إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

التقوى ومراتب الكمال

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • التقوى ومراتب الكمال

    عن الإمام الصادق عليه السلام: "كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: نبه بالتفكر قلبك، وجافِ عن الليل جنبك، واتّقِ الله ربك"1.

    معنى التقوى
    التقوى في اللغة من الوقاية. والمقصود منها في الأحاديث "وقاية النفس من عصيان أوامر الله ونواهيه وما يمنع رضاه"، فهي ليست مجرد حفظ النفس عن الأمور التي نعلم أنها معصية، بل هي حفظ النفس حفظاً تاماً عن الوقوع في المحظورات بترك الشبهات.

    وقد ورد في الروايات:"من أخذ بالشبهات وقع في المحرمات وهلك من حيث لا يعلم"2، "فمن رتع حول الحِمى أوشك أن يقع فيه"3.

    التقوى ومراتب الكمال
    إن التقوى ليست هي مقاماً من مقامات الكمال، وإنما هي وسيلة لبلوغ تلك المقامات، ولا يمكن بلوغ أي مقام بدونها.

    فالنفس ما دامت ملوثة بالمحرمات، لا تكون داخلة في الإنسانية ولا سالكة في طريقها.

    وما دامت تميل إلى الشهوات وتستطيب حلاوتها، لن تصل إلى أول مقامات الكمال الإنساني.

    وما دام حب الدنيا والتعلق بها في القلب، فلا يمكن أن يصل إلى مقام المتوسطين والزاهدين.

    وما دام حب الذات باقياً في دخيلة نفسه، لن ينال مقام المخلصين والمحبين.

    وما دام لم يصل إلى مرحلة "ما رأيت شيئاً إلا ورأيت الله فيه ومعه وقبله وبعده" ولا زالت الكثرة الملكية والملكوتية ظاهرة في قلبه، لن يصل إلى مقام المنجذبين، وهكذا إلى المقامات الأعلى والأشمخ...

    فتقوى العامة إذاً تكون من المحرمات، وتقوى الخاصة من المشتهيات، وتقوى الزاهدين من حب الدنيا، وتقوى المخلصين من حب الذات، وتقوى المنجذبين من الالتفات لغير الله...

    وهذه المراتب لها تفاصيل لن ينال منها أمثالنا سوى الحيرة والضياع في المصطلحات، والبقاء في حجب المفاهيم. فالمهم بالنسبة لنا التركيز على تقوى العامة.

    مرض النفس
    إن للنفس الإنسانية صحةً ومرضاً، وعلاجاً ومعالجاً، كما كان للجسد صحته ومرضه، وعلاجه ومعالجه.

    إن صحة النفس وسلامتها هي الاعتدال في طريق الإنسانية، ومرضها هو الإعوجاج والإنحراف عن هذه الطريق.

    وهذه الأمراض النفسية أشد فتكاً من الأمراض الجسدية آلاف المرات. فإن نهاية ما يمكن أن يصل إليه مرض البدن هو الموت، فإذا مات وفارقت الروح البدن، زالت جميع الأمراض البدنية ولا يبقى أثر للآلام والأسقام.

    وأما الأمراض النفسية، فإنه ما إن تفارق الروح البدن حتى تظهر آلامها وأسقامها.

    إن هذه الأمراض تحتل روح الإنسان ونفسه في الدنيا، ولكن لا يشعر بها بسبب تعلقه بالدنيا وتوجهه إليها، فإن التعلق بالدنيا هو أشبه بالمخدر الذي يمنع من الشعور بالمرض رغم استفحاله وانتشاره. فعندما يزول ارتباط الروح بدنيا البدن يرجع الشعور ويبدأ الإحساس بالآلام والأسقام.

    وهذه الأمراض يمكن أن تكون غير قابلة للشفاء، فتلازم الروح أبداً. وإن كانت قابلة للشفاء، فإن شفاءها سيحتاج لآلاف السنين من العذاب والعناء والإحتراق بالنار، فإن آخر الدواء الكيّ: ﴿يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ﴾(التوبة:35).

    دور التقوى عند العامة
    إن الأنبياء هم بمنزلة الأطباء المشفقين الذين جاؤوا بكل لطف ومحبة لمعالجة المرض بأنواع العلاج المناسب لحالتهم.

    والأعمال الروحية القلبية والظاهرية البدنية، هي بمثابة الدواء للمرض.

