إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

نظرية رفع القرآن

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نظرية رفع القرآن

    دلالة حديث الثقلين على الرّفع القرآني
    منقول من (الموسوعة القرآنية للسيد أبي عبد الله الحسين القحطاني)
    حديث الثقلين من الأحاديث المشهورة والمتفق عليها عند جمهور المسلمين من جميع الطوائف ، كما بينا في الباب السابق ، ولو أردنا أن نقوم بدراسة موضوعية لمجمل الأحاديث المتواترة بما يخص حديث الثقلين نستنتج إن جميع الأحاديث المذكورة عند أهل السنة والشيعة تشترك على إن القرآن وأهل البيت وجهان لحقيقة واحدة مرتبطين ببعضهما برباط وثيق وشديد وإنهما لن يفترقا حتى يردا على رسول الله الحوض.
    وقد عبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) عن هذا الترابط بين القرآن وأهل البيت (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) بمعاني مختلفة :
    1. (الثقلين) وأحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله حبلٌ ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي .
    2. (الثقل الأكبر) وهو كتاب الله وهو حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، (الثقل الأصغر) وهم العترة أهل البيت (عليهم السلام) .
    3. (الخليفتين) كتاب الله وهو حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي .
    ولو لاحظنا في جميع تلك الأحاديث التركيز على كون القرآن هو حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض ، فما هو السرّ يا ترى وراء هذا الاهتمام .
    رُبَّ سائل يسأل : إذا كانت هناك علاقة قوية تربط بين القرآن وأهل البيت فما هي طبيعة هذه العلاقة ؟ وما تأثير وفاتهم ( رفعهم ) على مصير وجود القرآن ؟
    إن طبيعة العلاقة بين محمد وآل محمد ( صلى الله عليه وآله سلم تسليما) والقرآن : نستشهد عليها بالحديث المروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) عن زيد بن ثابت قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) : (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعلي بن أبي طالب ، وعلي بن أبي طالب أفضل لكم من كتاب الله لأنه مترجم لكم عن كتاب الله) تفسير البرهان ج1ص14.
    نرى ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) يبين نوع هذه العلاقة بين القرآن وأهل البيت ( عليهم السلام ) وهي انهم تراجمة كلام الله ، وهذا أمر منطقي باعتبار انهم من ذرية المصطفى وأوصياءه (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما).
    لذا فلابد أن يكون علمهم من علم النبي الكريم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) جدهم الأكبر ، وهم ورثته وحملته من بعده ولكن ليس بالتنزيل بل بالتأويل والتراجمة لمعاني ومفردات القرآن الكريم ، التي تعلموها من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) جدهم الأكبر .
    وليس هذا وحسب ، إذ نرى ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) قد أعطى خصوصية لأهل بيته الذين تمثلوا بشخص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) زوج ابنته وابن عمه وأخيه ، حيث ذكر بأنه أفضل للناس من كتاب الله .
    قد يسأل أحدهم : لماذا علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) أفضل من القرآن؟
    وهذا يعود إلى سبب بسيط هو : لو انك قرأت كتاباً دون معلم يعينك على فهم معانيه أو فهم مضمونه ، وبالمقابل لو قرأت الكتاب نفسه ولكن مع معلم وبتدبر وفهم لمعانيه ، فأيهما الأفضل والأنفع ؟ بالتأكيد القراءة الثانية تكون الأفضل والأنفع لكونها منحتك الثمرة المطلوبة.
    كذلك بالنسبة للقرآن فإنك لو قرأته دون تراجمته ودون تدبر ودون الإحاطة بمعانيه ومضمون آياته فإنك لن تتمكن حينها من جني ثماره وبلوغ غايته ما لم يكن هناك المعلم المختص والمتمكن من بيان معانيه وكشف المبهم من آياته ، وبمعنى آخر له القدرة على تفعيل آياته وهذا هو الأهم والأفضل بل الأنفع بكثير من قراءته قراءة فارغة ليس لها معنى .
    ولكون أهل البيت ( عليهم السلام ) هم المعلمون الأوائل من بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) فهم الأفهم والأقدر على بيان الغموض الموجود في القرآن وحل ألغازه وتأويل آياته وترجمته للناس بدلاً من أن يكون عبارة عن طلاسم لا حل لها .
    ونحن نرى كيف إن الأمة مختلفة مع وجود القرآن بين ظهرانيهم فلماذا لا ينتفعون به بحل مشاكلهم ، والسبب يعود لعدم وجود الترجمان والمتمثل بأهل البيت ( عليهم السلام) ، وبذلك يتبين تفضيل الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) على القرآن .
    ومع كل هذه الأدلة القاطعة من ان محمد وآل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين) هم معادن العلم والمعرفة القرآنية ، فنرى هناك تفاسير لأناس غير معصومين وفيها من الخطأ من كلا الفريقين حيث يفسرون القرآن بما تشتهيه أنفسهم ليس إلاّ ! وهذا من المحرم قطعاً ولا يقبل النقاش إطلاقاً بدليل قوله تعالى حكاية عن عيسى (عليه السلام) : {سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ} المائدة (116)
    وقوله تعالى : {هَا أَنتُمْ هَؤُلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} آل عمران (66).
    وقوله تعالى : {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} الإسراء (36).
    وقوله تعالى : {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ} النور (15).
    ((فمن هذا يتبين واضحاً حرمة التفسير على الأهواء وسوء عاقبة من يفعل ذلك)) .
    التعديل الأخير تم بواسطة فرقد; الساعة 07-08-09, 08:25 PM.

