إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

سفينة النجاة (بحث مُتميّز) / الحلقة الثانية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سفينة النجاة (بحث مُتميّز) / الحلقة الثانية

    السلام عليكم
    نكمل الكتاب (سفينة النجاة) بالحلقة الثانية/

    و قال بعض من تأخر عنه: أن السنة المتواترة دلت علي قبول خبر الواحد, فان رسول ‏اللَّه ص وأمير المؤمنين صلوات اللَّه عليه كانا يبعثان الرسل إلي القبائل و البلاد و القرى لتعليم‏ الأحكام, مع أن كل واحد منهم لم يبلغ حد التواتر, مع العلم بان المبعوث إليهم كانوا مكلفين‏بالعمل بمقتضاه, و الذي تتبعنا من آثار السلف أن تعليمهم الأحكام ما كان إلا بالأخبار بما سمعوا عن النبي ص و الأئمة عليهم السلام, و ما كان القول بالرأي و الاجتهاد إلا محدثا, و كان ‏دأب قدمائنا تخطى‏ء المخالفين به, بل لو كان يحصل من الطائفة المحقة شذوذ القول بالرأي ‏و الاجتهاد لخطأوا وشددوا النكير عليه, و الأخبار عن الأئمة الهداة متظافرة بالتخطئة والإنكار.
    و قال بعض الفضلاء ما ملخصه: إنا نقطع قطعا عاديا أن جمعا كثير من ثقات أصحاب أئمتنا, و منهم الجماعة الذين اجتمعت العصابة علي أنهم لم ينقلوا إلا الصحيح باصطلاح القدماء, يعنى ما علم صدور مضمونه عن المعصوم و لو بالقرائن صرفوا أعمارهم في مدة تزيد علي ‏ثلاثمائة سنة في اخذ الأحكام عنهم عليهم السلام, و تأليف ما يسمعونه منهم عليهم السلام, وعرض المؤلفات عليهم, ثم التابعون لهم تبعوهم في طريقتهم, و استمر هذا المعنى إلي زمن ‏أئمة الحديث الثلاثة, و كانوا يعتمدون عليها في عقايدهم و أعمالهم, و نعلم علماً عاديا بأنهم ‏كانوا متمكنين من أخذ الأحكام عنهم مشافهة, و مع ذلك يعتمدون علي الأخبار المضبوطة من زمن أمير المؤمنين ع كما ورد في الروايات الكثيرة, و كان أئمتنا عليهم السلام يأمرونهم ‏بتأليفها و نشرها و ضبطها ليعمل بها شيعتهم في زمن الغبية, و أخبروا بوقوعها و أيضاً الشفقة الربانية و المعصومية تقتضى أن لا يضيع من كان في أصلاب الرجال منهم, فيجب أن يمهد لهم أصولاً معتمدة يعملون بها, وأيضاً فان أكثر أحاديثنا موجود في أصول الجماعة التي ‏أجمعت العصابة علي تصحيح ما يصح عنهم, لأنا نقطع بالقرائن أن طرقها إنما هي طرق إلي‏ الأصول المعتبرة, ألم يعتمد الشيخ الطوسي علي طرق ضعيفة مع تمكنه من طرق أخرى صحيحة, وكثيراً ما يطرح الأخبار الصحيحة باصطلاح المتأخرين يعنى ما كانت رواته كلهم ثقات ‏إماميين, و يعمل بالضعيفة بهذا الاصطلاح و هذا أيضا يقتضى ما ذكرناه ‏أي نقل من الأصل, وأيضاً أنه صرح في كتاب العدة و في أول الإستبصار بان كل حديث عمل به في كتبه مأخوذ من الأصول المجمع علي صحة نقلها و لم يعمل بغيره, وإنما طرح بعضها لان معارضه أقوى ‏منه لاعتقاده بأخبار أخر و بإجماع الطائفة علي العمل بمضمونه أو غير ذلك.
    و الصدوق ذكر مثل ذلك بل أقوى منه في أول الفقيه, و كذا ثقة الإسلام في أول الكافي مع أنهم كثيراً ما يذكرون في أول الأسانيد من ليس بثقة, و أيضاً فإن بعض الروايات يتعاضد ببعض, و بعض ‏أجزاء الحديث يناسب بعضا, و قرينة الجواب أو السؤال تدل علي صدق المضمون, إلي غير ذلك, و أيضا فانا نقطع قطعاً عاديّاً في حق أكثر رواة أحاديثنا بقرينة ما بلغنا من أحوالهم أنهم ‏لم يرضوا بالافتراء في رواية الحديث, و الذي لم يقطع في حقه بذلك كثيرا مّا كان للناقل عنه‏ طريق إلي اصل الثقة الذي اخذ الحديث منه.
    فإن قلت: إنهم إذا رووا عن الأصول فلم يذكرون الواسطة.
    قلنا يحتمل أن يكون ذكر الواسطة للتبرك باتصال سلسلة السند و دفع طعن العامة بأن ‏أحاديثنا ليست معنعنة، بل مأخوذة من كتب قدمائنا.