    والتقوى في كل مرتبة من مراتبها هي بمثابة الوقاية من الأمور المضرة التي تفاقم الأمراض. ومن دون الحميّة لا يمكن أن ينفع العلاج.

    في الأمراض الجسدية قد يستطيع الدواء والطبيعة التغلب على المرض مع عدم الحمية جزئياً، لأن طبيعة الإنسان تحارب الأمراض الجسمية وتحفظ الصحة وتداوي الأمراض.

    لكن في الأمراض النفسية الموضوع يختلف، لأن النفس تتوجه إلى الأمراض النفسية وتستقبلها بدل مواجهتها ومحاربتها، فهي تتوجه نحو الفساد والإنتكاس: ﴿إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ﴾(يوسف:52).

    فمن يتهاون في الحمية تصرعه الأمراض، وتجد ثغرات للنفوذ إليه حتى تقضي على صحته قضاءً تاماً.

    إن وسيلة الخلاص من العذاب، والطريق الوحيد إلى المقامات والمدارج الإنسانية والصحة، تنحصر في أمرين:

    الأول: الإتيان بما يصلح النفس ويجعلها سليمة. وفعل الواجبات يعتبر من أفضل الأمور المصلحة، ومقدم على كل هدف، وله أكبر الأثر. ولهذا أوجبها الله سبحانه وتعالى.

    الثاني: الامتناع عن كل ما يضرها ويؤلمها، وضرر المحرمات هو أشد الضرر.

    أهل السلوك يعتبرون الأمر الثاني(التقوى من المحرمات) مقدم على الأمر الأول، حيث يظهر من الأخبار الإهتمام الخاص بهذا الأمر والتركيز عليه.

    فعليك أن تطلب من القادر ذي الجلال، من الله المتعال جل جلاله، مع التضرع والبكاء والإلتماس كي يوفقك في هذه المرحلة ويعينك في الحصول على خصلة التقوى.

    واعلم أن بدايات الأمر صعبة وشاقة، ولكن بعد فترة من الاستمرار والمثابرة تتحول المشقة إلى راحة، والعسر إلى يسر، بل تتبدل إلى لذة روحية. لذة لا ترضى باستبدالها بحميع اللذائذ.

    التقوى في المراتب الأعلى
    المرتبة الثانية: بعد المواظبة الشديدة والتقوى التامة في المرتبة الأولي يمكن - إن شاء الله تعالى - أن تنتقل من هذا المقام إلى مقام تقوى الخاصة. وهي التقوى التي تتلذذ الروح بها، لذة روحية إذا تذوقتها فلن تقيم وزناً للذات الجسدية الزائلة، بل تنفر منها.

    المرتبة الثالثة: وتنظر في باطنك فتجد أن كل لذة من لذات هذا العالم قد أوجدت في النفس أثراً وأبقت في القلوب لطخة سوداء تبعث على شدة الأنس بهذه الدنيا والتعلق بها. وهذه نفسها هي سبب الإخلاد إلى الأرض، وعند سكرات الموت تتبدل إلى صعوبة ومشقة ومعاناة. فإذا أدرك الإنسان هذا الأمر سقطت لذات العالم من عينه كلياً ونفر من الدنيا وما فيها من مباهج وزخارف. وهذا هو التقدم إلى المقام الثالث من التقوى.

    المرتبة الرابعة: بعد المرتبة الثالثة يصبح سبيل السلوك إلى الله سهلاً ميسوراً، وطريق الإنسانية نيّراً واسعاً، وتصبح خطوته شيئاً فشيئاً خطوة الحق، ويتهرب من النفس وآثارها، إذ يجد في ذاته عشقاً للحق، فلا يعود يقنع بوعود الجنة والحور العين والقصور، بل يكون مطلوبه ومقصوده أمراً آخر، وينفر من الأنانية وحب الذات. فيتقي حب الذات ويتقي الأنانية. وهذا أول مراتب هبوب نسيم الولاية، فيصبح موضع عناية ألطاف الله تعالى الخاصة.