  • #2
    نظرية رفع القرآن الحلقة الثانية

    تأثير رفع المعصوم على زوال ( رفع )
    القرآن

    إذا أخذنا مثالاً قطعة النقود ، وكما هو معروف لدى الجميع إن لقطعة النقود وجهان ، فلو أردنا أن نرفع قطعة النقود من مكان ما ، هل من المنطقي أن نرفع منها وجهاً ونبقي وجهاً في محله لا نرفعه مع الآخر ؟
    بالتأكيد لا وهذا من المستحيل طبعاً ، فإن رفعت تلك القطعة رفعها بوجهيها لا بوجه واحد ، كذلك الحال بالنسبة للقرآن وأهل البيت كما أثبتنا بالأدلة الروائية (في حديث الثقلين) للشيعة والسنة على تطابق الطرفين (الحبلين) كما يتطابق وجها العملة إذ لو رفع أحد وجهيها اقتضى رفع وجهها الآخر كذلك الحال بالنسبة لآل البيت (عليهم السلام) .
    فكما ان محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) يمثل التنزيل القرآني وأهل البيت (عليهم السلام) يمثلون الترجمان للوحي والقرآن (أي يمثلون التأويل القرآني) وان التنزيل القرآني قد تم على يد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) .
    فلابد إذن أن يتم التأويل على يد الإمام محمد بن الحسن المنتظر (عليه السلام) باعتباره الوارث الأعظم لرسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وآل محمد (عليهم السلام) ، لذا فعند استشهاده (رفعه) (عليه السلام) يكون قد تم رفع أحد أوجه العملة وبالتالي سيرفع تأويل القرآن من الكون لأنه وجهها الآخر .
    بقي علينا أن نعرف أمراً مهماً وهو عند رفع آخر معصوم باستشهاده (عليه السلام) سوف يحدث رفع القرآن ، أي رفع تأويل القرآن وذلك يتم بتناقص عدد التراجمة لمعنى الكلام الإلهي مع تقادم الزمن للأجيال المتعاقبة بعد استشهاد الإمام (عليه السلام) .
    وهذا ما نصت عليه الأحاديث النبوية في مسألة رفع القرآن في آخر الزمان ، حيث يتناقص أعدادهم أي اضمحلال المعرفة بمعاني القرآن ومرور ليلة من الليالي على القرآن وقد تلاشى فهم الناس لتأويله .
    ورفع التأويل ( رفع البطون السبعة للقرآن ) من الوجود الذي هو مادة بحثنا في هذا الكتاب .
    الأمر الثاني المستنبط من حديث الثقلين هو اجتماع الأحاديث على مقطع (حتى يردا عليَّ الحوض) فكل الأحاديث يوجد فيها هذا المقطع الذي يعني حتى يرجعا إليَّ ثانية ، فهذا دليل آخر وقوي على مسألة رفع القرآن في آخر الزمان .
    الأمر الآخر هو انه ذكر ( يردا ) أي يرجع كل من أهل بيتي والقرآن معاً إليَّ مرة أخرى .
    وقلنا إن الإمام الثاني عشر الحجة بن الحسن (عليه السلام) هو من يمثل محمد وآل محمد جميعاً وهذا يعني انه عند استشهاده ورفعه إلى السماء يرفع معه القرآن من الكون .
    ولكن لا يرفع جملة وتفصيلاً وفجأة ودفعة واحدة بل بصورة تدريجية .



    الحبــل القــرآني

    كثير من البحوث العلمية أجريت في محاولة من أصحابها لمعرفة حقيقة القرآن ، أو العلوم المنطوية بين ثناياه إلا إن أغلب هذه البحوث عقيمة ومتشابهة وتقليدية تؤدي إلى نفس النتائج .
    لأن هؤلاء الباحثون معتقدون ومطمئنون لظاهر القرآن المتمثل بالمصاحف والآيات الموجودة فيها ، متجاهلين سعة بطون القرآن وعلاقتها المباشرة في سريان هذا الكون والموجودات ككل ، فتراه يقول إن القرآن عظيم ولكنه يجهل معنى هذه الكلمة .
    وعندما يتناول البحث أو إيضاح عظمة القرآن يلتزم بظاهره وعلومه الظاهرية فقط وكأن القرآن لا يحوي بين دفتيه سوى علم اللغة والمنطق والتلاوة والأحاديث والقصص القرآنية والأحكام الفقهية ، ولا يخفى إن هذا يمثل الظاهر أيضاً فهم إلى الآن لم يُخرِجوا من ظاهره ما يليق به .
    فالحقيقة كما قالها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) : ( ظاهره أنيق وباطنه عميق له نجوم ولنجومه نجوم لا تحصى عجائبه ولا تبلى غرائبه ) الكافي ج2 ص599.
    لذا فالتنزيل هو ظاهر القرآن والتأويل هو باطن القرآن ، وكما هو معلوم إن الباطن أفضل من الظاهر لأن الباطن هو الذي يعطي الحجم الحقيقي للشيء وليس ظاهره ، لسبب بسيط لأن الظاهر محدد ومقيد وأما الباطن فهو غير محدد وغير مقيد ، لأنه يمثل المادة الحقيقية والمصداق الوجودي للشيء فكثير من الأشياء ظاهرها مرئي إلا أن باطنها غير مرئي ، فباطن الشيء يعني حقيقته الوجودية الفعلية وهي أفضل من ظاهره المحدود بشكل قد يشير إلى وجود شيء وقد لا يشير على الرغم من إن الظاهر مرئي والباطن مخفي عن الأنظار .
    والباطن تأثيره مرئي على الأشياء والموجودات ، مثل شعاع الشمس ( الضوء ) الضوء حقيقته غير مرئية ولكن نرى انعكاسه على الأشياء لذا فالضوء موجود على رغم إن ظاهره غير مرئي ولكن باطنه مرئي بتأثيره على الأشياء وانعكاسه منها .
    فنستنتج من هذا المثال إنه من الممكن أن يكون الظاهر غير مرئي ومن الممكن أيضاً أن يكون مرئي أما باطن الشيء ( حقيقته ) في كلا الحالتين غير مرئي ولكن الاستدلال على وجودها هو تأثيرها بالموجودات .
    الذي نريد قوله هو إن باطن الشيء هو الأفضل لأنه يمثل حقيقته الفعلية وأما الظاهر ما هو إلا جزء بسيط جداً من تلك الحقيقة ، ومن هذا الاعتبار فليس من المنطقي الاعتماد على ظاهر الشيء للاستدلال على حقيقة عظمته كما هو الحال مع عظمة القرآن ، من الكلام السابق أستطيع القول :
    إن علوم اللغة والأحكام الفقهية والعلمية والتلاوة والمعاني ليست دليل على إعجاز القرآن ، بل إن حقيقة الباطن القرآني الذي يمثل التأويل القرآني هو الإعجاز القرآني وإثبات الإلهيته وكونه المعجزة الكبرى للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) .
    حيث ورد عن الفضيل بن يسار قال : ( سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن هذه الرواية ما في القرآن آية إلا ولها ظهر وبطن وما فيه حرف إلا وله حد ولكل حد مطلع ، ما يعني بقوله لها ظهر وبطن ؟
    قال : ظهره تنزيله وبطنه تأويله منه ما مضى ومنه ما لم يكن بعد ، يجري كما يجري الشمس والقمر كلما جاء منه شيء وقع ، قال الله {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} نحن نعلمه ) تفسير الصافي ج1 ص29 .
    ون أقوى التعابير القرآنية والروائية على حقيقة القرآن هو كونه حبل الله وكونه ممدود من السماء إلى الأرض ، هذا التعبير يمثل الصورة الحقيقية لعلاقة التنزيل والتأويل ( الظاهر والباطن ) بالكون والموجودات التي فيه من ظواهر ومخلوقات وما شابهها ...
    عن أبان بن تغلب قال : سألت أبا جعفر محمد بن علي (عليه السلام) عن قول الله تعالى : {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ} قال : ما يقول الناس فيها ؟ قال :
    ( قلت : يقولون : حبل من الله كتابه وحبل من الناس عهده الذي عهد إليهم . قال : كذبوا .
    قلت : فما تقول فيها ؟ قال : فقال لي : حبل من الله كتابه وحبلٌ من الناس علي بن أبي طالب ) تفسير فرات الكوفي ص92.
    عن يونس بن عبد الرحمن رفعوه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله {إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ} قال : ( الحبل من الله كتاب الله ، والحبل من الناس علي بن أبي طالب (عليه السلام) ) تفسير العياشي ج1 ص169
    {إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ} عن الباقر (عليه السلام) : ( الحبل من الله كتاب الله والحبل من الناس علي بن أبي طالب ) تفسير نور الثقلين ج1 ص383.
    وفي نهج البلاغة عن أمير المؤمنين بحديث طويل إلى أن قال : ( ...وإن الله سبحانه لم يعظ أحداً بمثل القرآن فإنه حبل الله المتين وسببه الأمين وفيه ربيع القرآن ...) بحار الأنوار ج2 ص312.

