إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

كذب من قال بالملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كذب من قال بالملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع

    نقلا عن كتاب سقيفة الغيبة





    الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع
    إن الفقهاء قد بينوا بأن المثبتين للحسن والقبح لا يقولون بأن العقل الإنساني قادر على إدراك جميع الأفعال الحسنة والقبيحة بل أنه عاجز عن ذلك إلا إنهم مع أقرارهم بهذا العجز قالوا بالملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع !!
    إن معنى الملازمة هو كل ما يحكم به العقل يحكم به الشرع والعكس صحيح أيضاً وهذه القاعدة مع شذوذها وتعارضها مع كلام الفقهاء أنفسهم والأهم من ذلك تعارضها مع الكتاب وكلام الأئمة (ع) إلا إنه مع هذا التعارض والشذوذ لاقت قاعدة الملازمة منتهى الاعجاب عند أغلب الفقهاء فعولوا عليها في الافتاء والحكم .
    إن أغلب فقهاء العامة قالوا بأن العقل يدرك الحسن والقبيح من الأفعال ولكن هذا الإدراك لا يستلزم موافقة الشرع بل أن الفعل يكون صالحاً لاستحقاق الأمر والنهي بمعنى ان الفعل الحسن يستحق موافقة الشرع عليه والقبيح على العكس وهذا الاستحقاق راجح وليس بواجب، وأن الداعي إلى هذا الاستحقاق هو أن الله لا يأمر بنقيض ما يدرك العقل حسنه وإليكم نص ما قاله إبراهيم بن موسى الغرناطي الشهير بالشاطبي ﴿المتوفى : 790هـ﴾ : ﴿أن الحسن والقبح يدركان بالعقل، ولكن ذلك لا يستلزم حكماً في فعل العبد، بل يكون الفعل صالحا لاستحقاق الأمر والنهي ، والثواب والعقاب من الحكيم الذي لا يأمر بنقيض ما أدرك العقل حسنه ، أو ينهى عن نقيض ما أدرك العقل قبحه ؛ لأن ما أدرك العقل حسنه أو قبحه راجح ونقيضه مرجوح ، بمعنى أن صفة الحسن في الفعل ترجح جانب الأمر به على جانب الأمر بنقيضه القبيح ، وصفة القبح في الفعل ترجح جانب النهي عنه على جانب النهي عن نقيضه الحسن ، عملا في ذلك بمقتضى الحكمة التي هي صفة من صفات الله سبحانه ؛ فلا حكم إلا من الخطاب الشرعي ، ولا أمر ولا نهي إلا من قبل الشارع الحكيم﴾﴿ - الموافقات - إبراهيم بن موسى الغرناطي الشهير بالشاطبي –ج1 - ص 129﴾.
    الذي يفهم مما تقدم بأن العقل يدرك الحسن والقبح في الأفعال وهو مع هذا الإدراك يرجح كون ما أدرك حسنه هو حسن عند الله وما أدرك قبحه هو قبيح عند الله، وهذا الترجيح ما هو إلا ظن والشرع قد أمرنا باجتناب الظن في أكثر من آية كريمة وعليه فإن الملازمة بين ما يدركه العقل وحكم الشرع ملازمة ظنية وليست قطعية فلا ترتقي هذه الملازمة إلى القطعية الا بعد ورود الحكم من الشرع الحكيم وكما قال الشاطبي نفسه بانه لا أمر ولا نهي إلا من قبل الشارع الحكيم فإذا أنحصر الأمر والنهي في الشرع فما هو الداعي لاستخدام العقل القاصر ؟؟
    أما فقهاء الإمامية فقد وقع بينهم نزاع كبير في هذه المسألة حيث ذهب الأصوليين إلى جواز الملازمة وذهب الأخباريون إلى النقيض حيث ينقل الشيخ الخراساني ما قاله الأخباريون في قوله : ﴿ينسب إلى جملة من الأخباريين عدم اعتبار القطع الحاصل من المقدمات العقلية ، وقد أنكر بعض الأعاظم هذه النسبة وأدعى أن الأخباريين إنما ينكرون الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع . وذهب آخرون منهم إلى عدم حصول القطع من المقدمات العقلية وأنها لا تفيد إلا الظن﴾﴿ فوائد الأصول - الشيخ محمد علي الكاظمي الخراساني - ج 3 - ص 57

    إن موقف الأخباريين من أستخدام العقل في التشريع واضح النكران وقد ذكرنا موقفهم هذا في أكثر من مقام إلا أن ما يهمنا هنا هو بيان موقف الأصوليين من أستخدام العقل والقول بالملازمة العقلية، حيث أنهم قد أطنبوا في ادعاء الملازمات العقلية والحكم طبقا لما يقوله العقل وقبل أن نناقش هذه المسألة يجب علينا بيان أقوالهم ثم عرض ما ذهبوا إليه على الكتاب والسُنة لتبيان بطلان طريقتهم العقلية وإليك نص ما قالوه :
    قال الشيخ الخراساني : ﴿ الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع، بمعنى أنه في المورد الذي استقل العقل بحسن شيء أو قبحه فعلى طبقه يحكم الشرع بوجوبه أو حرمته، وهو المراد من قولهم" كلما حكم به العقل حكم به الشرع" - المصدر السابق - ص 60