    أقول و أيضا فإن ما ذكره علماء الرجال في شأن بعضهم انه يعرف حديثة تارة و ينكر أخرى, و في شأن أخر انه لا يجوز نقل‏ حديثه, أو لا يجوز العمل برواية لو لا يعتمد عليه أو غير ذلك يدل علي أن الثقة إذا روى عن‏احد فلا يروى عنه إلا إذا ظهر له دليل علي صحته أو راء في أصله المروى عنه أو سمعه عن ‏ثقة يروى ذلك الأصل و كذا حرصهم علي ضبط الخصوصيات و الجزئيات من الألفاظ وغيرها دليل علي عدم اعتمادهم علي غير المقطوع بصحته و هذه الوجوه و إن كان كل واحد منها يمكن الخدش فيه إلا انه لاجتماعها يحصل الظن القوى بل القطع بصحة هذه الأخبار التي رواها الثقات و إن ضعف السند في الوسط سيما ما روى بطرق متعددة و خصوصاً ما في ‏الكتب الأربعة و هي متواترة بالنسبة إلي مؤلفيها. مقطوع بها عندهم.
    قال الصدوق في أول الفقيه لم اقصد فيه قصد المصنفين في إيراد جميع ما رووه, بل قصدت ‏إيراد ما أفتي به وأحكم بصحته و اعتقد انه حجة بيني و بين ربى تقدس ذكره, و جميع ما فيه‏ مستخرج من كتب مشهورة عليها المعول و إليها المرجع.
    و قال ثقة الإسلام في أول الكافي في جواب من التمس منه التصنيف,
    وقلت: إنك تحب أن يكون عندك كتاب كاف يجمع من جميع فنون علم الدين، ما يكتفي به المتعلم، ويرجع إليه المسترشد، ويأخذ منه من يريد علم الدين والعمل به بالآثار الصحيحة عن الصادقين عليهم السلام والسنن القائمة التي عليها العمل، وبها يؤدي فرض الله عزوجل وسنة نبيه صلى الله عليه وآله, ـ إلي أن قال ـ وقد يسر الله وله الحمد تأليف ما سألت، وأرجو أن يكون بحيث توخيت. انتهى كلامه
    و لهذا ذهب جماعة إلي الاكتفاء في تصحيح الأخبار و القدح فيها بما ذكره أصحابنا و دونوه في ‏كتبهم وسيما المتقدمين.
    قال بعض المحققين: فلم يبق لأحد ممن تأخر عنهم في البحث والتفتيش, إلا الإطلاع علي ما قرروه, و الفكر فيما ألّفوه.
    قال الشهيد رحمه اللَّه في الذكرى :‏الاجتهاد في هذا الوقت أسهل منه فيما قبله من الأوقات, لأن السلف قد كفونا مؤنته بكدهم ‏و كدحهم و جمعهم السنة و الأخبار و جرحهم و تعديلهم و غير ذلك من الآلات.


    الفصل السادس
    إزالة شبهة في هذا المقام ربما يخطر بالأوهام
    و لعلك تقول هب أن الأخبار المعتبرة جاز التعويل عليها و العمل بها, أليست مضامينها لم‏ تخرج من حّيز المظنونات, و لم تبلغ مبلغ إفادة العلم القطعي, و الظنون المستخرجة بالاجتهاد ليست بأقل ما يحصل منها, بل قد تكون أقوى, فليجز العمل بالاجتهاد كما جاز العمل بالأخبار.
    فنجيبك
    أما أولاً: فإن القياس ضروري البطلان عند الإمامية.
    أما ثانيا:ً فبالفرق بين الظنين ‏فإنهما نوعان مختلفان, أحدهما فيه تسليم و انقياد وطاعة, و الأخر فيه إعمال رؤية وتصرف طبيعة ليسا من قبيل واحد.
    وأما ثالثاً: فبأن الأخبار و إن سلمنا كون طريقها ظنياً, إلا أن‏ دليل جواز العمل عليها قطعي, ثم دلالتها علي المطلوب قطعية, لما دريت أناّ لا نعتمد إلا علي‏المحكمات منها دون المتشابهات, و أما الاجتهاد فطريقه ظني, و دليل جواز العمل عليه‏ ظني, و الأصول التي يبنى عليها الأحكام ظنية, و لا قطع في شيى‏ء منه أصلاً.
    و أما رابعاً: فبأن‏ العمل بالأخبار مأذون فيه بل مأمور به, و العمل بالاجتهاد غير مأذون فيه بل منهي عنه, و كل ‏من الأمر و النهى قد ثبت بالكتاب و السنة المتواترة و الإجماع المعتبر كما سنبينه إن شاء اللَّه‏ تعالي.
    و أما خامساً: فبأن أكثر الأحكام مما وردت فيه روايات متعددة مستفيضة تربو علي ‏إفادة الظن, و قلما يتفق حكم أنا لا نقول يوجب العمل لكل خبر أو كلما يفيد الظن من الأخبار بما يربو علي إفادة الظن فان لم يظفر به فنحن مخبرون في العمل.