    تعليق


    • #3
      القرآن حبلٌ ممدود بين السماء والأرض
      الحلقة الثالثة
      لا يمكن تصور معنى أو مقصود الحبل الممدود هو عبارة عن حبل غليظ جداً من الأصواف أو البلاستيك طرفه الأول مربوط بأحد أرجل (العرش) والطرف الآخر معقود حول إحدى جبال الأرض .
      والحقيقة العلمية في هذا الموضوع هي إن القرآن في صورته الحقيقية يشترك مع الحبل بالمبدأ ، فلو عدنا إلى مبدأ الحبل وتساءلنا ما هو الحبل ؟ أستطيع أن أعطي تعريفاً عاماً للحبل هو إنه عبارة عن حزمة من الألياف الصوفية المتراصة والمفتولة مع بعضها تستعمل للربط بين شيئين ، وإن للحبل طرفين .
      وعند مطابقة هذا المبدأ مع فكرة كون كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض نستنتج إن لكتاب الله صورة أو شكل وجودي يجسد هذا المبدأ ، وهذه الصورة عبارة عن حزمة من أجزاء نسبتها للقرآن كنسبة الألياف الخيطية إلى الحبل ، وإن لهذه الصورة أو التشكيل الوجودي طرفان .
      إن للقرآن حقائق ملكوتية وجودية تجري بين السماء والأرض ، وبتطبيق مبدأ الحبل يكون المقصود من حبل الله إنه ((عبارة عن حزمة من الحقائق الملكوتية الوجودية وهذه الحزمة تكون ممدودة بين السماء والأرض أي إن هذه الحزمة (حزمة الحقائق الملكوتية) تهبط من السماء إلى الأرض)).
      هذا الأمر أشبه بهبوط سيل من الشحنات أو الفوتونات على شكل حزمة تدخل إلى الكون وتهبط على الأرض أو بعبارة أخرى أشبه بفيض مغناطيسي هابط من السماء إلى الأرض ليستقبله قلب المعصوم الذي يعمل كعمل قطب مغناطيسي (طرف ثاني للحبل الممدود) مقابل لقطب مغناطيسي مقابل من الجهة الأولى (طرف أول للحبل) ، وكما هو معلوم إن الفيض المغناطيسي ينطلق من القطب الموجب إلى القطب السالب .
      لذا يمكن تمثيل طرف الحبل عند الله باعتباره هو الباعث لهذا الفيض الملكوتي فيكون هذا الطرف هو القطب الموجب ، ويمكن تمثيل الطرف الثاني للحبل والذي يمثله قلب المعصوم بالقطب السالب للمغناطيس .
      لذا سيتحرك الفيض المغناطيسي الذي يمثله حزمة الحقائق الملكوتية من القطب الموجب (الله سبحانه وتعالى) إلى القطب السالب (قلب المعصوم) .
      من هذا المنطلق نستطيع أن نضع نصاً لنظرية الحبل القرآنية :
      (( إن هناك حزمة من الحقائق التأويلية الملكوتية تنطلق من الله سبحانه وتعالى بصورة أشبه ما تكون بالفيض المغناطيسي المنطلق من القطب الموجب وهابط إلى القطب السالب المتمثل بقلب المعصوم )).
      المخطط التالي يوضح ذلك :









      الاستدلالات الفيزيائية لنظرية الحبل القرآني

      عند هبوط فيض الحقائق الملكوتية من السماء إلى الأرض يتمثل المدد الإلهي للموجودات في الكون ، وهو يشمل جميع الموجودات المادية والملكوتية في الكون حيث تنطوي تحت الموجودات المادية الطاقة والكتلة .
      إن هذا الفيض هو سبب بحر الطاقة الذي يغمر الكون ونتيجة لاستمرار هذا المدد ( تدفق الفيض المستمر ) يجعل الكون في حالة توسع مستمر في الطاقة والتي وصفها العلماء بأنها لا تنفد .
      فالأمر أشبه ببالون مطاطي فعندما ينفخ شخص ما فيه يزداد حجمه ويتوسع ، فالهواء النافذ إلى داخل هذا البالون يمثل ذلك المدد الفيضي الهابط من السماء (فيض الحقائق) ويترجمه أحدى الحقائق الملكوتية في الكون إلى طاقة مضافة ومستمرة في الكون يجعل من الكون في حالة توسع بالطاقة ويكسبها هذه الصفة (صفة اللانفادية) .
      ولكن الكون ليس فقط طاقة بل ومادة أيضاً .
      وإذا أردنا تطبيق فكرة التوسع بوجود مادة الكون فمن غير الممكن ان يكون التوسع المادي للكون بسبب زيادة حجم الذرات أو الأجسام المادية ، بل يكون التوسع المادي للكون بسبب إضافة مادة إلى المادة التي تغمر الكون .
      وهذا ما أشار إليه القرآن بقوله : {وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} الذاريات (47) .
      كما نعلم إن البناء يحتاج إلى أجزاء أو مكونات حجرية ومادة تربط هذه المكونات وهي الإسمنت ، وبتطبيق هذه الحقيقة فالمادة تمثل الطابوق (الحجر في البناء) والطاقة تمثل الرابط بين المواد (الاسمنت في البناء) .
      لذا فالتوسع الكوني ليس ما ذهب إليه العلماء إنه ناشي من الانفجار العظيم للشهاب الأول ، والحرارة الكونية ليست بسبب ذلك الانفجار العظيم ، كما سنبين أدناه .
      فقد جاء في دراسة حديثة استعرضتها إحدى المجلات في موقعها على الإنترنت عن اكتشاف نظرية جديدة وهي نظرية النسيج الكوني والتي توضح ترتيب المادة في الكون على شكل نسيج متناسق ( في الكون المرئي والذي يمثل 5% من مجموع الكون ) كما في الشكل التالي :









      شكل (1) المادة المظلمة يمثلها في هذا النسيج الكوني اللون الأسود وهي المادة التي تملأ المكان بين المجرات وتسيطر على توزع المادة في الكون المرئي ، وقد رسمت هذه الصورة الكونية بواسطة السوبر الكومبيوتر حيث تمثل كل نقطة فيها تجمع يضم آلاف المجرات وربما الملايين ، ويمثلها اللون الأصفر ، والمناطق الزرقاء هي أماكن الكثافة الأقل من المجرات ، فتأمل عظمة الكون وعظمة خالق الكون سبحانه وتعالى الذي أبدع هذا النسيج الرائع ! .