    وقال الشيخ محمد رضا المظفر: ﴿ كل ما حكم به العقل حكم به الشرع على طبقه ﴾﴿ - أصول الفقه - الشيخ محمد رضا المظفر - ج 2 - ص 264﴾ وقال أيضاً : ﴿ والحق أن الملازمة ثابتة عقلا ، فإن العقل إذا حكم بحسن شيء أو قبحه - أي أنه إذا تطابقت آراء العقلاء جميعاً بما هم عقلاء على حسن شيء لما فيه من حفظ النظام وبقاء النوع، أو على قبحه لما فيه من الإخلال بذلك - فإن الحكم هذا يكون بادي رأي الجميع ، فلا بد أن يحكم الشارع بحكمهم،﴾﴿ - أصول الفقه - الشيخ محمد رضا المظفر - ج 2 - ص 293﴾
    وقال السيد محمد باقر الصدر ما هذا نصه : ﴿الحسن والقبح أمران واقعيان يدركهما العقل . ومرجع الأول إلى أن الفعل مما ينبغي صدوره . ومرجع الثاني إلى أنه مما لا ينبغي صدوره . وهذا الانبغاء إثباتا وسلبا أمر تكويني واقعي وليس مجعولا . ودور العقل بالنسبة إليه دور المدرك لا دور المنشئ والحاكم ، ويسمى هذا الإدراك بالحكم العقلي توسعا . وقد أدعى جماعة من الأصوليين الملازمة بين حسن الفعل عقلا ، والأمر به شرعاً ، وبين قبح الفعل عقلا والنهي عنه شرعا﴾﴿ دروس في علم الأصول - السيد محمد باقر الصدر - ج 1 - ص 324

    وقال السيد محمد سعيد الحكيم : ﴿ المعروف بين أصحابنا ثبوت الملازمة المذكورة، ولذا تكرر في كلماتهم الاستدلال على حرمة بعض الأمور شرعاً بدليل العقل ، لابتناء الاستدلال به على إدراك قبحه ، وهو إنما يقتضي حكم الشارع بحرمتها بضميمة الملازمة المذكورة﴾﴿ - الكافي في أصول الفقه ـ محمد سعيد الحكيم – ج1- ص 390 ﴾.
    ونقل السيد محمد سعيد الحكيم عن بعض معاصريه أنه قال : ﴿ العقل إذا حكم بحسن شيء أو قبحه... فإن الحكم هذا يكون بادي رأي الجميع، فلا بد أن يحكم الشارع بحكمهم، لأنه منهم، بل رئيسهم، فهو بما هو عاقل - بل خالق العقل - كسائر العقلاء لا بد أن يحكم بما يحكمون﴾﴿ - المصدر السابق﴾.
    قبل أن نناقش ما تقدم من كلام الفقهاء نحب ان ننوه إلى مسألة قد ذكرناها وهي أن المثبتين للملازمة العقلية قالوا بأن العقل قاصر عن إدراك حسن أو قبح جميع الأفعال إلا إنهم مع قولهم بقصور العقل ذهبوا إلى القول بالملازمة بين حكم العقل والشرع بل أنهم قد جعلوا الشرع تابع للعقل وليس العكس .
    إن العقل الإنساني قد يدرك جهة المفسدة أو المصلحة في فعل من الأفعال فيقبح ويستحسن ما يدركه إلا أن حكم عقل في ما يدركه قد يكون مطابقاً للشرع وقد لا يكون، فربما تكون هنالك مصلحة في فعل من الأفعال ولم يكن على طبقها حكم شرعي، كقول رسول الله (ص): ﴿لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك﴾ ان السواك فيه مصلحة قد يدركها العقل إلا أن هذه المصلحة قد تعارضت مع المشقة على الأمة فترك الشرع الأمر بالوجوب لمصلحة أخرى قد بينها رسول الله (ص)﴾ وهي تجنب المشقة على الأمة، ومما تقدم نفهم بشكل اوضح ما بيناه في بداية الكلام هو ان العقل قد يدرك جانب من المصلحة ويغفل عن جانب آخر وهو الأهم في نظر الشرع المقدس وقد فسر البعض الحقيقة بأنها عبارة عن هرم له جوانب مختلفة والإنسان ينظر إلى الجانب أو الضلع الذي أمامه فيحكم بما يراه إلا أن الحق هو ان الإنسان قد خفيت عليه اضلاع الهرم الأخرى ولم ينظر إليها، وكذلك الأفعال فإن للأفعال وجوه للمصلحة ولعل ما يدركه العقل مصلحة صغرى تتعارض مع مصلحة كبرى قد غفل عنها وبالنتيجة قد يحكم العقل وفق ما يراه من مصلحة في نظره إلا أن حكمه هذا مخالف لحكم الشرع فيحرم ما هو حلال عند الشرع ويحلل ما هو حرام .
    إننا إذا تنزلنا جدلاً وقلنا ان الإدراك الجزئي للعقل يكفي في أثبات الحسن والقبيح من الأفعال بل إذا زدنا في القول وقلنا بأن العقل يدرك حسن وقبح جميع الأفعال دون إستثناء وهذا محال إلا أن فرض المحال ليس بمحال كما يعبرون ومع هذا الفرض الممتنع إذا جاء الحكم الإلهي بالمنع من إتباع العقول في التشريع هل سنمتنع من إستخدام العقل ؟ وإذا أراد الله تعالى بأن لا نسبقه بالقول ولا نعقب على حكمه هل سنستجيب للأمر الإلهي أم سنقول هذا خلاف سيرة العقلاء ؟؟!!
    إن قاعدة الملازمة حتى وان غض البصر عن ما تقدم بشأنها من الكلام إلا إنه يبقى ما هو الأهم من كلامنا وكلام الفقهاء بل هو العمدة عند المتشرع وهو الرجوع إلى الثقلين الكتاب والسُنة فإن الأدلة منهما قامت على خلاف ما ذهب إليه الفقهاء حيث أمرنا الله تعالى بأن لا نسبقه ولا نعقب على أحكامه قال تعالى : ﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَاء مَا يَحْكُمُونَ ﴾وقال تعالى : ﴿ وَاللّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾
    لقد أمرنا الله تعالى بأن لا نسبقه بالقول ولا نعقب على حكمه وذلك لعجز عقولنا القاصرة عن إدراك المصالح والمفاسد الداعية لكون الأحكام الشرعية بل أننا علمنا مما تقدم بأن أهل البيت (ع) هم أولي العقل والعلم وقد جاء عن الحسين أنه سأل الإمام جعفر بن محمد (ع) عن قوله تعالى : ﴿أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾ قال : ﴿أولي العقل والعلم ، قلنا : أخاص ؟ أو عام ؟ قال : خاص لنا﴾﴿ وسائل الشيعة - الحر العاملي - ج 27 - ص 136