    و قد أورد السيد المرتضى علي نفسه سؤالا هذا لفظه فان قيل إذا سدرتم طريق العمل ‏بالأخبار فعلي أيّ شيى‏ء تقولون في الفقه كله, و أجاب بما حاصله أن معظم الفقه يعلم‏ بالضرورة و مذاهب أئمتنا عليهم السلام فيه بالأخبار المتواترة, و ما لم يتحقق ذلك فيه و لعله ‏الأقل يعول فيه علي إجماع الإمامية, و ذكر بيانا طويلا في بيان حكم ما يقع فيه الاختلاف ‏بينهم, و حاصله انه إذا أمكن تحصيل القطع بأحد الأقوال من طرق ذكرناها تعين العمل عليه,‏ و إلا كنا مخبرين بين الأقوال المختلفة لفقد دليل التعيين, و نبغي أن يراد بالإجماع الإجماع ‏المعتبر أعني الحديث المتفق عليه, فان قلت فهل للخبر المعتمد عليه ضابطة يرجع إليها ليميز عن غير المعتمد أم هل للظن الحاصل من الخبر حد لا يكتفي اقل منه, قلت لا ليس لذا ضابطة و لا لهذا حد و إنما وضع الضوابط و الحدود أوقع الاختلاف بين الأصوليين, لو أنهم‏ نظروا في كل مسألة لما اختلفوا فيما اختلفوا فيه, و الضابطة التي حكينها عن المحقق في‏ذلك ليست بكلية و السر فيه اختلاف الحكم في مثلها بسبب اختلاف خصوصيات محاله, ولذا تريهم يمهدون أصولاً كلية, ثم لا يفون بإعمالها في جميع جزئياتها, بل إنما يستعمولنها في بعض دون بعض, و كذا الكلام فيما يبتنى عليها من الأحكام الفرعية فإنها أمور جزئية مختلفة لا يجمعها أمر واحد عقلي, و الأمور الجزئية المختلفة لا يحكم عليها بالأحكام ‏الكلية المضبوطة, بل لا سبيل إلي العلم بها إلا بالنظر إلي فرد فرد, وهو موقوف منا على ‏السماع, إذ لا سبيل للعقل إلي الشرايع, و قد وقع التنبيه علي ما ذكرناه في كثير من الأخبار, ولعلك ستسمع بعضا إن شاء اللَّه تعالي, و لنعطف الآن عنان القلم إلي ذكر جملة من الآيات والأخبار الواردة في الحث علي الرجوع إلي الأحاديث, و بيان انحصار الطريق فيه, ثم إثبات‏ التشابه و بيان حكمها, ثم ذكر ما ورد في ذم الاجتهاد و متابعة الآراء ثم ذكر مفاسدهما, و من ‏اللَّه التأييد.
    عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام):

    ((إذا خرج القائم (ع) ينتقــم من أهـلِ الفتـوى بما لايعلمون ، فتعساً لهم ولأتباعهم ، أوكان الدينُ ناقصاً فتمّموه ؟ أم بهِ عِوَجُ فقوّموه ؟ أم أمر الناس بالخلاف فأطاعوه ؟ أم أمرهم بالصواب فعصوه ؟ أم همَّ المختارفيما أوحى إليهِ فذكَّروه ؟ أم الدين لم يكتمل على عهدهِ فكمَّلوه ؟ أم جاء نبَّيُ بعدهُ فاتبعوه )) بيان الأئمــة/ ج3 ، ص298
    .

  • #2

    الفصل السابع
    ذكر بعض الآيات و الأخبار الدالة علي انحصار الأدلة الشرعية في السماع عن المعصوم ع.
    قال اللَّه "فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ" و قد ثبت بالأخبار المستفيضة أن الذكر هو في القرآن و أهله الأئمة المعصومون صلوات اللَّه عليهم.
    و قال عز وجل " وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ " و قد ثبت أن أولي الأمر هم الأئمة عليهم‏السلام.
    و قال سبحانه " وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ " و قد ثبت أنهم الأئمة عليهم السلام.
    و في الخبر النبوي المستفيض المتفق عليه: » إني تارك فيكم الثقلين, إن تمسكتم بهما لن‏ تضلوا بعدى كتاب اللَّه و عترتي أهل بيتي «
    و في الخبر المشهور المستفيض: » مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجى و من‏ تخلف عنها غرق«.
    و في احتجاج الطبرسي عنه صلي اللَّه عليه و آله أنه قال يوم الغدير:
    " ألا إن الحلال و الحرام أكثر من أن أحصيهما و أعرفهما فآمر بالحلال و أنهى عن الحرام في مقام واحد فأمرت أن آخذ البيعة منكم و الصفقة لكم بقبول ما جئت به عن الله عز و جل في علي أمير المؤمنين و الأئمة من بعده ".
    " معاشر الناس تدبروا القرآن و افهموا آياته و انظروا إلى محكماته و لا تتبعوا متشابهه فوالله لن يبين لكم زواجره و لا يوضح لكم تفسيره إلا الذي أنا آخذ بيده "
    و فيه عنه ص قال :
    " أيها الناس قد بينت لكم مفزعكم بعدي و إمامكم و دليلكم و هاديكم و هو أخي علي بن أبي طالب و هو فيكم بمنزلتي فيكم فقلدوه دينكم و أطيعوه في جميع أموركم فإن عنده جميع ما علمني الله عز و جل من علمه و حكمته فاسألوه و تعلموا منه و من أوصيائه بعده ".
    و عنه ص " لا خير في العيش إلا لرجلين عالم مطاع أو مستمع واع " رواه في الكافي.