      شكل (2) مجرة تضم مئات البلايين من النجوم، هذه المجرة يوجد منها في كوننا المرئي عدة مئات من البلايين، وعلى الرغم من ضخامة هذا العدد إلا انه لا يشكل إلا أقل من (5%) من الكون ! .









      شكل (3) صورة الكون وتبدو المجرات كاللآلئ التي تزين العقد! وهذه الصورة موجودة على الرابط أدناه ، وهي صورة معقدة جداً للنسيج الكوني تُظهر تماماً البناء الكوني المُحكم وزينته .
      http://www.gsfc.nasa.gov/topstory/20020812gamma.html

      لذا فعند إضافة مادة الى هذه المادة يؤدي الى توسع مادي للكون ، من أين تأتي هذه المادة المضافة ؟
      ولعل هذه المادة تأتي بترجمة إحدى أشعة فيض الحقائق الملكوتية الهابطة إلى أجزاء أو جسيمات أصغر من الإلكترون وباجتماعها بظاهرة فيزيائية كونية لم يتوصل لها العلم بعد تتكون الإلكترونات والبروتونات والنيوترونات والتي تمثل أجزاء الذرة الواحدة .
      وهنا يرد سؤال على اعتبار توالد الإلكترونات والبروتونات ، هل هذا يعني إن الكون مشحون ؟
      نعم إن الكون مشحون ، وكل شيء في الكون مشحون ويحيط به مجال من الطاقة وإنه يبعث أشعة أيضاً ، سببه هو المدد الفيضي الذي يشمل الجميع دون استثناء .
      إن نظرية الحبل القرآني ستساعدنا في إيجاد قانون يضع حدوداً لكمية المادة والطاقة خلال مكان معين وزمن معين .
      والأمر الآخر هو إن استمرار الفيض في الكون وإمداده بالطاقة المستمرة يكسب الكون حرارته ، ويبقي الكواكب والمجرات في حالة دوران مستمر ، وهو سبب المجال المغناطيسي الذي يحيط بالكواكب والنجوم .
      لذا فلا بد من إن هناك علاقة رياضية تربط بين كمية الفيض المادي الذي هو ترجمان إحدى الحقائق الملكوتية التي من ضمنها هذا الفيض والذي يمثل الحبل القرآني ، مع كمية الطاقة الحركية والكامنة والمغناطيسية والحرارية للنجوم والكواكب ، أي يمكن التحكم بتلك العوامل وذلك بالتحكم بكمية الفيض المادي .
      إن هذا الفيض للحقائق يزداد في ليلة القدر بالذات من كل عام ، وفيض الحقائق يتغير شكلها في كل عام في ليلة القدر .
      وندعو علماء الفيزياء في العالم العربي والغربي إلى دراسة فيزيائية الظواهر الكونية في تلك الليلة ، من كل عام ... ليتأكدوا من حقيقة ما نقول.
      التعديل الأخير تم بواسطة فرقد; الساعة 07-08-09, 08:29 PM.

      تعليق


      • #4
        الحلقة الرابعة

        [SIZE="5"][COLOR="DarkGreen"]حقيقة القرآن

        قد بينا سابقاً معالم الحبل القرآني وفسرناه على ضوء آيات القرآن وأحاديث أهل البيت سلام الله عليهم أجمعين ، ولكن كانت هذه النظرية جزءاً أولياً لحقيقة هذا الحبل الفيضي من الحقائق الملكوتية السابحة بين السماء والأرض .
        بقي أن ندرس هذه الحقيقة بصورة أكثر تفصيلية لمعرفة بعض كوامن هذه النظرية وكم من المسافة ستقودنا إلى معرفة صورة أكثر وضوحاً من سابقاتها عن حقيقة القرآن ، و لمعرفة أكثر عمقاً عن حقيقة القرآن والاستشهاد بحديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) :
        ( ظاهره أنيق وباطنه عميق له نجوم وعلى نجومه نجوم لا تحصى عجائبه ولا تبلى غرائبه ) بحار الأنوار ج2 ص599.
        إن حقيقة القرآن تكمن في كونه حزمة من الحقائق الملكوتية تهبط من العرش الإلهي لتدخل في محيط الكون ليقوم بإمداد الموجودات بالنور اللازم لبقائها حية مملوءة بالطاقة أو بمعنى أخص جريانها في الكون دون توقف .
        وبالتالي تأثيرها المباشر بالأحداث والظواهر الفيزيائية والوجودية في الكون (وينطوي ضمن هذه الأحداث والظواهر الإنسان وأحواله) فعندما تهبط هذه الحقائق إلى داخل هذا الكون تجري مع جريان الكواكب والأجرام ، وتدور مع دوران الكون حول المركز .
        حيث ورد عن الصادق (عليه السلام) : ( إن القرآن يجري كجريان الشمس والقمر ) مصباح الفقاهة ج3 ص343.
        ومع استمرار تدفق هذا الفيض المغناطيسي يجعل من الحقائق مختلفة ومتغيرة في كل حين ، وهذا أمر منطقي فاستمرار سيل كمية من الماء وبجريان اضطرابي وحسب مفاهيم ميكانيك الموائع ، فإن كل نقطتين في زمنين مختلفين يختلفان من ناحية السرعة واللزوجة وكمية التدفق والضغط ، كذلك الحال مع السيل المتواصل عبر الزمن للفيض يعطي الحقائق اختلافاً من لحظة وأخرى .
        فعند دخول دفق حزمة الفيض فإنها تدور حول الكون مسيرة إياه بمجرى معين ومحدثة تغير في كل بقعة تمر به ، وهذا ما يقصد به تأويل القرآن .
        إن دخول هذا الدفق الحزمي من الفيض يعمل على دفع ما قد حلَّ وانتهى (ما قد مضى) إلى خارج الكون ليعود إلى الطرف الأول (القطب الموجب من المغناطيس) للحبل ، الأمر أشبه بسكب ماء متواصل في إناء مملوء به والذي سيقود إلى فيضان الإناء بنسبة متناسبة مع مقدار وكمية الماء المتدفق ، لتكتمل دورة حزمة الفيض الداخلة إلى الكون ، من الله والى الكون بالتحديد إلى القطب المقابل قلب المعصوم الإمام الحجة بن الحسن العسكري (عليه السلام) ثم إلى الله .
        ولكن عندما يعود هذا الدفق الحُزمي من جديد إلى الكون يعود بصور وأشكال مختلفة للحقائق عن الحقائق التي غادر بها ، أي انها نفس الحقائق من ناحية المفهوم والمبدأ ولكن بصورة مغايرة عن الصورة السابقة فقد عبر القرآن كما أوضحنا سابقاً عن هذه المبادئ والمفاهيم بسنة الله وسنة الله لن تجد لها تبديلا .
        ولسبب بسيط هو اختلاف المكان والزمان والأحوال والظروف عن التي مر بها سابقاً بسبب تأثير الفيض اللاحق الذي حل مكان هذا الفيض على الموجودات في الكون ، تعمل هذه العملية على تبديل الزمان غير الزمان وتبديل العصر غير العصر الذي يسبقه والمكان غير المكان ، فتتابع العصور من عصر إلى عصر جديد مختلف إلا إن مفهوم ومبدأ الحقائق كما أسلفنا ثابت في كل عصر ولكن بصورة مختلفة ليس إلا ...
        هذا التغير الدوري والدوراني للكون في كل لحظة هو الذي يعطي الكون صفة النسبية وعدم الثبوت التي وضحها ألبرت اينشتاين في نظريته النسبية ... حيث للنظرية رأي آخر عن حقيقة النسبية في الكون كما سيتم إثباته في أوانه ...
        وأخيراً مهما تعمقنا في الولوج إلى العالم القرآني والتبحر في بحار ذلك العالم ، فإنا ما زلنا نسير قرب الشاطئ بأمتار قليلة ونحاول أن نطفوا ونعوم والماء في كل لحظة يريد أن يسحبنا إلى أسفل لنغرق ونخرج من ذلك العالم ...
        لا لمكر ما أو امتحان لكن حقيقة للثقل الجذبي في ذلك البحر ، فمن المستحيل الخوض في غمار ذلك العالم دون اللجوء إلى سفينة ، ولا احتاج أن أقول من هم السفينة في ذلك العالم ، فكثيراً ما تكرر من كون أهل البيت هم سفن النجاة وسفينة الحسين هي الأسرع وهذا لجميع الملل .