    إن أهل البيت (ع) هم العقلاء بل أنهم سادة العقلاء وخير خلق الله ومع هذه المكانه المرموقة إلا إنهم لا يسبقون الله بالقول وهم بأمره يعملون فقد جاء عن جابر الجعفي قال : سمعت أبا جعفر (ع) يقول : ﴿﴿وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون ﴾ وأومأ بيده إلى صدره وقال: ﴿ لا يسبقونه بالقول﴾ إلى قوله : ﴿وهم من خشيته مشفقون﴾﴾﴿ - بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 24 - ص 91
    وقال أمير المؤمنين (ع) لسلمان وأبي ذر﴿رضي الله عنهما﴾ : ﴿... ونحن عباد الله المكرمون الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون﴾﴿ - المصدر السابق - ج 26 - ص 7﴾.
    ﴾.
    فإذا كان أهل البيت (ع) وهم أكمل الناس عقلاً لا يسبقون الله بالقول ولا يعقبون على حكم الله فكيف بنا ونحن أصحاب العقول القاصرة أن ندرك محاسن الأفعال وقبائحها قبل أن نعرف قول الشرع في هذه الأفعال وياليتنا ندعي ذلك فحسب بل نجبر الشرع على أن يوافق ما أستحسناه وما أستقبحناه ومع اعترافنا بقصور عقولنا عن إدراك حسن جميع الأفعال وقبحها والأخبار الشريفة تدل على أن دين الله لا يصاب بالعقول الناقصة فقد جاء عن الإمام علي بن الحسين ﴿عليهما السلام﴾ أنه قال : ﴿إن دين الله عز وجل لا يصاب بالعقول الناقصة والآراء الباطلة والمقائيس الفاسدة ، ولا يصاب إلا بالتسليم ، فمن سلم لنا سلم ، ومن اقتدى بنا هدى ، ومن كان يعمل بالقياس والرأي هلك ، ومن وجد في نفسه شيئاً مما نقوله أو نقضي به حرجاً كفر بالذي أنزل السبع المثاني والقرآن العظيم وهو لا يعلم﴾﴿كمال الدين وتمام النعمة - الشيخ الصدوق - ص 324

