´¾ï´؟ - رجال أبن داود - أبن داوود الحلي - ص 269 ï´¾.
إن مسألة الإعراض عن خبر الواحد هي إعراض عن أخبار أهل البيت بالكلية لأن الخبر المتواتر قليل جداً ولذلك استعاض أبن اديس عن الأخبار بأستحداثه لدليل العقل بانه إذا فقدت الثلاثة –اي الكتاب والسُنة والإجماع- فالمعتمد في المسألة الشرعية التمسك بدليل العقل فيها ، فإنها مبقاة عليه وموكولة إليه ، وهذه المسألة تتناقض مع العديد من الأخبار التي تؤكد بأن العقل لا يدرك العلل من كون الأحكام الشرعية إلا أن أبن إدريس قد اعرض عن أخبار أهل البيت ولهذا السبب توجه إلى أدوات المخالفين وزجها في جملة أدوات الفقه الإمامي وأدعى الاجماع عليها وذلك في قوله : ï´؟فإذا فقدت الثلاثة فالمعتمد في المسألة الشرعية - عند المحققين الباحثين عن مآخذ الشريعة - التمسك بدليل العقلï´¾ فهذا القول تصريح بالإجماع !
إن مسألة القول بخبر الواحد أو رفضه انتهت في عهد المحقق الحلي حيث ضعف الخط الأول القائل بعدم الحجية وأصبح الخط الثاني هو المهيمن على الوسط العلمي فكان التصريح بجواز العمل بخبر الثقة مطلقا ولهذا السبب بدأ الإمامية بتقسيم خبر الواحد إلى تقسيمات جديدة ظهرت في عهد أبن طاووس واشتهرت على يد تلميذه العلامة الحلي ثم تناقلها القوم جيلاً بعد جيل .
اختلف الفقهاء في المدرسة الإمامية كما ذكرنا في مبحث الإجتهاد إلى فريقين هم الأكثر شهرة بين فرق الإمامية وهما الأصولية والأخبارية وقد ذكرنا المسائل التي اختلفوا فيها وكان من المسائل الخلافية بينهم هي مسألة طريقة قبول الأخبار والروايات وردها فالأخبارية قالوا بصحة جميع الأخبار الواردة في الكتب الأربعة وغيرها واعتبروها قطعية الصدور عن المعصوم (ع) ورفضوا تقسيم الأخبار وتوثيق الرجال وتضعيفهم أما الأصوليون فقد قسموا الأخبار ï´؟خبر الواحدï´¾ وفق قواعد علم الرجال إلى أقسام أربعة .
ثانياً : طريقة الأصوليين في تقسيم الأحاديث ï´؟خبر الواحدï´¾
قسم العلامة الحلي وشيخه أبن طاووس من قبل أخبار الاحاد إلى أربعة أقسام أو أكثر هي :
1 ـ الخبر الصحيح : وهو ما كان جميع رواته عدولاً امامية أي ما اتصل سنده إلى المعصوم بنقل الإمامي العدل عن مثله في جميع الطبقات فالعدل: هو الذي يأتمر بأوامر الدين وينتهي بنواهيه. ولا يطلق في الاصطلاح الأصولي إلا على الإمامي المتشرع في سلوكه وهذه النوعية من الأخبار هي النوعية الوحيدة التي قبلها الشيخ الطوسي من أخبار الاحاد وشذ عن استاذه المرتضى .
2 ـ الخبر الموثق : ويقال له القوي أيضاً وهو ما دخل في طريقه من نص الأصحاب على توثيقه مع فساد عقيدته بأن كان من أحد الفرق الإسلامية المخالفة للإمامية أو كان من الإمامية المنحرفين فالثقة يراد به في لغة الفقهاء الإنسان الذي يؤتمن على الشيء مع عدم مراعاة عقيدته أو مذهبه .
3 ـ الحسن : وهو ما كان رواته كلهم أو بعضهم من الإمامية ولكنهم لم يعدلوا بل مدحوا فقط .
4 ـ الضعيف : وهو ما لم يكن واحداً من الأقسام الثلاثة، بأن يشتمل طريقه على مجروح بالفسق ونحوه أو مجهول الحال أو ما دون ذلك كالوضاع .
