قال مولانا الإمام موسى الكاظم _عليه السلام_: "طوبى لشيعتنا المتمسكين بحبنا في غيبة قائمنا، الثابتين على موالاتنا والبرائة من أعدائنا، أولئك منا، ونحن منهم، قد رضوا بنا أئمة ورضينا بهم شيعة، فطوبى لهم ثم طوبى لهم، هم والله معنا في درجاتنا يوم القيامة".
أيها الأعزاء الكلام النوراني المتقدم هو مقطعٍ من الأحاديث الشريفة الكثيرة التي روتها المصادر الحديثية المعتبرة والتي أتم فيها أهل بيت النبوة – صلوات الله عليهم_ الحجة الإلهية على الخلق بالإخبار عن غيبة خاتم الأوصياء المهدي عجل الله فرجه الشريف_ قبل وقوعها بزمنٍ طويل، لكي يعلم المؤمنون بأن هذه الغيبة هي بأمرالله ومن مصاديق تدبيره عزوجل لشؤون عباده.... والحديث المتقدم أيها الأعزاء مروي في كتابي كفاية الأثر في الأئمة الأثني عشر وكمال الدين وتمام النعمة وغيرها من المصادر المعتبرة.... وفي مقطعه الذي استمعتم له آنفاً يبين لنا مولانا الإمام الكاظم _صلوات الله عليه_ المنزلة الكريمة للمؤمنين الثابتين على الإيمان السليم والعقائد الحقة في عصر الغيبة المهدوية، بعد أن يبين _عليه السلام_ علامات ثباتهم واستقامتهم على الدين الإلهي الحق.
العلامة الأولى هي كونهم المتمسكين بحب أهل بيت النبوة _صلوات الله عليهم_ في عصر غيبة خاتمهم المهدي المنتظر _عجل الله تعالى فرجه الشريف_.
والتمسك بحب أهل البيت _عليهم السلام_ يعني إرتباط المؤمن عقائدياً وقلبيا بنهجهم القويم وصراطهم المستقيم على الرغم من كثرة الفتن والصعوبات التي يعج بها عصر الغيبة وعدم تيسر رؤية إمام العصر _عليه السلام_.
وهذه الحالات هي من صفات المتقين الذين تحرروا من قيد الإعتقاد بالأمور الظاهرية فقط وآمنوا بالغيب الذي دلتهم عليه البراهين الصحيحة فلم يسمحوا للشبهات والشكوك المادية والوساوس الشيطانية أن تؤثر على إيمانهم الراسخ وحبهم القدسي لأهل البيت النبوي _عليهم السلام_.
أما العلامة الثانية أيها الأخوة، فهي كونهم الثابتين على موالاة محمدٍ وآله الطاهرين عليهم السلام والبراءة من أعدائهم. "أي طول أمد الغيبة وصعوباتها لم يؤثر على تمسكهم بالعروة الوثقى الإلهية وإعتصامهم بحبل الله المتين المتمثل بولاية أهل البيت _عليهم السلام_". فهذه العلامة تشير الى الجانب العملي والسلوكي لمؤمني عصر الغيبة فيما تشير العلامة الأولى الى الإرتباط القلبي ومشاعر المودة لأهل البيت –عليهم السلام_، فهم محبون لهم ملتزمون بالعمل بوصاياهم والسير على خطاهم واتباعهم.
ولا يخفى على من تدبر في النصوص الشريفة أن الولاية لأئمة الحق _عليهم السلام_ لا تتحقق عملياً إلا بالبراءة من أعدائهم وأشياعهم، مثلما أن أصل كلمة التوحيد التي ينطلق منها أصل الولاية إنما تتحقق بالبراءة من الأرباب المتفرقين والإيمان بالله الواحد القهار.
أما العلامة الثالثة التي يذكرها إمامنا الكاظم عليه السلام لمؤمني عصر الغيبة الصادقين فهي كونهم قد رضوا بأهل البيت عليهم السلام أئمةً لهم، وهذا الرضا هو ثمرة الإيمان الراسخ والمودة القدسية الصادقة وهو يعني التسليم لأمرهم وحكمهم في كل الأمور ومنها ما يرتبط بطول أمد غيبة خاتمهم المهدي الموعود عجل الله تعالى فرجه الشريف، فاذا تحلى المؤمن بهذه الصفات وظهرت فيه هذه العلامات الثلاث صار من أهل تلك المنزلة الرفيعة التي إختص الله بها مؤمني عصر غيبة خليفته المهدي الموعود _عجل الله فرجه_. وخصوصيات هذه المنزلة السامية يذكرها الإمام الكاظم _عليه السلام_ في حديثه المتقدم، وهي أن أصحابها يفوزون برضا أهل البيت _عليهم السلام_ عنهم كشيعة صادقين لهم، وهذا يعني فوزهم برضا الله جل جلاله.
هذا أولاً وثانياً أنهم يحظون بمرتبة أن يكونوا من أهل البيت _عليهم السلام_ مثلما صار سلمان المحمدي الفارسي منهم أي يكونوا خريجي مدرستهم الإلهية.
وثالثاً أن يكون أهل البيت _عليهم السلام_ منهم وهذه مرتبة أسمى ترفع مؤمني عصر الغيبة الى مقام يصبحون فيه وسيلة لمعرفة أهل البيت واستمرار منهجهم والتعريف بأخلاقياتهم سلام الله عليهم.
ورابعاً أنهم يكونون مع محمد وآله الطاهرين في درجتهم في الجنة يوم القيامة، وهذه من أسمى مراتب التكريم واللطف الإلهي بالشيعة الصادقين الثابتين على الدين الحق في ظل صعوبات عصر غيبة خاتم الأولياء المهدي الموعود _عجل الله فرجه الشريف_.
نسألكم الدعاء
تعليق