    و عن أمير المؤمنين ع : "ألا إن العلم الذي هبط به آدم من السماء إلي الأرض و جميع ما فضلت ‏به النبيون إلي خاتم النبيين عندي و عند عترة خاتم النبيين فأين يتاه بكم بل أين تذهبون" . رواه علي بن‏ إبراهيم في تفسيره.
    و روى الصدوق عنه ع انه قال : "من أخذ علمه من كتاب اللَّه و سنة نبيه ص زالت الجبال قبل أن ‏يزول, و من أخذ دينه من أفواه الرجال ردته الرجال ". و رواه في الكافي أيضا.
    و عن الباقر ع أنه تلا " أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم فإن خفتم تنازعا في الأمر فأرجعوه إلى الله و إلى الرسول و إلى أولي الأمر منكم ثم قال كيف يأمر بطاعتهم و يرخص في منازعتهم إنما قال ذلك للمأمورين الذين قيل لهم أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ.
    و عن الصادق ع قال: " كل علم لا يخرج من هذا البيت فهو باطل و أشار بيده إلي بيته ".
    و قال: " إذا أردت العلم الصحيح فخذ عن أهل البيت فإنا رويناه و أوتينا شرح الحكمة و فصل الخطاب ‏إن اللَّه اصطفينا و آتانا ما لم يؤت أحداً من العالمين" .
    و في الكافي عن حمزة الطيار انه عرض علي أبى عبد اللَّه بعض خطب أبيه حتى إذا بلغ ‏موضعاً منها قال له كف و اسكت ثم قال أبو عبد اللَّه ع: "لا يسعكم فيما ينزل بكم مما لا تعلمون‏إلا الكف عنه و التثبت و الردّ إلي أئمة الهدى, حتى يحملوكم فيه علي القصد و يجلو عنكم ‏فيه العمى و يعرفوكم فيه الحق, قال اللَّه عزوجل فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ".
    و فيه في باب الضلال بإسناده عن المفضل بن عمر قال قال أبو عبد اللَّه ع من دان اللَّه بغير سماع عن صادق الزمه اللَّه البتة إلي العناء, و من ادعى سماعاً من غير الباب الذي فتحه اللَّه فهو مشرك, و ذلك الباب المكنون علي سر اللَّه المكنون.
    و بإسناده عنه ع: "لا يسع الناس حتى يسألوا و يتفقهوا و يعرفوا إمامهم و يسعهم أن يأخذوا بما نقول و إن كانت تقية.
    و بإسناده عن زرارة و محمد بن سلم و بريد العجلي قالوا قال أبو عبد اللَّه ع لحمران بن أعين‏ في شيى‏ء سأله: إنما يهلك الناس لأنهم لا يسألون.
    وروى الكشي بإسناده عن حريز، قال، دخلت على أبي حنيفة و عنده كتب كادت تحول فيما بيننا و بينه، فقال لي هذه الكتب كلها في الطلاق و أنتم و أقبل يقلب بيده، قال، قلت نحن نجمع هذا كله في حرف، قال و ما هو قال، قلت قوله تعالى يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَ أَحْصُوا الْعِدَّةَ، فقال لي فأنت لا تعلم شيئا إلا برواية قلت أجل، فقال لي ما تقول في مكاتب كانت مكاتبته ألف درهم فأدى تسعمائة و تسعة و تسعين درهما، ثم أحدث يعني الزنا، كيف نحده فقلت عندي بعينها حديث حدثني محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (ع) أن عليا (ع) كان يضرب بالسوط و بثلثه و بنصفه و ببعضه بقدر أدائه، فقال لي أما إني أسألك عن مسألة لا يكون فيها شي‏ء، فما تقول في جمل أخرج من البحر، فقلت إن شاء فليكن جملا و إن شاء فليكن بقرة إن كانت عليه فلوس أكلناه و إلا فلا.
    و الأخبار من‏هذا القبيل تخرج من الحصر و العد
    و روى الصدوق رحمة اللَّه في إكمال الدين عن محمد بن محمد بن عصام رضي اللَّه عنه قال‏حدثنا محمد بن يعقوب الكليني عن اسحق بن يعقوب قال سألت محمد بن عثمان العمري ‏رضي اللَّه عنه، و رواه الطبرسي أيضاً في الاحتجاج، و الكشى في الرجال، و الشيخ الطوسي ‏في اختياره عن اسحق بن يعقوب قال سألت محمد بن عثمان العمري رضي اللَّه عنه أن ‏يوصل لي كتابا قد سألت فيه عن مسائل أشكلت عليَّ فورد في التوقيع عن مولانا صاحب‏الزمان عليه الصلاة و السلام:
    " أما ما سألت عنه أرشدك اللَّه و وفّقك إلي أن قال: و أما الحوادث ‏الواقعة فارجعوا فيها إلي رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم و أنا حجة اللَّه عليهم ".
    و في رجال الكشى و الاختيار بالإسناد عن أحمد بن حاتم بن ماهويه، قال كتبت إليه يعني أبا الحسن الثالث (ع) أسأله عمن آخذ معالم ديني و كتب أخوه أيضا بذلك فكتب إليهما: فهمت ما ذكرتما فاصمدا في دينكما على مسن في حبنا و كل كبير التقدم في أمرنا، فإنهم كافوكما إن شاء الله تعالى.