يتبع
نقلا عن كتاب سقيفة الغيبة
لا تقل أهمية السُنة عند الإمامية عن غيرهم من الفرق الإسلامية إلا أن الحال مختلف بعض الشيء حيث اعتبر الإمامية أن السُنة ما ورد عن الرسول والأئمة الإثنى عشر(ع) فلا تكاد تجد في كتب الإمامية من الأخبار ما يروى عن الصحابة أو التابعين إلا القليل النادر .
لقد ذكرنا فيما تقدم كيف ان علم الرجال تأسس في مدارس العامة وبدأ بالفعل عند أصحاب الخليفة الثالث وبعد ذلك جرى عليه فقهاء العامة جيلاً بعد جيل وبينا أيضاً نقاط الضعف في هذا العلم الوضعي إلا أن ما يؤلمنا صراحةً هو انتقال هذا العلم إلى مدارس الإمامية خصوصاً بعد غيبة ولي الله ï´؟عليه السلامï´¾ حيث اعتبر فقهاء الإمامية ما اعتبره العامة في علم الرجال وراحوا يصنفون الأحاديث وفق القواعد الرجالية إلى أقسام عدة .
يقول جعفر السبحاني في تعريفه لعلم الرجال ما هذا نصه : ï´؟علم يبحث فيه عن أحوال الرواة من حيث اتصافهم بشرائط قبول أخبارهم وعدمه. وإن شئت قلت: هو علم يبحث فيه عن أحوال رواة الحديث التي لها دخل في جواز قبول قولهم وعدمه. وربما يعرف بأنه علم وضع لتشخيص رواة الحديث ذاتا ووصفا، مدحا وقدحا ... والمطلوب المهم في هذا العلم حسبما يكشف عنه التعريف، هو التعرف على أحوال الرواة من حيث كونهم عدولا أو غير عدول، موثقين أو غير موثقين، ممدوحين أو مذمومين، أو مهملين، أو مجهولين والاطلاع على مشايخهم وتلاميذهم وحياتهم وأعصارهم وطبقاتهم في الرواية حتى يعرف المرسل عن المسند ويميز المشترك، إلى غير ذلك مما يتوقف عليه قبول الخبر ï´¾ï´؟ ï´¾.
وقال الشيخ محمد مهدي الاصفي ما هذا نصه : ï´؟ان مسألة الطريق إلى أحاديث أهل البيت ï´؟عï´¾ مسألة علمية تابعة لقواعد التوثيق في علمي الدراية والرجال ولا يختلف المسلمون في هذه القواعد اختلافا كبيراï´¾ï´؟ كليات في علم الرجال - الشيخ السبحاني - ص 11 ï´¾.
إن المراد من علم الرجال عند الإمامية هو نفس المراد عند العامة فقبول الخبر يتوقف على رجال السند ان كانوا عدولا أو موثوقين قُبل الخبر وإلا فلا، وهذه هي طريقة العامة كما تقدم ولم يرد في حجية هذه الطريقة خبر صريح .
إن مسألة تقسيم الأحاديث مرت بعدة مراحل فكانت أول تلك المراحل هي تقسيم الخبر حسب عدد الرواة حيث قسمت الأحاديث إلى أقسام عدة منها المتواتر وغير المتواتر كما قسم الثاني إلى مقترن وغير مقترن وحدث خلاف في غير المقترن بين الفرق الإسلامية ككل والإمامية أيضاً وهذا ما سنبينه فيما يلي :
أولاً : تقسيم الخبر حسب عدد الرواة :
ينقسم الخبر عند الفقهاء على أساس وفرة رواته وعدمها إلى اقسام هي :
1- الخبر المتواتر : وهو الخبر الذي ينقلة جماعة إثر جماعة من المعصوم إلى المنقول إليه ولا ينظر في مثل هذه الحالة إلى توثيق الناقلين أو عدالتهم ولا حتى فسقهم إذا تحقق التواتر فقد اتفق الفقهاء على أن الخبر المتواتر يفيد القطع بصدوره عن المعصوم .