    هذا منهج أهل البيت (ع) ومن وجد في نفسه حرج من هذا المنهج الإلهي فقد كفر بالذي أنزل القرآن وهو غافل عن كفره .
    وجاء عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال: ﴿ اعلموا عباد الله، أن المؤمن يستحل العام ما استحل عاما أول، ويحرم العام ما حرم عاما أول، وإن ما أحدث الناس لا يحل لكم شيئاً مما حرم عليكم ، ولكن الحلال ما أحل الله ، والحرام ما حرم الله، فقد جربتم الأمور وضرستموها، ووعظتم بمن كان قبلكم ، وضربت الأمثال لكم ، ودعيتم إلى الأمر الواضح، فلا يصم عن ذلك إلا أصم، ولا يعمى عن ذلك إلا أعمى ، ومن لم ينفعه الله بالبلاء والتجارب، لم ينتفع بشيء من العظة، وأتاه التقصير من امامه، حتى يعرف ما أنكر وينكر ما عرف، وإنما الناس رجلان: متبع شرعة، ومتبع بدعة، ليس معه من الله برهان سُنة، ولا ضياء حجة ﴾﴿ - نهج البلاغة - خطب الإمام علي (ع) - ج 2 - ص 94 ﴾
    إن كلام أمير المؤمنين (ع) كالشمس الطالعة في رابعة النهار فإننا لا شأن لنا بما ذهب إليه الناس في الحلال والحرام ولا شأن لنا بما تقوله عقول الناس من استحسانات وأستقباحات، فالحلال ما أحله الله والحرام ما حرمه الله وضرب الله لنا الأمثال بمن سبقنا من الأمم وكيف أنهم اتبعوا أهوائهم وعقولهم في أمر الله تعالى فضلوا عن الطريق وأما التضريس فقد ذكره العلامة المجلسي قائلاً : ﴿ والتضريس : الإحكام . حتى يعرف ما أنكر أي يتخيل أنه عرفه ولم يعرفه بدليل وبرهان ولا ضياء حجة ﴾﴿ - بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 2 - ص 313 ﴾.
    وهذا دليل واضح على أن العقل يتخيل انه أستحسن ما هو حسن عند الله وهذا التخيل مهما يكن فإنه لا يرجع إلى دليل وبرهان قوي يعتمد عليه وقد قسم أمير المؤمنين (ع) الناس إلى رجلين أما متبع شرعة أو متبع بدعة فالإسلام في كلام أمير المؤمنين (ع) هو التسليم كما جاء في حديثه الشريف أنه قال : ﴿ لأنسبن الإسلام نسبة لم ينسبها أحد قبلي الإسلام هو التسليم والتسليم هو اليقين واليقين هو التصديق والتصديق هو الاقرار والاقرار هو الأداء والأداء هو العمل الصالح﴾﴿نهج البلاغة - خطب الإمام علي (ع) - ج 4 - ص 29 ﴾ وعنه (ع) في كلام له أنه قال : ﴿قولوا ما قيل لكم ، وسلموا لما روي لكم ، ولا تكلفوا ما لم تكلفوا فإنما تبعته عليكم ، واحذروا الشبهة فإنها وضعت للفتنة﴾﴿ - وسائل الشيعة - الحر العاملي - ج 27 - ص 102 - 103
    وعن عميرة ، عن أبي عبد الله (ع) قال: سمعته يقول: ﴿أمر الناس بمعرفتنا والرد إلينا والتسليم لنا، ثم قال: وإن صاموا وصلوا وشهدوا أن لا إله إلا الله وجعلوا في أنفسهم أن لا يردوا إلينا كانوا بذلك مشركين﴾﴿ - الكافي - الشيخ الكليني - ج 2 - ص 398