    و روى ثقة الإسلام عن محمد بن عبد اللَّه و محمد بن يحيى جميعاً عن عبد اللَّه بن جعفر الحميري قال اجتمعت أنا و الشيخ بن عمر و عند احمد بن اسحق إلي أن قال اخبرني أبوعلي احمد بن اسحق عن أبى الحسن ع قال سألته و قلت و من أعامل أو عمن آخذ أو قول من أقبل فقال له: العمري ثقتي فما أدّى إليك عنى فعنى يؤدى, و ما قال لك عنى فعنى يقول ‏فأسمع له و أطع فإنه الثقة المأمون.
    و أخبرني أبوعلي انه سأل أبا محمد ع عن مثل ذلك فقال له: العمري و ابنه ثقتان فما أديا إليك عنى فعنى يؤديان, و ما قالا لك عنى فعنى يقولان, فاسمع لهما و أطعهما فإنهما الثقتان‏المأمونان الحديث.
    و في الاحتجاج بسنده عن أبى محمد العسكري و في تفسيره أيضا قال قال الحسين بن‏ علي عليهما السلام: من كفل لنا يتيماً قطعته عنا محنتنا باستتارنا فواساه من علومنا التي‏ سقطت إليه حتى أرشده و هداه قال اللَّه عزوجل يا أيها العبد الكريم المواسى أنا أولي بالكرم ‏منك اجعلوا له يا ملائكتي في الجنان بعدد كل حرف علمه ألف ألف قصر وضموا إليها ما يليق بها من ساير النعيم.
    و في الكافي عن عمر بن حنظلة قال سألت أبا عبد الله ع عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان أو إلى القضاة أ يحل ذلك قال ع من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الجبت و الطاغوت المنهي عنه و ما حكم له به فإنما يأخذ سحتا و إن كان حقه ثابتا لأنه أخذه بحكم الطاغوت و من أمر الله عز و جل أن يكفر به قال الله عز و جل يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَ قَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ قلت فكيف يصنعان و قد اختلفا قال ينظران إلى من كان منكم ممن قد روى حديثنا و نظر في حلالنا و حرامنا و عرف أحكامنا فليرض به حكما فإني قد جعلته عليكم حاكما فإذا حكم بحكم و لم يقبله منه فإنما بحكم الله استخف و علينا رد و الراد علينا كافر راد على الله و هو على حد من الشرك بالله, و يأتي تمام الحديث.
    و بإسناده عن محمد بن حكيم قال قلت لأبى الحسن موسى ع جعلت فداك فقّهنا في الدين ‏و أغنانا اللَّه بكم عن الناس حتى إن الجماعة منا لتكون في المجالس ما يسأل رجل صاحبه تحضره المسألة و يحضره جوابها فيما منَّ اللَّه علينا بكم الحديث.
    و بإسناده عن سماعة عن أبى الحسن موسى ع قال قلت أصلحك اللَّه إنا نجتمع فنتذاكر ما عندنا فلا يرد علينا شي‏ء إلا و عندنا فيه شي‏ء مسطر و ذلك مما انعم اللَّه به علينا بكم.
    و بإسناده عن أبى بصير قال سمعت أبا عبد اللَّه ع يقول اكتبوا فإنكم لا تحفظون حتى تكتبوا.
    و فيه بإسناده عن عبيد بن زرارة قال قال أبو عبد الله ع احتفظوا بكتبكم فإنكم سوف ‏تحتاجون إليها.
    و فيه عن الأحمسى عن أبى عبد الله ع قال القلب يتكل علي الكتابة.
    و فيه عن المفضل بن عمر قال قال لي أبو عبد الله ع اكتب و بثّ علمك في إخوانك فان متّ‏ فأورث كتبت بينك فانه يأتي علي الناس زمان هرج لا يأنسون فيه إلاّ بكتبهم.
    و بإسناده عنه ع قال تزاوروا فان في زيارتكم إحياء لقلوبكم و ذكراً لأحاديثنا و أحاديثنا تعطف بعضكم علي بعض فان أخذتم بها رشدتم و نجوتم وان تركتموها ضللتم و هلكتم ‏فخذوا بها و أنا بنجاتكم زعيم.
    و عن محمد ابن الحسن بن أبى خالد شينولة قال قلت لأبى جعفر الثاني ع جعلت فداك إن ‏مشايخنا رووا عن أبى جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام و كانت التقية شديدة فكتموا كتبهم ‏ولم ترو عنهم فلما ماتوا صارت الكتب إلينا فقال حدثوا بها فإنها حق. و فيه دلالة واضحة علي صحة الاعتماد علي الكتب و العمل بما فيها من الأحكام إذا كانت صحيحة.
    و قال أبو جعفر ع لأبان بن تغلب اجلس في مسجد النبي ص و أفت الناس فإني أحب أن أرى ‏في شيعتي مثلك.
    و قال الصادق ع لفيض بن مختار إذا أرددت حديثنا فعليك بهذا الجالس و أومأ بيده إلي‏ رجل من أصحابه فسألت أصحابنا عنه فقالوا زرارة ابن أعين.
    و قال ع رحم اللَّه زرارة بن أعين لولا زرارة و نظراؤه لاندرست أحاديث أبى ع .