إن من شروط المتواتر أن ينقله عدد كثير، وقد اضطربت الأقوال في تقدير العدد الذي يحصل معه العلم اليقيني بالخبر، والأرجح عند أكثر الفقهاء عدم اعتبار عدد معين من الناقلين إنما يعرف المتواتر ما تنقله جماعة إثر جماعة وهذا يكفي لتحقق الخبر المتواتر .
إن الخبر المتواتر في كتب الحديث عند الإمامية يتصف بشيء من الندرة لقلة التواتر في أحاديث الإمامية مما يجعله بعيداً عن ساحة النزاع بينهم .
2 – الخبر الغير متواتر : وهو الخبر الذي يرويه فرد أو جماعة لم يبلغ تعدادهم حد التواتر وقسم الفقهاء الخبر الغير متواتر على أساس اقترانه بقرينة تدل على صدقه بما يفيد القطع بصحته أو العدم حيث قسم إلى قسمين :
أ - الخبر المقترن : وهو الذي تصحبه قرينة تدل على القطع بصدوره عن المعصوم. ولا خلاف بينهم في القطع بصدوره لدلالة القرينة أو القرائن على صحة الخبر.
ب - الخبر غير المقترن : وهو المجرد عن القرينة المفيدة للقطع بالصدور. إن هذا الخبر المجرد قال عنه الأصوليون بأنه لا يتعدى في مستوى دلالته حدود الظن ولذلك أصبحت الأحاديث المجردة من القرائن محل النزاع بين الفقهاء وقد عبروا عن هذه الأحاديث بخبر الواحد أو خبر الآحاد أو خبر الثقة أو خبر العدل أو الخبر المجرد أو الخبر غير المقترن فكل هذه المسميات تدل على الخبر المجرد من القرائن الدالة على صحته عندهم .
خبر الواحد : ذكرنا بأن الخبر الغير مقترن بالقرائن الدالة على صحته عند الفقهاء هو ما يسمى في عرف الفقهاء بخبر الواحد وعليه فإن الباحثين عن حجية الأخبار وفق التقسيمات التي وضعها الفقهاء وجدوا أن أغلب الأحاديث عند الإمامية هي أخبار آحاد لا تبلغ حد التواتر الا في بعض الأخبار القليلة فمن هنا تأتي أهمية البحث في خبر الواحد عند الفقهاء ، إذ أن التفصيل ببيان أغلب الأحكام لا طريق إليه إلا خبر الواحد.
تعريف خبر الواحد : إن خبر الواحد أو الاحاد هو الخبر الذي يأتي عن واحد من الرواة أو أكثر بحيث لا يبلغ تعدادهم حد التواتر وقد اعتبره العلامة الحلي في ï´؟مبادئ الوصولï´¾ لا يفيد إلا الظن وذلك في قوله : ï´؟هو ما يفيد الظن، وان تعدد المخبرï´¾ï´؟ مبادئ الوصول - العلامة الحلي - ص 203
-
وجاء في ï´؟المعالمï´¾ للعاملي: ï´؟ وخبر الواحد : هو ما لم يبلغ حد التواتر - سواءً كثرت رواته أم قلت - وليس شأنه إفادة العلم بنفسه . نعم قد يفيد بانضمام القرائن إليه وزعم قوم أنه لا يفيد العلم وإن انضمت إليه القرائنï´¾ï´؟ معالم الدين – العاملي - ص 342ï´¾
وفي ï´؟التعريفاتï´¾ للجرجاني : خبر الواحد : ï´؟وهو الحديث الذي يراد به واحد أو الإثنان فصاعدا ما لم يبلغ الشهرة والتواترï´¾ .
لقد عد فقهاء الإمامية الخبر الذي يأتي عن راوي واحد أو أكثر بخبر الواحد وقد اختلفوا في حجيته كما سيأتي.