    يتبع
    اَيْنَ بابُ اللهِ الَّذى مِنْهُ يُؤْتى

  • #2
    وكما يرى القارئ الكريم إن منتهى الإسلام عند أمير المؤمنين وأهل البيت (ع) هو التسليم والتسليم بمعنى الخضوع التام لشريعة رب العالمين وهذا المعنى يلغي الانا الإنسانية المتمثلة بحكم العقل وبجميع مسمياته عند الفقهاء سواءً كانت مستقلات أو مقدمات أو ما شاكلها من الأسماء المخترعة بل أن إتباع هذه المسميات يعد شركاً لأن إتباع هذه الامور لا يتناسب مع التسليم والرد إلى أهل البيت (ع) كما هو واضح .
    إن تدخّل العقل في الشريعة سواءً في البحث أو التمنطق ممنوع عند أهل البيت (ع) فالأحاديث الشريفة تأمرنا بالتسليم لهم فَهُم أعلم الخلق بشريعة الله تعالى والأحاديث بهذا المعنى كثيرة منها ما جاء عن الصادق (ع) أنه قال : ﴿... أما إنه شر عليكم أن تقولوا بشيء ما لم تسمعوه منا﴾﴿ - الكافي - الشيخ الكليني - ج 2 - ص 402﴾ وعن أمير المؤمنين (ع)أنه قال: ﴿... فلا تقولوا بما لا تعرفون. فإن أكثر الحق فيما تنكرون﴾﴿ ﴾ والأخذ بالملازمة العقلية أخذ بما لم نسمعه منهم ومما يؤكد هذا هو ما قاله الشيخ جعفر السبحاني : ﴿ إن الملازمة بين حكمي العقل والشرع ﴿ إنه كلما حكم به العقل حكم به الشرع ﴾ ترفع كثيراً من المشاكل التي لم يرد فيها نص﴾﴿ - نهج البلاغة - خطب الإمام علي (ع) - ج 1 - ص 154
    فكيف لنا أن نأخذ بما لم نسمعه من الصادقين (ع) وكيف يتناسب هذا الطرح مع التسليم الذي أُمرنا به من قبل فقد جاء عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (ع) عن آبائه (ع) في حديث قال: ﴿ ليس لك أن تتكلم بما شئت لأن الله عز وجل يقول: ولا تقف ما ليس لك به علم ﴾﴿ وسائل الشيعة – الحر العاملي - ج 18 - ص 17
    ﴾ وقد أُمرنا أيضاً بأن نأخذ العلم من أبوابه وهم الأئمة المعصومون (ع) وكل علم لم يخرج منهم فهو باطل بضرورة الدين الذي أمرنا بإتباعهم والإنقياد لهم .
    إذن المؤمن هو المسلم والخاضع لشريعة الله ومع وجود هذا التسليم لا يبقى وجود لمرجعية العقل في إثبات أو نفي أي مسألة شرعية وذلك لأن العقل الإنساني مهما بلغ في الكمال المعرفي يبقى في قصور كما صرح بذلك الفقهاء أنفسهم وكما مر بيانه وإذا كانت آلة البحث والتحقيق قاصرة فستكون النتيجة مضطربة وهذه حتمية علمية لا مجال من ردها أو انكارها فلو كانت لديك معادلة رياضية وأتيت من بدايتها بحل خاطئ فستكون النتيجة خاطئة حتماً، فإننا حيث أطلقنا عنان البحث والتنقيب عن أوامر الشريعة انطلقنا من منطلق خاطئ وهو منطلق تحكيم العقل فنتج الاختلاف في القواعد الأصولية والفتاوى الفقهية وغيرها من الاختلافات بين الفقهاء والاختلاف ليس من الله في شيء بل هو يرجع إلينا لأننا سلكنا سبيل الاختلاف المتمثل بتحكيم العقل فالعقول متفاوته فضلاً على انها قاصرة وعاجزة عن إدراك الحكم القطعي للأحكام الإلهية .
    لقد ضرب لنا أهل البيت (ع)العديد من الأمثلة الدالة على قصور العقل الإنساني فمما يؤكد بُعد العقل عن إدراك المصالح والمفاسد التي وضعت الأحكام الإلهية على طبقها بل أن العقل قاصر أيضاً عن إدراك علل الكثير من الأحكام وعلى سبيل المثال أن العقل يستحسن مسح باطن القدمين في الوضوء لكونها معرضه للنجاسة أكثر من ظاهرها ولكن الشرع أمر بمسح ظاهر القدمين فقد جاء ما يؤكد هذا المعنى عن عبد خير عن أمير المؤمنين (ع) انه توضأ فمسح على ظهر القدم وقال : ﴿لولا أني رأيت رسول الله (ص) فعله لكان باطن القدم أحق من ظاهره ﴾﴿ - المسح في وضوء الرسول (ص) - محمد الحسن الآمدي - ص 84
    ﴾ . إن أمير المؤمنين (ع) بين بأن العقل يدرك حسن مسح باطن القدم أكثر من ظاهرها إلا أن الشرع جاء بعكس ما حسنه العقل فأين قاعدة الملازمة من هذا الحكم ؟
    ومن الأمثلة الأخرى هي أن الله قد رضا في القتل بشاهدين ولم يرض في الزنا إلا بأربعة والعقل يقول بوجوب العكس لأن القتل عقلا أقبح من الزنا إلا أن الشرع أمر بخلاف ما قبحه العقل، وكذلك الحائض قد أمرت بقضاء صومها ولم تؤمر بقضاء صلاتها والعقل يذهب إلى خلاف هذا والأمثلة من هذا النوع كثيرة جداً قد أحتج بها الأئمة (ع) على المخالفين وأثبتوا من خلالها عجز العقل عن إدراك حقيقة الأحكام الإلهية .
    إن العجيب عند الفقهاء أنهم اقروا بأن العقل لا طريق له لاثبات الأحكام الشرعية وذلك لعدم إحاطته بعلل تشريع الأحكام ومع ذلك فإنهم أقروا قاعدة الملازمة !! وهذا هو العجب العجاب ومنهم السيد الخوئي في معجم رجال الحديث حيث قال: ﴿ لا ريب في أن العقل لا طريق له إلى إثبات الأحكام الشرعية لعدم إحاطته بالجهات الواقعية الداعية إلى جعل الأحكام الشرعية﴾﴿ معجم رجال الحديث- السيد الخوئي - ج 1 - ص 19﴾ ثم بعد ذلك جاء فأقر قاعدة الملازمة ان مثل هذه التناقضات وغيرها كثير قد صدم بها الفقهاء حين اتبعوا سبيل العقل فأرادوا ان يجعلوه دليلاً في أثبات الأحكام وحاولوا اقراره فلم يستطيعوا ان يأتوا بدليل شرعي على ذلك ليس من الأئمة (ع) فحسب بل حتى من المتقدمين من الفقهاء الإمامية، وذلك واضح من كلام الشيخ محمد رضا المظفر في كتابه أصول الفقه مبحث الدليل العقلي حيث قال ما هذا نصه : ﴿ لم يظهر لي بالضبط ما كان يقصد المتقدمون من علمائنا بالدليل العقلي، حتى أن الكثير منهم لم يذكره من الأدلة، أو لم يفسره﴾﴿ - أصول الفقه - الشيخ محمد رضا المظفر - ج 3 - ص 129