    و قال ع ما أجد أحداً أحيى ذكرنا و أحاديث أبى ع إلا زرارة و أبو بصير ليث المرادي و محمد بن مسلم و بريد بن‏معاوية العجلي هؤلاء حفاظ دين الله و أمناء أبى علي حلال اللَّه و حرامه.
    و قال ع أقوام كان أبى يأتمنهم علي حلال اللَّه و حرامه و كانوا عيبة علمه و كذلك اليوم هم‏ عندي هم مستودع سرى وأصحاب أبى حقاً إذا أراد اللَّه بأهل الأرض سوء صرف بهم عنهم ‏السوء هم نجوم شيعتي إحياءً و أمواتاً يحيون ذكر أبى بهم يكشف اللَّه كل بدعة ينفون عن‏هذا الدين انتحال المبطلين و تأويل الغالين ثم بكى قال الراوي قلت من هم فقال من عليهم‏ صلوات اللَّه و رحمته أحياءً و أمواتاً بريد العجلي و أبو بصير و زرارة ‏و محمد بن مسلم.
    .
    عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام):

    ((إذا خرج القائم (ع) ينتقــم من أهـلِ الفتـوى بما لايعلمون ، فتعساً لهم ولأتباعهم ، أوكان الدينُ ناقصاً فتمّموه ؟ أم بهِ عِوَجُ فقوّموه ؟ أم أمر الناس بالخلاف فأطاعوه ؟ أم أمرهم بالصواب فعصوه ؟ أم همَّ المختارفيما أوحى إليهِ فذكَّروه ؟ أم الدين لم يكتمل على عهدهِ فكمَّلوه ؟ أم جاء نبَّيُ بعدهُ فاتبعوه )) بيان الأئمــة/ ج3 ، ص298
    .

    تعليق


    • #3
      و قال ع بشر المخبتين بالجنة بريد العجلي و أبو بصير ليث بن البختري المرادي و محمد بن‏مسلم الثقفي و زرارة بن أعين أربعة نجباء أمناء اللَّه علي حلاله و حرامه لولا هؤلاء لانقطعت‏ آثار النبوة و اندرست.
      و قال ع لعبد الله بن أبى يعفور حيث قال له انه ليس كل ساعة ألقاك و لا يمكن القدوم ويجي‏ء الرجل من أصحابنا فيسألني و ليس عندي كلما يسألني, قال فما يمنعك من محمد بن‏ مسلم الثقفي فانه قد سمع من أبى و كان عنده وجيهاً.
      و قال لشعيب العقرقوفي حيث قال له‏ ربما احتجنا أن نسأل عن الشي‏ء فمن نسأل, قال عليك بالأسدي يعني أبا بصير.
      و عن الصادق ع أوتاد الأرض و أعلام الدين أربعة محمد بن مسلم و بريد بن معاوية و ليث‏ البختري المرادي و زرارة بن أعين.
      و في الكافي بإسناده عنه ع قال تعلموا العلم من حملة العلم و علموا إخوانكم كما علمكموه ‏العلماء.
      و عنه ع انظروا علمكم هذا عمن تأخذونه فإن فينا أهل البيت في كل خلف عدولا ينفون‏عنه تحريف الغالين و انتحال المبطلين و تأويل الجاهلين.
      و في الكافي عن أبى عبد الله ع قال أبى اللَّه أن يجرى الأشياء إلا بأسباب فجعل لكل شي‏ء سببا و جعل لكل سبب شرحا وجعل لكل شرح علماً و جعل لكل علم باباً ناطقا عرفه من عرفه و جهله من جهله ‏ذاك رسول اللَّه ص و نحن.
      و في نهج البلاغة نحن الشعار والأصحاب و الخزنة و الأبواب و لا تؤتى البيوت إلا من أبوابها, فمن أتاها من غير بابها سمي سارقا. إلي غير ذلك من الروايات و هي أكثر من أن تحصى و اشهر من أن ‏تخفي و اظهر من أن تروى و سنزيدك منها في باب ذم الاجتهاد إنشاء اللَّه تعالى



      الفصل الثامن
      ذكر جملة من الآيات و الأخبار الدالة علي إثبات المتشابه و بيان حكمه
      المتشابه ما لا يظهر معناه المقصود منه, و حكمه أن يرد إلي المحكم إن وجد, و هو مثل تأويله‏ من أهله و إلا ترك علي حاله من المتشابه فان المحكم فيه حينئذ, و يرد علمه إلي اللَّه ويحتاط في العمل, و لا يجوز تأويله لغير أهله لورود النهى عنه و قد يطلق المتشابه علي‏المحكم الذي تعارضت أدلته كما إذا اختلفت الأخبار و حكمه بعد استيفاء ساير مراتب ‏الترجيح المنقولة الخيار, و أما الاشتباه في كيفية العمل بعد معرفة الحكم الشرعي فيجوز الاجتهاد فيه لورود الرخصة بذلك و للزوم الحرج البين لولاء, و هذا كما إذا تعارضت‏ إمارات جهة الكعبة و إمارات إضرار الصوم بالمرض و عدم إضراره و نحو ذلك و عليه ‏يحمل الخبر الذي روته العامة من اجتهد فأصاب فله أجران و من اجتهد فأخطأ فله اجر واحد إن صح الخبر و إلا فالذي رواه أولي به, و أول من اثبت المتشابه في الحكم الشرعي هو اللَّه سبحانه قال اللَّه عزوجل: " هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ إلي قوله وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ .
      و قال عز أسمه: " وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ".
      و قال اللَّه تعالي: " وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ".
      و قال: " فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ ".
      و في الحديث النبوي المتواتر بين العامة و الخاصة " إنما الأمور ثلاثة أمر بيّن رشده فيتبع, و أمر بيّن غيّه فيجتنب, و شبهات بين ذلك, و الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات,‏و من ترك الشبهات نجى من المحرمات, و من اخذ بالشبهات ارتكب المحرمات, و هلك من‏حيث لا يعلم.
      و في الفقيه قال خطب أمير المؤمنين ع فقال إن اللَّه تبارك و تعالي حد حدوداً فلا تعتدوها, وفرض فرايض فلا تنقضوها, و سكت عن أشياء لم يسكت عنها نسياناً لها فلا تكلفوها, رحمة من اللَّه لكم فاقبلوها, ثم قال علي ع حلال بيّن و حرام بيّن و شبهات بين ذلك, فمن ترك ما اشتبه عليه من الإثم فهو لما استبان له اترك, و المعاصي حمى اللَّه فمن يرتع حولها يوشك أن ‏يدخلها.
      و قوله ع وسكت عن أشياء إلي قوله فاقبلوها معناه أن كل ما لم يصل إليكم من‏التكاليف و لم يثبت في الشرع فليس عليكم شيى‏ء فلا تكلفوه علي أنفسكم فإنه رحمة من‏اللَّه لكم و في هذا قيل " اسكتوا عما سكت اللَّه عنه".
      و من كلامه ع في وصيته لابنه الحسن ع " دع ‏القول فيما لا تعرف و الخطاب فيما لا تكلف.
      و في الكافي بإسناده عن زرارة بن أعين قال سألت أبا جعفر ع " ما حق اللَّه علي العباد قال أن ‏يقولوا ما يعلمون, و يقفوا عندما لا يعلمون ".
      و بإسناده عن أبى عبد اللَّه ع مثله و في أخره " فإن ‏فعلوا ذلك فقد أدّوا إلي اللَّه حقه.
      و بإسناده عنه ع قال " الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة, و تركك حديثاً لم ‏تروه خير من روايتك حديثا لم تحصه ".
      و في عيون أخبار الرضا عنه ع قال " من ردّ متشابه القرآن إلي محكمه هدى إلي صراط مستقيم, ثم قال ع إن في أخبارنا متشابه كمتشابه القرآن, فردوا متشابهها إلي محكمها, ولا تتبعوا متشابهها دون محكمها فتضلوا ".
      و في محاسن البرقي بإسناده عن محمد بن الطيار قال قال لي أبو جعفر ع تخاصم الناس ‏قلت نعم قال و لا يسألونك عن شيى‏ء إلا قلت فيه شيئاً قلت نعم قال فأين باب الرد إذاً .
      و يستفاد من هذه الروايات أن ما لا طريق لنا إلي علمه فهو عنا موضوع و لا يلزم علينا بل‏ لا يجوز لنا أن نتكلف تعرفه بالاستنباطات المظنونة.
      وروى الصدوق عن أبى عبد الله ع قال قال رسول اللَّه ص " و رفع عن أمتي الخطاء و النسيان و ما استكرهوا عليه و ما لا يطيقون و ما لا يعلمون و ما اضطروا إليه و الحسد و الطيرة و التفكر في ‏الوسوسة في الخلق ما لم ينطقوا بشفة ".
      و فيه بإسناده عنه ع قال "ما حجب اللَّه علمه عن العباد فهو موضوع عنهم".
      و فيه عنه ع قال " من‏عمل بما علم كفي ما لم يعلم ".
      و في الكافي بإسناده عن عمر بن حنظلة قال سألت أبا عبد الله ع عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلي السلطان أو إلي القضاة أيحل ذلك, قال من‏ تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلي الطاغوت, و ما يحكم له فإنما يأخذ سحتا و إن ‏كان حقا ثابتاً له, لأنه اخذ بحكم الطاغوت و قد أمر اللَّه أن يكفر به قال اللَّه عزوجل: يريدون أن ‏يتحاكموا إلي الطاغوت و قد أمروا أن يكفروا به.