إن أول من اثار هذا الموضوع –اي خبر الواحد- هم فقهاء العامة، وقد اختلفت الفرق الإسلامية في حجية خبر الواحد بحيث أصبح لكل طائفة منهم قول أو أكثر في هذه المسألة حتى انهم اختلفوا في حجية خبر الواحد هل هو حجة في الأحكام والعقائد فذهبوا إلى حجيته في الأول وبطلانه في الثاني قال جعفر السبحاني ما هذا نصه: ï´؟ ولذلك نرى أئمة الفقه يعملون بأخبار الآحاد في مجال الأحكام والفروع العملية ولا يشترطون إفادتها القطع أو اليقين ، وهذا بخلاف العقائد التي يفترض فيها اطمئنان القلب ورسوخ الفكرة في القلب والنفس ، فيرفضون خبر الآحاد في ذلك المجال ويشترطون تواتر النص أو استفاضته إلى حد يورث العلم ï´¾ï´؟ - أضواء على عقائد الشيعة الإمامية - الشيخ جعفر السبحاني - ص 596 ï´¾.
ومن المسائل التي يتبين من خلالها ضعف التقسيمات التي أحدثها الفقهاء في علم الحديث هي مسألة خبر الواحد حيث انهم قبلوا خبر الواحد إذا كان متعلق بالأحكام الشرعية أما إذا كان متعلقاً بالعقائد فإنهم يرفضونه ويسقطونه من طاولة الاحتجاج وهنا سؤال يتوجه اليهم إذا كانت طريقتكم شرعية من وجه نظركم وجب عليكم استخدامها في الدين ككل اما تعاملكم مع أحاديث الأحكام بطريقة مختلفة عن تعاملكم مع أحاديث العقيدة فهذا يوحي لكل إنسان بفشل طريقتكم التي وضعتموها فإن زعمتم بأن طريقتكم تعطي نتائج صحيحة وجب ان تكون نتائجها صحيحة في كل تطبيقاتها وهذا غير ممكن بالنسبة إليكم وبحسب ما تعملون به .
لقد ذكر الشيخ الطوسي اختلاف الفرق والطوائف الإسلامية بالعمل بخبر الواحد حيث قال ما هذا نصه : ï´؟اختلف الناس في خبر الواحد ، فحكى عن النظام انه كان يقول : انه يوجب العلم الضروري إذا قارنه سبب. وكان يجوز في الطائفة الكثيرة ألا يحصل العلم بخبرها . وحكى عن قوم من أهل الظاهر أنه يوجب العلم ، وربما سموا ذلك علما ظاهرا . وذهب الباقون من العلماء ، من المتكلمين والفقهاء ، إلى أنه لا يوجب العلم ، ثم اختلفوا : فمنهم من قال : لا يجوز العمل به. ومنهم من قال : يجب العمل به. واختلف من قال : لا يجوز العمل به . فقال قوم : لا يجوز العمل به عقلا. وقال آخرون : انه لا يجوز العمل به ، لأن العبادة لم ترد به وان كان جائزا في العقل ورودها به. وربما قالوا وقد ورد السمع بالمنع من العمل به . واختلف من قال يجب العمل به : فمنهم من قال : يجب العمل به عقلا وحكي هذا المذهب عن أبن سريج وغيره . وقال آخرون : إنما يجب العمل به شرعاً والعقل لا يدل عليه ، وهو مذهب أكثر الفقهاء والمتكلمين ممن خالفنا . ثم اختلفوا : فمنهم من قال : يجب العمل به ولم يراع في ذلك عددا . ومنهم من راعى في ذلك العدد وهو أن يكون رواته أكثر من واحد وهذا المذهب هو المحكي عن أبي علي.عدة الأصول - الشيخ الطوسي - ج 1 - ص 97 – 101
موقف الإمامية من خبر الواحد :
تسلل موضوع خبر الواحد من ساحة فقهاء العامة إلى ساحة فقهاء الإمامية كغيره من الامور التي تسللت بعد الغيبة مما جعل الإمامية يختلفون في حجية خبر الواحد كغيرهم من الفرق وقد ذكر اختلافهم السيد الخوئي في قوله : ï´؟وقع الخلاف بين الاعلام في حجية خبر الواحد فذهب جماعة من قدماء الأصحاب إلى عدم حجيته ، بل ألحقه بعضهم بالقياس في أن عدم حجيته من ضروري المذهب ، وذهب المشهور إلى كونه حجة ï´¾ï´؟ - مصباح الأصول - تقرير بحث الخوئي - للبهسودي - ج 2 - ص 148
ï´¾.