    فإذا كان المتقدمين وهم الاقرب إلى زمان الأئمة (ع) لم يذكروا دليل العقل فكيف جاز للمتأخرين ان يذكروه ؟ فمن أين أخذه المتأخرون ؟ هل من المتقدمين أم من فقهاء العامة ؟!
    الحق يقال أن المتأخرين أستنسخوا دليل العقل من كتب العامة وزادوا فيه وأنقصوا منه حتى أخذ مساحة واسعة من كتب الفقهاء الأصولية بحثاً وتحقيقاً والى يومنا هذا .
    إن من المسائل الأخرى التي تؤكد عجز العقول وقصورها هي ما أخبرنا الأئمة (ع) بأن الكتاب حاوي على أصول المسائل كلها فما من أمر يختلف فيه أثنان إلا وله أصل في كتاب الله ومع ذلك فإن العقل لا يمكنه الوصول إلى هذه الأصول فقد جاء عن المعلى بن خنيس قال قال أبو عبد الله (ع): ﴿ما من أمر يختلف فيه اثنان إلا وله أصل في كتاب الله عز وجل ولكن لا تبلغه عقول الرجال ﴾﴿ - الكافي – المحدث الكليني - ج 1 ص 48﴾ وجاء عن جابر بن يزيد قال : سألت أبا جعفر (ع) عن شيء من التفسير فأجابني ثم سألته عنه ثانية فأجابني بجواب آخر فقلت : كنت أجبتني في هذه المسألة بجواب غير هذا فقال : ﴿يا جابر ! إن للقرآن بطنا وللبطن بطنا وله ظهر وللظهر ظهر يا جابر ! وليس شيء أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن وإن الآية يكون أولها في شيء وآخرها في شيء وهو كلام متصل متصرف على وجوه ﴾﴿ - وسائل الشيعة – الحر العاملي - ج 27 - ص 192 ﴾.
    ومن هاتين الروايتين يتبين لنا بُعد العقل عن الإدراك والوصول إلى جميع أحكام الله تعالى التي نزلت في القرآن وذلك بقول الإمام (ع): ﴿لا تبلغه عقول الرجال﴾ وقوله (ع): ﴿وليس شيء أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن﴾ ولذلك أمرنا الله بالتمسك بالأئمة (ع) لأنهم خزان علم الله العالمين بأحكامه وأوامره لا بالعقل بل بأحاديث يكنزونها عن جدهم رسول الله (ص) كما يكنز الناس كنوزهم .
    إن العقل الإنساني بعيد عن إدراك علة التشريع في الأحكام الا بعد بيان الشرع فإذا كان العقل لا يدرك علل التشريع ولا يحق له السؤال عن العلة كما جاء في قول أبي الحسن موسى (ع): ﴿... إن الله لا يسأل كيف أحل وكيف حرم﴾﴿ الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 57
    ﴾ . فكيف يمكن مع هذا القول أن نقول بأن ما استحسنه العقل فهو حسن عند الله وما أستقبحه فهو قبيح عند الله ؟!
    إن فقهاء الإمامية كثيراً ما أعابوا على المخالفين بأنهم يروون حديثاً ينسب إلى النبي (ص) والذي فيه ﴿ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن﴾ إلا أن فقهاء الإمامية رجحوا هذا الحديث من باب الملازمة ! كما قال السيد محمد تقي الحكيم في قوله : ﴿ لو صح ورودها عن النبي ﴿ صلى الله عليه وآله ﴾ - فإنما هي لتأكيد قاعدة الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع، أي ما أطبق العقلاء على حسنه فهو عند الله حسن﴾﴿ - الأصول العامة للفقه المقارن - السيد محمد تقي الحكيم - ص 374 - 375﴾ .
    ويرد على هذا القول ما تقدم من الكلام ويزيد عليه بانه هل يستطيع العقل ان يدرك حسن الأحكام التعبدية التي وقف العقل عاجزا عن إدراك علتها ؟ فإذا كانت هنالك ملازمة بين العقل والشرع فيجب ان تكون هذه الملازمة تامة ودائمة وإذا تنزلنا جدلا وقلنا بأن الله قد أمرنا بإتباع الملازمة فيجب أن يكون هذا الطريق معصوماً عن الخطأ وان لا يكون قاصراً أو عاجزاً كما هو الحال في عقول الرجال ثم إذا كان هذا الطريق يكفينا فما هو الداعي من وجود الحجة في كل زمان والأمر بإتباعه والإنقياد إليه ؟ فيكفي ان يأتي الله بحجة واحد في زمان واحد لكي يبين لنا بعض الامور ثم يدلنا على الملازمة وغيرها من المسائل فنثبت ما نحتاجه من أمور ديننا ومع هذه الملازمة لا يبقى داعي لوجود حجة في كل زمان وان الارض لا تخلوا من حجة وأن خلت ساخت بأهلها، فإذا كانت وظيفة الحجة هو تثبيت الارض كما فهم بعض السذج . فإن الله قادر على أن يثبت الارض دون الاستعانه بالحجة إلا أن المعنى الحقيقي أكبر مما فهموه وهو أن العباد في حاجة دائمة للحجة لكي يبين لهم ما أختلفوا فيه وأن حجب عنهم الحجة يؤدي لهلاكهم لا محالة . حيث تتشعب بهم الآراء وتختلف عندهم السبل ويصبح المرء يحرم الشيء ثم يحلله ثم يرجع فيحرمه وهذا هو الضلال فلو ان الحجة موجود بيننا معروف عندنا لما حصل هذا أبداً إلا أن الناس ابعدوه وغيبوه بأفعالهم ثم سلكوا سبلا شتى حتى أصبح المرء أن لم يجد مخالفاً له يخالف نفسه ويفتي ثم يعدل وهذا ما حصل بالضبط بعد غيبة ولي الله (ع).