    أما ما يحدث للسالك بعد ذلك فخارج عن قدرة القلم.
    يابن الحسن روحي فداك فمتى ترانا ونراك

  • #2
    قيل في التقى

    خلِ الذنوب صغارهـــــا وكبارها فهو التقـــى
    واصنع كماشٍ بين أرض الشوك يحذر مــا يرى
    لا نحقرن صغيــــــــرة إن الجبال من الحصى
    ماذا فقد من وجدك وماذا وجد من فقدك

    تعليق


    • #3
      قال تعالى(إن المتقين في جنات ونهر, في مقعد صدق عند مليك مقتدر) القمر54,55
      قال الامام الصادق(ع){ القيامة عرس المتقين} البحارج,70
      موضوع شيق بارك الله فيك
      قال الامام علي {ع} {إعرف الحق تعرف أهله}

      تعليق


      • #4
        التقوى امر عظيم لايناله الا ذو حظ عظيم
        ماجاء عن المتقين من كلام امير المؤمنين(عليه السلام)/
        قال ( عليه السلام ) بعد حمد الله والثناء عليه :
        ( إنّ المتقين في الدنيا هم أهل الفضائل ، منطقهم الصواب ، وملبسهم الاقتصاد ، ومشيهم التواضع ، خضعوا لله بالطاعة ، غاضين أبصارهم عمّا حرّم الله عزّ وجل ، واقفين أسماعهم على العلم ، نزلت منهم أنفسهم في البلاء ، كالذي نزلت في الرخاء ، رضى بالقضاء ، لولا الآجال التي كتب الله لهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين ، شوقاً إلى الثواب ، وخوفاً من العقاب .

        عظم الخالق في أنفسهم ، فصغر ما دونه في أعينهم ، فهم والجنّة كمن قد رآها فهم منعّمون ، وهم والنار كمن قد رآها ، وهم فيها معذّبون ، قلوبهم محزونة ، وشرورهم مأمونة ، وأجسادهم نحيفة ، وحاجاتهم خفيفة ، وأنفسهم عفيفة ، ومعونتهم للإسلام عظيمة ، صبروا أيّاماً قصاراً ، فأعقبتهم راحة طويلة مربحة ، يسّرها لهم ربّ كريم ، أرادتهم الدنيا ولم يريدوها ، وطلبتهم فأعجزوها .

        أمّا الليل فصافّون أقدامهم ، تالون لأجزاء القرآن ، يرتلونه ترتيلاً ، يحزنون به أنفسهم ، ويستثيرون به دواء دائهم ، وتهيج أحزانهم بكاءً على ذنوبهم ، ووجع كلومهم وجراحهم ، فإذا مرّوا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعاً ، وتطلعت أنفسهم إليها شوقاً ، وظنّوا أنّها نصب أعينهم ، وإذا مرّوا بآية فيها تخويف ، أصغوا إليها مسامع قلوبهم ، وظنّوا أنّ زفير جهنّم وشهيقها في أصول آذانهم ، فهم حانون على أوساطهم ، ومفترشون جباههم وأكفهم ، وأطراف الأقدام ، يطلبون إلى الله العظيم في فكاك رقابهم .

        أمّا النهار فحكماء علماء ، أبرار أتقياء ، قد براهم الخوف أمثال القداح ، ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى ، ويقول : قد خولطوا ، وقد خالط القوم أمر عظيم ، إذا هم ذكروا عظمة الله تعالى ، وشدّة سلطانه ، مع ما يخالطهم من ذكر الموت وأهوال القيامة ، أفزع ذلك قلوبهم ، وطاشت له أحلامهم ، وذهلت له عقولهم ، فإذا أشفقوا من ذلك بادروا إلى الله بالأعمال الزاكية ، لا يرضون باليسير ، ولا يستكثرون له الكثير .

        هم لأنفسهم متّهمون ، ومن أعمالهم مشفقون ، إذا زكي أحدهم خاف ممّا يقولون ، فيقول : أنا أعلم بنفسي من غيري ، وربّي أعلم بي منّي ، اللهم لا تؤاخذني بما يقولون ، واجعلني خيراً ممّا يظنّون ، واغفر لي ما لا يعلمون ، إنّك علاّم الغيوب .

        فمن علامة أحدهم أنّك ترى له قوّة في دين ، وخوفاً في لين ، وإيماناً في يقين ، حرصاً في علم ، وكيساً في رفق ، وشفقة في نفقة ، وفهما في فقه ، وعلماً في حلم ، وقصداً في غنى ، وخشوعاً في عبادة ، وتجمّلاً في فاقة ، وصبراً في شدّة ، ورحمة للمجهود ، وإعطاء في حق ، ورفقاً في كسب ، وطلباً في حلال ، ونشاطاً في هدى ، وتحرجاً عن طمع ، وبراً في استقامة ، واعتصاماً عند شهوة .