        الفصل الثالث
        نظرية المدد القرآني

        أوضحت نظرية الحبل القرآني كيف إن للقرآن حقائق ملكوتية تسبح بين السماء والأرض تستمد نورها من الفيض الملكوتي القادم من عرش الله .
        وهنا نتسائل : ما معنى المدد ؟ هو سيل مستمر من إفاضة معينة عبر الزمن دون توقف ودون انقطاع ، والقرآن هو مجموعة حقائق وجودية ويمثل حبل الله من العرش الإلهي إلى الأرض ، مشكلاً كما أوضحنا حبلاً (حزمة) من الفيض الملكوتي طرفه عند عرش الله وطرفه الآخر في الأرض ، هذا الحبل الإلهي يمثل عملية المدد المستمر للموجودات .
        كما أوضحنا إن للقرآن ظاهر وباطن وأحاديث أهل البيت تنص على إن الباطن عبارة عن سبعة بطون من التأويل .
        حيث ورد عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) انه قال : (إن للقرآن ظهراً وبطناً ولبطنه بطناً إلى سبعة بطون ) نص النصوص للآملي ص72.
        هذه البطون السبعة وصفت في القرآن بالأبحر السبعة المحيطة أو التي تملأ الكون وهذه الأبحر عبارة عن أبحر من الحقائق الوجودية القرآنية وكل بحر يمثل بطن من بطون التأويل .
        حبل الله يمثل المدد الإلهي الهابط من العرش يمد تلك البطون والأبحر السبعة بالجريان والاستمرارية بحقائق جديدة هابطة بعد دورانها السابق في الكون في آخر مرة فكما بينا إن هذه الحقائق عندما تدور بعد هبوطها في الكون وعروجها مرة أخرى للعرش .
        فإنها تهبط ثانية بحقائق ذات صور وأشكال جديدة وبمبادئ ومفاهيم ( سُنة الله ) ثابتة ، متناسبة مع تغير المكان والزمان في كل لحظة ، وقد بين الإمام أبي جعفر (عليه السلام) هذه الحقيقة بالحديث المروي عنه (عليه السلام) إنه قال : ( قال الله عز وجل في ليلة القدر {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} يقول فيها كل أمر حكيم - إلى أن قال- انه لينزل في ليلة القدر إلى ولي الأمر سنة سنة يؤمر فيها في أمر نفسه بكذا وكذا .
        وفي أمر الناس بكذا وانه ليحدث لولي الأمر سوى ذلك اليوم علم الله عز وجل الخاص والمكنون العجيب المخزون مثل ما ينزل في تلك الليلة من الأمر ثم قرأ :
        {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} ) الكافي ج1 ص248.
        ما الذي نستخلصه من هذا الحديث ؟
        نستخلص إن تأويل الحقائق القرآنية تهبط على قلب الإمام (ولي الأمر) المعصوم بصورة مستمرة مع تقادم الزمن في كل لحظة والتي تمثل الأوامر الإلهية {كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} وكل سنة في ليلة القدر تتم الحقائق (الأوامر الإلهية) في الوجود لتهبط حقائق (أوامر) جديدة على قلب المعصوم تناسب تغيرات المكان والزمان التي تمثل (علم الله المكنون والعجيب والمخزون) .
        بقي أن نعرف ما هو مصداق هذا المدد القرآني في القرآن على اعتبار إن القرآن حوى كل شيء من الوجود بين طياته إن كانت مصاديق وحقائق ( تأويل القرآن ) أو صيغ لغوية لهذه الحقائق (تنـزيل القرآن) بقوله تعالى :
        {مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ} .
        {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ} .
        {وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ} .
        إذن لابد من وجود مجموعة آيات تعبر عن التبيان لذلك المدد الملكوتي ولكي نعرف أي من السور التي تطابق المدد يجب أن نعرف اشتراكها مع المدد بالمبدأ ، ما هو مبدأ المدد ؟
        مبدأ المدد مأخوذ من المدد ، مده بالقوة أو مده بالغذاء ، الإمدادات العسكرية ، الإمدادات الغذائية ، وأقرب مثال لمعنى المدد الحقيقي هي الأُم ، فألام هي التي تمد وليدها بالحليب والغذاء والحب والحنان ، أي إن الأم هي المدد المادي والروحي للطفل .
        ولكي نجد السورة التي تعبر عن المدد الملكوتي لابد أن تتسم بصفة الأمومة ، أي تمثل أم القرآن ، فأي من السور التي تمثل أم القرآن يا ترى ؟ ، لنعود إلى القرآن ليتكلم عن نفسه ويعرف لنا من هي أمه التي تمده بالملك والملكوت .
        {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} .
        فعن أبي كعب إنه قال : قرأت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) فاتحة الكتاب ، فقال :
        ( والذي نفسي بيده ما أنزل الله من التوراة والإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها ، هي أم الكتاب ، وأم القرآن ، وهي السبع المثاني ...) مستدرك الوسائل ج1 ص306.
        أصبح من المعلوم لدينا الآن إن المدد الذي يمد القرآن والوجود باعتباره جزء من القرآن هي سورة الفاتحة ، وهذا يعني إن مصداق كل بطن من بطون القرآن في سورة الفاتحة ، وبطون القرآن سبعة وآيات الفاتحة سبعة ، إذن فكل آية من آيات الفاتحة تعتبر المدد لأحد البطون السبعة .
        والبطون متدرجة في الوسع والكبر من البطن الأعمق الأول الذي يكون أوسع الجميع إلى البطن السابع الذي يعتبر الأصغر والأقرب من السماء الدنيا الأولى .
        والمخطط التالي يوضح ذلك :