    إننا أما أن نقول بالملازمة وغيرها من المسائل التي أستحدثها القوم أو نتبع الشرع الذي أمرنا بأن لا نتقدم عليه ولا نعقب لحكمه وأن نكون خاضعين لأوامره ساكتين عما سكت عنه وهذا هو التسليم الذي أُمرنا به ومع هذا التسليم والخضوع لا يبقى مجال لتحكيم العقل .
    إذا كانت الأحكام التي تنتج من قاعدة الملازمة صحيحة وجب على أهل البيت (ع)أن يبينوا لنا هذه القاعدة ويفصلوها لا أن يتركوها دون بيان فضلاً عن ان يعارضوها بأقوالهم الشريفة وإذا كانت قاعدة الملازمة في دائرة الإمكان شرعاً لكانت ممكنة أيضاً لرسل الله وأوليائه المقربين أيضاً فهل يعقل أن يمتنع التشريع لرسل الله وأنبيائه وللأئمة (ع) ويكون ممكناً للفقهاء؟!
    في الحقيقة إن هنالك لفظين كثر ذكرهما في الأخبار وهما إتباع الهوى وإتباع الرأي وهما مختلفين بعض الشيء فإتباع الهوى هو إتباع ما يميل إليه الإنسان دون دليل وهو الاستحسان الذي مر بيانه، إما إتباع الرأي فهو إتباع للدليل المخترع دون الرجوع إلى أئمة الهدى وأعلام الدين (ع)، فإننا ذكرنا بأن إقامة الدليل على المسائل ليست بالمعضلة، فكل إنسان يستطيع أن يتكلم بما شاء والقرآن حمال ذو وجوه كما أن كلام أهل البيت (ع) ينصرف على وجوه أيضاً بل أن كلام أي إنسان يمكن أن يصرف على وجوه عديدة، فإذا أصغى أي إنسان لمثله فإنه قد يفهم منه ما غفل السامعين عنه، وعليه فإن الإنسان يستطيع ان يتصرف في تفسير القرآن ويأتي بأدلة على القياس مثلاً كما فعل أبو حنيفة النعمان حين أستدل على صحة القياس بالأمثلة التي ضربها الله تعالى لنا في القرآن وقال بأن هذه الأمثلة تدل على ان الله يقيس فالقياس ممكن شرعاً لأنه ثبت انه من فعل الله كما أن مثبتي القياس أستدلوا على القياس بما قالته الملائكه : ﴿أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء﴾﴿ ﴾.
    فقالوا أن الملائكة قاسوا بفعل من سبق أدم (ع) في الارض وهم بذلك استعملوا القياس وغيرها من الأدلة التي قدمها مثبتوا القياس فإن أغلبها من القرآن والسُنة إلا أن ما يهمنا هو ماذا كان رد أهل البيت (ع) على دليل النعمان وغيره ؟ هل وافقوا ما أستنتجه من دليل ؟ ام وقفوا ضده وبينوا مراراً وتكراراً بطلان القياس ؟ الحق هو القول الثاني حيث أن كتب الحديث والسيرة تشهد به والأمثلة عليه أكثر من أن تحصى أو تعد .
    إن المقدمة كانت طويلة بعض الشيء إلا إنها مهمة لكي يفهم القارئ الكريم بأن الرأي هو ليس الهوى وأن هنالك فرق بين الاثنين فإن العقل الإنساني قد يأتي بشيء يعتبره دليلاً أو يخترع قانون ويعتبره دليلاً كما فعل النعمان وغيره إلا أن المسألة ليست مقتصرة على الإتيان بالدليل بل أن المهم هو هل أن هذا الذي يسمى ﴿الدليل﴾ يصلح أن يكون دليلاً ؟ أم لا ؟
    إن عقول الرجال قاصرة عن إدراك الأدلة الناهضة في جميع أحكام الله تعالى وكما أنه يصعب عليه تفسير العديد من الأحكام أو إتيان الأدلة عليها فيعملها تعبداً وإمتثالاً لأمر الله تعالى .
    إن مسألة الرأي ممنوعة حتى على الأئمة (ع) فإنهم لا يتبعون الهوى ولا يتبعون الرأي كما جاء عن الصادق (ع) أنه فسر قول الله عز وجل : ﴿ اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ﴾ قائلاً : ﴿أرشدنا للزوم الطريق المؤدي إلى محبتك والمبلغ إلى رضوانك وجنتك، والمانع من أن نتبع أهواءنا فنعطب، أو نأخذ بآرائنا فنهلك﴾﴿ وسائل الشيعة - الحر العاملي - ج 27 - ص 49