        لا يغرّه ثناء من جهله ، ولا يدع إحصاء عمله مستبطئاً لنفسه في العمل ، يعمل الأعمال الصالحة ، وهو على وجل ، يمسي وهمّه الشكر ، يصبح وهمّه الذكر ، يبيت حذراً ، ويصبح فرحاً حذراً لما حذر من الغفلة ، فرحاً بما أصاب من الفضل والرحمة .

        إن استصعبت عليه نفسه فيما تكره ، لم يعطها سؤلها فيما هويت ، فرحه فيما يحذر ، وقرّة عينه فيما لا يزول ، وزهادته فيما يفنى ، يمزج الحلم بالعلم ، ويمزج العلم بالعمل ، تراه بعيداً كسله ، دائماً نشاطه ، قريباً أمله ، قليلاً زلَلُه ، خاشعاً قلبه ، قانعة نفسه ، متغيّباً جهله ، سهلاً أمره ، حريزاً دينه ، ميتة شهوته ، مكظوماً غيظه ، صافياً خلقه ، لا يحدث الأصدقاء بالذي يؤتمن عليه ، ولا يكتم شهادة الأعداء ، لا يعمل شيئاً رئاء ، ولا يتركه استحياء .

        الخير منه مأمول ، والشر منه مأمون ، إن كان في الغافلين كتب في الذاكرين ، يعفو عمّن ظلمه ، ويعطي من حرمه ، ويصل من قطعه ، لا يعزب حلمه ، ولا يعجز فيما يزينه ، بعيداً فحشه ، ليّناً قوله ، غائباً مكره ، كثيراً معروفه ، حسناً فعله ، مقبلاً خيره ، مدبراً شرّه ، فهو في الزلازل وقور ، وفي المكارة صبور ، وفي الرخاء شكور .

        لا يحيف على من يبغض ، ولا يأثم فيمن يحب ، ولا يدّعي ما ليس له ، ولا يجحد حقّاً هو عليه ، يعترف بالحق قبل أن يشهد عليه ، لا يضيع ما استحفظ ، ولا ينابز بالألقاب ، لا يبغي ولا يهم به ، ولا يضار بالجار ، ولا يشمت بالمصائب ، سريع إلى الصواب ، مؤد للأمانات ، بطئ عن المنكرات ، يأمر بالمعروف ، وينهى عن المنكر ، لا يدخل في الدنيا بجهل ، ولا يخرج من الحق .

        إن صمت لم يغمه الصمت ، وإن ضحك لم يعل به الصوت ، قانع بالذي له ، لا يجمح به الغيظ ، ولا يغلبه الهوى ، ولا يقهره الشح ، ولا يطمع فيما ليس له ، يخالط الناس ليعلم ، ويصمت ليسلم ، ويسأل ليفهم ، لا ينصت للخير ليعجز به ، ولا يتكلّم به ليتجبر على من سواه ، إن بغي عليه صبر ، حتّى يكون الله جل ذكره ينتقم له .

        نفسه منه في عناء ، والناس منه في رجاء ، أتعب نفسه لآخرته ، وأراح الناس من نفسه ، بعده عمّن تباعد عنه بغض ونزاهة ، ودنوه ممّن دنا منه لين ورحمة ، ليس تباعده تكبّراً ولا عظمة ، ولا دنوّه خديعة ولا خلابة ، بل يقتدي بمن كان قبله من أهل الخير ، وهو إمام لمن خلفه من أهل البر ) .
        عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام):

        ((إذا خرج القائم (ع) ينتقــم من أهـلِ الفتـوى بما لايعلمون ، فتعساً لهم ولأتباعهم ، أوكان الدينُ ناقصاً فتمّموه ؟ أم بهِ عِوَجُ فقوّموه ؟ أم أمر الناس بالخلاف فأطاعوه ؟ أم أمرهم بالصواب فعصوه ؟ أم همَّ المختارفيما أوحى إليهِ فذكَّروه ؟ أم الدين لم يكتمل على عهدهِ فكمَّلوه ؟ أم جاء نبَّيُ بعدهُ فاتبعوه )) بيان الأئمــة/ ج3 ، ص298
        .

        تعليق

        يعمل...
        X