        يتبع

        تعليق


        • #5
          تكملة الجزء الرابع من نظرية رفع القرآن

          والمثال السابق مثال توضيحي لتبيان حقيقة تنزيل الأمر من فوق سبع سماوات ، مد البطون السبعة للقرآن والسماوات بالحقائق الملكوتية التي تمثل الفيض الامدادي الإلهي للكون ، وبإضافة الآيات القرآنية التالية مع التوضيح السابق :
          {قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً} الكهف (109).
          {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} لقمان (27).
          {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} فصلت (12).
          {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً} الطلاق12.
          نستدل منها :
          • إن الأمر يتنزل من فوق سبع سماوات ( من العرش ) مروراً بالسماوات وهابطاً إلى السماء الدنيا والأرض بصورة مدد فيض الهي .
          • إن كل سماء تعتبر مصداق لكل بطن من بطون التأويل القرآني وكل بطن هو آية من آيات سورة الفاتحة ابتدءاً من البسملة وانتهاءً بـ {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} ، وكل سماء ( بطن ) هو بحر من الأبحر السبعة .
          • عند تنزيل القرآن من العرش تترتب السماوات من الأولى ( وهي القريبة من العرش ) إلى السابعة وهي القريبة من الأرض ( السماء الدنيا ) ، وعند رفع القرآن تترتب السماوات تصاعدياً حيث تصبح السماء السابعة القريبة من الأرض هي السماء الأولى والسماء الأولى القريبة من العرش تصبح السماء السابعة .
          • كل سماء من السماوات تسمى باسم الآية التي تحويها من الفاتحة :
          1. السماء الأولى (سماء البسملة ) : {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} ، القريبة من العرش .
          2. السماء الثانية (سماء الحمد) : {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} .
          3. السماء الثالثة (سماء الرحمة) : {الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ} .
          4. السماء الرابعة (سماء الملك) : {مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ} .
          5. السماء الخامسة (سماء العبودية) : {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} .
          6. السماء السادسة ( سماء الهداية ) : {اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ} .
          7. السماء السابعة ( سماء الغضب ) : {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} ، القريبة من الأرض .
          • إن الأمر ( الحقائق الإلهية الوجودية ) تملأ كل سماء من السماوات لقوله {وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا} ، وقوله {يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ} .
          ويجري بجريان الشمس والقمر والليل والنهار ، كل يوم أمداد لحقائق جديدة تختلف عن اليوم السابق ، وليس كما يعتقد به علماء الفيزياء في إن الكون يملأه فراغ شاسع ، والحقيقة إن كل سماء هي بحر ، ولكن بحر من ماذا ؟ بحر من وجود يشترك مع الماء بالمبدأ ، وله خصائص شبيهه (بالمبدأ وليس بالمصداق) بخصائص الماء الفيزيائية والميكانيكية ، وهذا الماء يصفه القرآن ، {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} .
          فسبحان الله الذي وصف البطون بالبحور .
          ولعل الحديث المروي عن أمير المؤمنين يلخص تلك الحقائق المرتبطة بسورة الفاتحة بقوله (عليه السلام) :
          ( إن علوم الكون كلها في القرآن وعلوم القرآن في السبع المثاني وعلوم السبع المثاني في البسملة وعلوم البسملة في الباء وعلوم الباء في النقطة وأنا تلك النقطة ) الأربعون حديثاً للشيخ الخوئي ص231.
          وهذا الحديث يعطينا دليلاً على إن رفع المعصوم يعني رفع القرآن من الوجود ، فعند رفع الإمام يعني رفع النقطة ورفع النقطة يعني رفع لعلوم البسملة ، (ولم يقل حروف (البسملة) المكتوبة على الصحف) بل علوم البسملة وعند رفع البسملة يعني رفع لعلوم السبع المثاني وعند رفع السبع المثاني يعني رفع لعلوم القرآن (البطون السبعة) وعند رفع القرآن يعني رفع الحقائق الملكوتية في الكون (علوم الكون) والذي يؤدي إلى قيام الساعة الكبرى .[/color][/size]