لقد أختار جماعة من فقهاء الإمامية عدم حجية خبر الواحد كالسيد المرتضى وأبن إدريس بل نسب إلى الكثير وإن اختلفوا في إمكان التعبد به وعدمه واختار آخرون حجيته كالشيخ الطوسي وغيره كثير أما المتأخرون من الفقهاء فقد أجمعوا على حجيته .
إن أول من أعلن المنع من العمل بخبر الواحد في الشرعيات هو السيد المرتضى ونسب المنع إلى إجماع الطائفة بذلك إلا أن أول من خالف المرتضى وخرق الإجماع المزعوم هو تلميذه الشيخ الطوسي حيث ذهب إلى القول بحجية خبر الواحد إذا كان راوية من الإمامية وعلى صفة يجوز معها قبول خبره من العدالة وغيرها وهذا الخرق لقانون الإجماع يعد من المسائل التي تبطل حجية الإجماع الذي وضع اسسه السيد المرتضى كما ذكرنا .
إن الإجماع الذي زعمه السيد المرتضى على القول بعدم حجية خبر الواحد قوبل بإجماع آخر ادعاه الشيخ الطوسي على حجية العمل بخبر الواحد !
لقد ذكر الشيخ الأنصاري دعوى الإجماع الذي ادعاه السيد المرتضى والشيخ الطوسي على عدم حجية خبر الواحد وذكر أيضاً الإجماع الآخر وهو على النقيض والذي ادعاه الشيخ الطوسي على حجية العمل بخبر الواحد وقد ذكر الأنصاري هذا الأمر في قوله : ï´؟وأما الجواب عن الإجماع الذي ادعاه السيد والطوسي ï´؟قدس سرهماï´¾ : فبأنه لم يتحقق لنا هذا الإجماع ، والاعتماد على نقله تعويل على خبر الواحد ، مع معارضته بما سيجئ : من دعوى الشيخ - المعتضدة بدعوى جماعة أخرى - الإجماع على حجية خبر الواحد في الجملة ، وتحقق الشهرة على خلافها بين القدماء والمتأخرينï´¾ï´؟ فرائد الأصول - الشيخ الأنصاري - ج 1 - ص 252 - 253ï´¾.
نحن لا ندري هل دخل المعصوم بيت السيد المرتضى وأشترك في الإجماع الذي ادعاه ام دخل في بيت الشيخ الطوسي واشترك في ذلك الإجماع ؟
إن هذه المسألة من المظالم التي تعرض ويتعرض لها المعصوم في كل الاجيال فلهم ان يقولوا وعلى المعصوم ان يرضى ويدخل في إجماعهم شاء أم أبى حتى وان كان إجماعهم متناقض فهل بعد هذا الظلم للمعصوم ظلم ؟
إن آخر من قال بعدم حجية خبر الواحد من فقهاء الإمامية هو الشيخ أبن إدريس الحلي ونسب العمل بخبر الواحد إلى هدم الإسلام وذلك في قوله : ï´؟ولا أعرج إلى أخبار الآحاد ، فهل هدم الإسلام إلا هيï´¾ï´؟ - السرائر - أبن إدريس الحلي - ج 1 - ص 51
ï´¾.
ولا يخفى في قول أبن إدريس هذا الطعن بمن عمل بأخبار الاحاد كالشيخ الطوسي وغيره ونسبتهم إلى هدم الإسلام على حد زعم أبن إدريس وهذه المسألة من المسائل التي شنع بها أبن إدريس على مخالفيه من الفقهاء كالطوسي على وجه الخصوص وكما ذكرنا في مرحلة أبن إدريس .
إن مسألة التخلي عن أخبار الاحاد تعني انسداد باب العلم في الأحكام الشرعية لندرة الخبر المتواتر في الأحاديث التي جمعها الإمامية ولهذا السبب قال أبن داود في رجاله حين ذكر أبن إدريس الحلي وكما ذكرنا بانه ï´؟أعرض عن أخبار أهل البيت بالكليةï´¾ï´؟ - رجال أبن داود - أبن داوود الحلي - ص 269 ï´¾.