    ﴾ . وعن جابر، قال: قال أبو جعفر (ع): ﴿ يا جابر لو كنا نفتي الناس برأينا وهوانا لكنا من الهالكين ، ولكنا نفتيهم بآثار من رسول الله صلى الله عليه وآله وأصول علم عندنا ، نتوارثها كابرا عن كابر ، نكنزها كما يكنز هؤلاء ذهبهم وفضتهم﴾﴿ - بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 2 - ص 172
    . وعن الفضيل، عن أبي جعفر (ع) قال: ﴿ لو أنا حدثنا برأينا ضللنا كما ضل من كان قبلنا ، ولكنا حدثنا ببينة من ربنا بينها لنبيه صلى الله عليه وآله فبينه لنا﴾﴿- المصدر السابق

    ومع هذا البيان الواضح قال السيد المرتضى ما هذا نصه: ﴿ فأما الرأي، فالصحيح عندنا أنه عبارة عن المذهب والاعتقاد وإن استند إلى الأدلة ، دون الامارات والظنون ﴾﴿ - الذريعة - أصول فقه - السيد المرتضى - ج 2 - ص 673

    إننا قد بينا بأن الموالي لأهل البيت (ع) لا بد أن يكون خاضعا لأوامر الشرع وهذا الخضوع هو المتمثل بالتسليم المطلق لله فلا يتقدم ولا يتأخر ولا يبدي رأيه في أي مسألة فلعله يتوهم دليلها كما توهم النعمان في أمر القياس وأتبع ما حسبه بأنه دليل .
    بعد ما تقدم من الكلام نقول : إن ما ينتج من قاعدة الملازمة بالحقيقة هو رأي وأن أستند إلى دليل وأن الرأي ممنوع في شريعة الله وعلى لسان أهل البيت (ع). وبهذا يثبت لدينا فضلاً عن ما تقدم بطلان الملازمة .
    إن الفقهاء المثبتين لقاعدة الملازمة أحتجوا بدليل على قاعدتهم وهو قولهم بأن الله تعالى أمرنا بإتباع أحسن القول في قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ﴾﴿ - سورة الزمر آية 18﴾ والذي يبطل دليلهم هذا هو تفسير أهل البيت (ع) لهذه الآية والذي جاء في أكثر من خبر منها ما جاء عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله (ع) عن قول الله عز وجل: ﴿الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه﴾ قال: ﴿هم المسلمون لآل محمد، الذين إذا سمعوا الحديث لم يزيدوا فيه ولم ينقصوا منه جاؤوا به كما سمعوه﴾﴿ - الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 391 - 392﴾ وعن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله (ع) قول الله جل ثناؤه: ﴿الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه﴾ ؟ قال: ﴿هو الرجل يسمع الحديث فيحدث به كما سمعه لا يزيد فيه ولا ينقص منه﴾﴿ - المصدر السابق - ص 51 ﴾.
    اَيْنَ بابُ اللهِ الَّذى مِنْهُ يُؤْتى

    تعليق

    يعمل...
    X