          تعليق


          • #6
            الحلقة الخامسة

            [SIZE="5"][COLOR="DarkGreen"]الحلقة الخامسة

            القلب وعلاقته بالرفع والتنزيل

            القلب أهم عضو في الجسم ، ودقاته تشير إلى استمرار الحياة وديمومتها ، وهو مركز للعاطفة الإنسانية ، التي تميز الإنسان عن الحيوان ، وهو مركز للذكاء والتعقل قال تعالى :
            {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} الحج46.
            ومن هذا المنطلق تأتي أهمية دور القلب في تفهم وتعقل الآيات القرآنية وكثير من الآيات أكدت إن تنزيل القرآن كان على قلب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وليس على أي جزء آخر ، مما يدفعنا لدراسة القلب والقرآن ، بقوله تعالى :
            {قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} البقرة97.
            وقوله تعالى : {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ} الشعراء193- 194.
            إذن من هذه الآيات يتأكد إن نزول القرآن يكون على القلب فقط ، قد يتساءل أحدهم ويقول لماذا القلب بالذات ؟ فأقول جاء في الحديث القدسي عن الله عز وجل : ( لا تسعني سمائي ولا أرضي ولكن يسعني قلب عبدي المؤمن) عوالي اللئالي ج4 ص7
            .
            من هذا الحديث يتبين لنا إن موضع الاتصال بالسماء يكون في القلب والخشوع لله هو خشوع القلب ، وهو مركز الهداية والإيمان .
            وأي عبادة سيأتي بها الإنسان لا تقبل منه دون قلب تقي وطاهر لا يرى أحد سوى ربه ، وتلك الآيات تبين لنا كما أسلفنا إن تنـزيل القرآن لا يكون إلا على القلب ، وليس أي قلب لأي شخص ، بل قلب كقلب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) فهو القلب القادر على حمل هذا القرآن على سعته وعظمته ، قلب طاهر من الشك قال تعالى : {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} الأحزاب33.
            إذن يقتضي التنزيل والتأويل للقرآن وجود قلب يستوعب هذا التنزيل والتأويل ، بل ويستقطب أي تنزيل ملكوتي هابط من العرش .
            وكما أثبتنا إن الحقائق الملكوتية ( المدد القرآني ) وهو الفيض ، تشكل حبل الله الذي لا ينقطع والمستمر من العرش إلى الأرض في كل لحظة ودقيقة وساعة وفي كل يوم ستتغير هذه الحقائق وتتجدد مرة أخرى كل عام في الثالث والعشرين من رمضان (ليلة القدر)(هامش تجد إثبات إن ليلة الثالث والعشرون من شهر رمضان هي ليلة القدر في كتاب الابجد في الجزء الثالث من هذه الموسوعة) ، وبقوله تعالى عن سورة القدر:
            {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ} القدر4.
            فأين يذهب هذا الفيض والملائكة والروح النازلة إلى الأرض يا ترى ؟ لا بد من وجود قلب كقلب رسول الله تتنـزل عليه الملائكة والروح ، وهذا القلب لابد أن يكون قلباً طاهراً نقياً من أي شك في أمر الله ، كطهارة قلب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) .
            فمن يحمل مثل هذا القلب يا ترى ؟ بالتأكيد يكون قلب الإمام المعصوم هو القلب الذي يستقطب هذا المدد الإلهي والفيض المستمر وقلبه (عليه السلام) له من الطهارة كطهارة قلب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) ، وآية التطهير المذكورة سابقاً كفيلة في إثبات تلك الطهارة القلبية التي يحملها قلب الإمام المعصوم ، فأهل البيت هم محمد وآل محمد (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) والذي تكفل الله تعالى بتطهيرهم من الرجس تطهيراً والرجس هو الشك وعدم اليقين بالله ، لذا سيكونون هم الذين تتنـزل على قلوبهم الطاهرة الملائكة والروح .
            والإمام الحجة بن الحسن (عليه السلام) هو خاتم الأوصياء وهو وارث محمد وآل محمد لذا سيكون تنزيل الملائكة والروح والفيض الإلهي للحقائق على قلبه .
            وكما هو معلوم إن التنزيل القرآني للآيات تم على قلب رسول الله وانتهى بوفاته وباعتبار إن للقرآن تنزيل وتأويل لذا فإن تأويل القرآن الذي ينزل على قلب الإمام المعصوم ، بقوله تعالى {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ} الأعراف53.
            فكما تم التنـزيل على قلب رسول الله فإن تمام التأويل يكون على قلب الإمام بشهادة تلك الآية {يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ}.
            أي ذلك اليوم الذي سيتم فيه التأويل المستمر على القلب وعلى الوجود بصورة عامة فيصبح الملك ملكوت والباطن ظاهر في عصر الإمام ، فيعمل قلب المعصوم كقطب مغناطيسي يجذب تلك الإفاضة التي شبهناها بالمجال المغناطيسي الهابط من فوق سبع سماوات إلى الأرض ، لو لاحظنا أمر مهم هو إن الملائكة والروح تتنـزل في ليلة القدر وليلة القدر هي قلب شهر رمضان بقول الإمام الصادق (عليه السلام) في تفسير الآية :
            ( {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ} فغرة الشهور شهر الله تعالى وهو شهر رمضان وقلب شهر رمضان ليلة القدر ونزل القرآن في أول ليلة من شهر رمضان واستقبل الشهر بالقرآن ) روضة الواعظين ج2 ص393.
            بعد تبيان حقيقة النزول ( التنـزيل ) الذي لا يكون إلا على القلب والقلب هو قلب معصوم ومطهر من الرجس ، لذا يصبح من المنطقي عند زوال ذلك القلب من الوجود يعني زوال لذلك المدد الإلهي القرآني .
            بمعنى أدق عند رفع الإمام باستشهاده يزول السبب أو القطب المغناطيسي الذي هو سبباً لجذب ذلك الطيف الملكوتي القرآني وبالتالي انقطاع المدد الإلهي لبقاء الكون في حركته وتوازنه الطبيعي .
            إلا إن هذا الرفع للحقائق الملكوتية القرآنية من الوجود لن يحدث فجأة ويرفع جملة وتفصيلاً بل يتدرج الرفع تدريجياً جيلاً بعد جيل ويوماً بعد يوم إلى أن يأتي ذلك اليوم الذي ترتفع فيه آخر حقيقة وجودية للقرآن من الكون ، فيطوي الله السماوات كطي السجل للكتب وتقوم القيامة الكبرى .



            الفصل الرابع
            الرفع والمهديون

            أوضحنا فيما سبق إن عملية رفع القرآن لا يمكن أن تكون كما بينه العلماء بأنها محو ما في الصدور ومسح الحروف والكلمات من الصحف والمطبوعات القرآنية .
            بل حقيقته هو رفع كل الحقائق القرآنية التي كانت تسبح بين السماء والأرض وانقطاع المدد القرآني الإلهي بالفيض ( حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض ) ، أي توقف نزول الملائكة والروح بعبارة أخرى عدم وجود ليلة القدر .
            وذلك يحدث عند استشهاد الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري المهدي (عليه السلام) ورفعه إلى السماء وبدوره يرفع طرف الحبل الذي هو معه (عليه السلام) .
            دلت الأحاديث النبوية على إن بعد استشهاد الإمام يأتي اثنا عشر مهدي وهم المهديون .
            حيث روي عن أبي بصير قال : قلت للصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) : ( يابن رسول الله ، إني سمعت من أبيك (عليه السلام) انه قال : يكون بعد القائم اثنا عشر إماماً .
            فقال : إنما قال اثنا عشر مهدياً ولم يقل اثنا عشر إماماً ، ولكنهم قوم من شيعتنا يدعون الناس إلى موالاتنا ومعرفة حقنا ) مختصر بصائر الدرجات ص212.
            بعض العلماء يعتقد إن القرآن يرفع ليس عند رفع الإمام الحجة (عليه السلام) بل عند وفاة آخر مهدي من المهديين .
            بينما أكدت الروايات إن الرفع لا يكون إلا عند استشهاد الإمام الحجة ، فالعرش (حبل من الله) والطرف الثاني عند أهل البيت ( حبل من الناس ) ، وأهل البيت هم محمد والأئمة الإثنا عشر بعد محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) ، حيث جاء :
            عن غياث بن إبراهيم ، عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين بن علي قال : سُئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن معنى قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) :
            ( إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ) ؟
            فقال : من العترة ؟
            فقال (عليه السلام) : أنا والحسن والحسين والتسعة من ولد الحسين تاسعهم مهديهم وقائمهم ، لا يفارقون كتاب الله ولا يفارقهم حتى يردا على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) حوضه ) تفسير البرهان ج1 ص13.
            من هذه الرواية والرواية السابقة نستخلص ما يلي :
            1. التأكيد على إن المهديين بعد الإمام المهدي القائم (عليه السلام) ليسوا أئمة ، أقصد بأنهم ليسوا بمستوى أهل البيت (عليهم السلام) أو مقامهم عند الله بل أنهم أدنى مرتبة ولكنهم ما زالوا حججاً بعد الأئمة (عليهم السلام) على الناس وعلمهم متوارث من علم محمد وآل محمد (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) .
            2. إن الثقل الأكبر هو كتاب الله والثقل الثاني هم العترة أهل البيت أي إن ارتباط القرآن فقط بالعترة وهم علي وفاطمة والحسن والحسين والتسعة من ولد الحسين تاسعهم مهديهم وقائمهم .
            فقد حصرت هذه الرواية بالإمام التاسع من ولد الحسين فيكون هو الذي لا يفارق القرآن والقرآن لا يفارقه .
            وهو الحبل الثاني وهو الوجه المقابل للقرآن وترجمانه وسبب استمرارية المدد الإلهي للوجود ، وهو الذي تنزل عليه الملائكة والروح من كل أمر في كل عام في ليلة القدر على قلبه الطاهر المطهر في قلب شهر الطهارة والتطهير .
            ولم يذكر إن المهديين بعد المهدي عند رفع آخر مهدي منهم بوفاته يرفع القرآن بل باستشهاد الإمام (عليه السلام) يبدأ الرفع التدريجي لحقائق القرآن الملكوتية السابحة بين السماء والأرض إلى أن يأتي اليوم الذي يتم فيه الرفع الكامل لهذه الحقائق لتنطوي السماوات والأرض بفقدان مصدر بقائها بالتوازن الطبيعي وتقوم الساعة الكبرى .
            أما القرآن كدراسات وعلوم فهو باقي إلى قيام الساعة الكبرى يتوارثه المهديون واحداً تلو الآخر عن مولاهم وإمامهم محمد بن الحسن العسكري المهدي الأكبر (عليه السلام) .
            وكل ما لدى المهديين من علم فما هو إلا من المهدي الأول بعد الإمام (عليه السلام) يتوارثونه كما ورث الإئمة علوم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) عن طريق وراثة الإمام علي (عليه السلام) .
            لذلك جاء في الروايات وصف المهدي الأول ( اليماني ) بأنه لا يُسأل عن شيء بين صدفيها إلا وأجاب واليك الرواية الواردة في غيبة النعماني :
            ( عن أبي الجارود قال : قلت لأبي جعفر (عليه السلام) : إذا مضى الإمام القائم من أهل البيت ، فبأي شيء يعرف من يجيء بعده ؟
            قال : بالهدى والإطراق وإقرار آل محمد له بالفضل ولا يُسأل عن شيء بين صدفيها إلا أجاب ) الخصال ص200.
            ونستفيد من هذه الرواية إن مرحلة العلم الكامل لدى المهدي الأول إنما تكون بعد وفاة الإمام المهدي ووراثة العلم من الإمام (عليه السلام) أما قبلها فلا يكون عنده العلم الكامل إنما عنده جزء من ذلك العلم ، قال تعالى {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} .