إن مسألة الإعراض عن خبر الواحد هي إعراض عن أخبار أهل البيت بالكلية لأن الخبر المتواتر قليل جداً ولذلك استعاض أبن اديس عن الأخبار بأستحداثه لدليل العقل بانه إذا فقدت الثلاثة –اي الكتاب والسُنة والإجماع- فالمعتمد في المسألة الشرعية التمسك بدليل العقل فيها ، فإنها مبقاة عليه وموكولة إليه ، وهذه المسألة تتناقض مع العديد من الأخبار التي تؤكد بأن العقل لا يدرك العلل من كون الأحكام الشرعية إلا أن أبن إدريس قد اعرض عن أخبار أهل البيت ولهذا السبب توجه إلى أدوات المخالفين وزجها في جملة أدوات الفقه الإمامي وأدعى الاجماع عليها وذلك في قوله : ï´؟فإذا فقدت الثلاثة فالمعتمد في المسألة الشرعية - عند المحققين الباحثين عن مآخذ الشريعة - التمسك بدليل العقلï´¾ فهذا القول تصريح بالإجماع !
إن مسألة القول بخبر الواحد أو رفضه انتهت في عهد المحقق الحلي حيث ضعف الخط الأول القائل بعدم الحجية وأصبح الخط الثاني هو المهيمن على الوسط العلمي فكان التصريح بجواز العمل بخبر الثقة مطلقا ولهذا السبب بدأ الإمامية بتقسيم خبر الواحد إلى تقسيمات جديدة ظهرت في عهد أبن طاووس واشتهرت على يد تلميذه العلامة الحلي ثم تناقلها القوم جيلاً بعد جيل .
اختلف الفقهاء في المدرسة الإمامية كما ذكرنا في مبحث الإجتهاد إلى فريقين هم الأكثر شهرة بين فرق الإمامية وهما الأصولية والأخبارية وقد ذكرنا المسائل التي اختلفوا فيها وكان من المسائل الخلافية بينهم هي مسألة طريقة قبول الأخبار والروايات وردها فالأخبارية قالوا بصحة جميع الأخبار الواردة في الكتب الأربعة وغيرها واعتبروها قطعية الصدور عن المعصوم (ع) ورفضوا تقسيم الأخبار وتوثيق الرجال وتضعيفهم أما الأصوليون فقد قسموا الأخبار ï´؟خبر الواحدï´¾ وفق قواعد علم الرجال إلى أقسام أربعة .
ثانياً : طريقة الأصوليين في تقسيم الأحاديث ï´؟خبر الواحدï´¾
قسم العلامة الحلي وشيخه أبن طاووس من قبل أخبار الاحاد إلى أربعة أقسام أو أكثر هي :
1 ـ الخبر الصحيح : وهو ما كان جميع رواته عدولاً امامية أي ما اتصل سنده إلى المعصوم بنقل الإمامي العدل عن مثله في جميع الطبقات فالعدل: هو الذي يأتمر بأوامر الدين وينتهي بنواهيه. ولا يطلق في الاصطلاح الأصولي إلا على الإمامي المتشرع في سلوكه وهذه النوعية من الأخبار هي النوعية الوحيدة التي قبلها الشيخ الطوسي من أخبار الاحاد وشذ عن استاذه المرتضى .
2 ـ الخبر الموثق : ويقال له القوي أيضاً وهو ما دخل في طريقه من نص الأصحاب على توثيقه مع فساد عقيدته بأن كان من أحد الفرق الإسلامية المخالفة للإمامية أو كان من الإمامية المنحرفين فالثقة يراد به في لغة الفقهاء الإنسان الذي يؤتمن على الشيء مع عدم مراعاة عقيدته أو مذهبه .
3 ـ الحسن : وهو ما كان رواته كلهم أو بعضهم من الإمامية ولكنهم لم يعدلوا بل مدحوا فقط .
4 ـ الضعيف : وهو ما لم يكن واحداً من الأقسام الثلاثة، بأن يشتمل طريقه على مجروح بالفسق ونحوه أو مجهول الحال أو ما دون ذلك كالوضاع .
يتبع
تعليق