            تعليق


            • #7
              الحلقة السادسة

              الحلقة السادسة
              نظرية النزول التدريجي

              بعد أن تبين لنا ان خلق الله تبارك وتعالى للقرآن قبل خلقه للإنسان {الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ} الرحمن (1- 3) .
              ولما كان كذلك نقول : إن الصحف والكتب التي أنزلها الله سبحانه وتعالى على أنبياءه ما هي إلا بعض القرآن ، فلو تمعنا في شرائع الأنبياء والرسل (عليهم السلام) التي حملتها تلك الصحف والكتب الإلهية لوجدنا بينها وبين القرآن تناسق وتشابه في المحتوى والمضمون ووحدة الموضوع وإن كان هناك اختلاف بسيط من ناحية الاتساع والشمول ، فأوسع الكتب والرسالات وأشملها على الإطلاق هو القرآن ، فالصحف التي نزلت على آدم وشيث وموسى وغيرهم من الأنبياء والألواح والتوراة والإنجيل والزبور ، ما هي إلا أجزاء من القرآن وهناك عدة أدلة على ذلك .
              1_ قال تعالى {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ} .
              2_ {وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ} البقرة 41 .
              3_ {وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ} آل عمران50
              4_{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُولاً} النساء47 .
              5_{وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ} الصف6 .
              6- َمَا كَانَ هَـذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ } يونس37.
              7- {قَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} يوسف111 .

              ومن الروايات الشريفة:
              عن سعد الاسكافي، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم تسليما)(أعطيت لطوال مكان التوراة ، وأعطيت المئين مكان الإنجيل ، وأعطيت المثاني مكان الزبور ، وفضلت بالمفصل ، ثمان وستون سورة ، وهو مهيمن على سائر الكتب ) الكافي ج2 ص601.
              بعد أن تبين ذلك أقول إضافة لما تقدم فإن نفس القرآن النازل على محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) نزل بصورة تدريجية ولمدة ثلاث وعشرين سنة وهذا المعنى مما لا خلاف فيه .
              إذن ومن كل ما تقدم يتبين لنا ان نزول القرآن كان بشكل تدريجي منذ زمن آدم والى زماننا هذا ويستمر إلى زمان قيام المهدي المنتظر (عليه السلام) فهو من سيقوم بختمه قبل استشهاده (سلام الله تعالى عليه) .
              والقرآن كما بينا فيه ظاهر وباطن حيث يتناول علم التفسير ظاهر القرآن بينما يتناول علم التأويل باطن القرآن كما إن المقصود بنزول القرآن نزول الظاهر ونزول الباطن أي تأويل القرآن .
              إذن فإن نزول التأويل كان تدريجياً كنزول الظاهر ، فكما كان تمام نزول القرآن وختمه في زمن الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) ، فكذلك يكون تمام التأويل وختمه في زمن الإمام المهدي (عليه السلام) .
              فإن التأويل نزل بصورة تدريجية نظراً لحاجة المجتمع ومدى قبولهم واستيعابهم فإن هناك اعتبارات لابد من مراعاتها كاختلاف الزمان والمكان وما إلى ذلك فكلما تطورت العلوم وازدادت حاجات المجتمع وارتقى مستوى الفهم البشري كان نزول التأويل بشكل أوسع .
              وبما ان نزول القرآن بصورة عامة والتأويل بصورة خاصة كان تدريجياً فكذلك بالنسبة لرفع القرآن في آخر الزمان عند استشهاد الإمام (عليه السلام) الذي يبقي الحقائق القرآنية تجري بين السماء والأرض لن يرفع الباطن (التأويل) القرآن جملة واحدة ، بل كما نزل على الأرض بالتدريج فإنه سيرفع بالتدريج أيضاً .
              وإلاّ على اعتبار في اليوم الذي يتم فيه الرفع الكامل للحقائق القرآنية من الوجود (التأويل) فإن الساعة الكبرى (يوم القيامة) ستقوم وتبدأ عملية طيّ السماوات كما بدأ أول خلق {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} الأنبياء (104).
              [/color][/size]

              تعليق


              • #8
                جهود جبارة فاليبارك بكم الرب

                تعليق


                • #9
                  يابن الحسن روحي فداك فمتى ترانا ونراك

                  تعليق

                  يعمل...
                  X