      قلت فكيف يصنعان؟ قال: ينظران من كان منكم قد روى حديثنا و نظر في حلالنا و حرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكما فإني قد جعلته عليكم حاكما, فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل ‏منه فإنما استخف بحكم اللَّه و علينا ردّ و الراد علينا راد علي اللَّه و هو علي حد الشرك باللَّه. ‏قلت فإن كان كل واحد اختار رجلا من أصحابنا فرضيا أن يكونا ناظرين في حقهما و اختلفا فيما حكما و كلاهما اختلفا في حديثكم ؟ قال الحكم ما حكم به أعدلهما و أفقههما وأصدقهما في الحديث و أورعهما, و لا يلتفت إلي ما يحكم به الآخر. قال قلت فإنهما عدلان‏ مرضيان عند أصحابنا لا يفضل واحد منهما علي صاحبه, قال فقال ينظر إلي ما كان من ‏روايتهم عنا في ذلك الذي حكما عليه المجمع عليه من أصحابك فيؤخذ به من حكمنا ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك فان المجمع عليه لا ريب فيه, و إنما الأمور ثلاثة: أمر بيّن رشده فيتبع و أمر بيّن غيّه فيجتنب و أمر مشكل يرد علمه إلي اللَّه و رسوله, قال‏ رسول اللَّه ص حلال بيّن و حرام بيّن و شبهات بين ذلك فمن ترك الشبهات نجى من‏المحرمات, و من أخذ الشبهات ارتكب المحرمات و هلك من حيث لا يعلم. قلت فان كان ‏الخبران عنكم مشهورين قد رواهما الثقات عنكم, قال ينظر فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنة و خالف العامة فيؤخذ به و يترك ما خالف حكمه حكم الكتاب و السنة و وافق العامة. قلت جعلت فداك أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب و السنة و وجدنا أحد الخبرين موافقا للعامة و الآخر مخالفاً لهم بأيّ الخبرين يؤخذ؟ قال ما خالف العامة ففيه ‏الرشاد. فقلت جعلت فداك فإن و افقهما الخبران جميعا قال ينظر إلي ما هم إليه أميل ‏حكامهم و قضاتهم فيترك و يؤخذ بالآخر. قلت فإن وافق حكامهم الخبرين جميعاً؟ قال فإذا كان ذلك فأرجه حتى تلقى إمامك, فإن الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات.
      و في معنى‏هذا الحديث أخبار كثيرة.
      و في احتجاج الطبرسي بعد نقل هذا الحديث قال:
      جاء هذا الخبر على سبيل التقدير لأنه قلما يتفق في الأثر أن يرد خبران مختلفان في حكم من الأحكام موافقين للكتاب و السنة و ذلك مثل غسل الوجه و اليدين في الوضوء لأن الأخبار جاءت بغسلهما مرة مرة و غسلهما مرتين مرتين فظاهر القرآن لا يقتضي خلاف ذلك بل يحتمل كلتا الروايتين و مثل ذلك يؤخذ في أحكام الشرع. و أما قوله ع للسائل أرجه و قف عنده حتى تلقى إمامك أمره بذلك عند تمكنه من الوصول إلى الإمام فأما إذا كان غائبا و لا يتمكن من الوصول إليه و الأصحاب كلهم مجمعون على الخبرين و لم يكن هناك رجحان لرواة أحدهما على الآخر بالكثرة و العدالة كان الحكم بهما من باب التخيير. يدل على ما قلنا
      ما روي عن الحسن بن الجهم عن الرضا ع قال قلت للرضا ع تجيئنا الأحاديث عنكم مختلفة قال ما جاءك عنا فقسه على كتاب الله عز و جل و أحاديثنا فإن كان يشبههما فهو منا و إن لم يشبههما فليس منا قلت يجيئنا الرجلان و كلاهما ثقة بحديثين مختلفين فلا نعلم أيهما الحق فقال إذا لم تعلم فموسع عليك بأيهما أخذت .
      ما رواه الحرث بن المغيرة عن أبي عبد الله ع قال إذا سمعت من أصحابك الحديث و كلهم ثقة فموسع عليك حتى ترى القائم فترده عليه .
      و روى سماعة بن مهران قال سألت أبا عبد الله ع قلت يرد علينا حديثان واحد يأمرنا بالأخذ به و الآخر ينهانا عنه قال لا تعمل بواحد منهما حتى تلقى صاحبك فتسأله عنه قال قلت لا بد من أن نعمل بأحدهما قال خذ بما فيه خلاف العامة .
      و في الكافي عنه ع انه سأل عن اختلاف الحديث يرويه من نثق به و منهم من لا نثق, قال إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهداً من كتاب اللَّه أو من قول رسول اللَّه ص و إلاّ فالذي جاءكم أولى به .
      و فيه عنه ع : " كل شي‏ء مردود إلي الكتاب و السنة و كل حديث لا يوافق كتاب اللَّه‏ فهو زخرف.
      و في عيون الأخبار عن الرضا ع في حديث له طويل قال في أخره بعد ذكر العرض علي ‏الكتاب ثم السنة ثم التخبير و الرد إلي رسول اللَّه ص " و ما لم تجدوه في شيى‏ء من هذه الوجوه‏ فردوا إلينا علمه فنحن أولى بذلك و لا تقولوا فيه بآرائكم و عليكم بالكف و التثبت والوقوف و أنتم طالبون باحثون حتى يأتيكم البيان من عندنا.
      و قال ثقة الإسلام أبو جعفر محمد بن يعقوب الكلينى رحمه اللَّه في أوائل الكافي ( يا أخي ‏أرشدك اللَّه إنه لا يسع أحداً تمييز شيى‏ء مما اختلفت الرواية فيه عن العلماء عليهم السلام ‏برأيه إلا علي ما أطلقه العالم ع بقوله اعرضوهما علي كتاب اللَّه عزوجل فما وافق كتاب اللَّه ‏فخذوه و ما خالف كتاب اللَّه فردوه, و قوله ع دعوا ما وافق القوم فان الرشد في خلافهم, وقوله ع خذوا بالمجمع عليه فان المجمع عليه لا ريب فيه, و نحن لا نعرف من جميع ذلك إلا أقله و لا نجد شيئاً أحوط و لا أوسع من رد علم ذلك كله إلي العالم ع و قبول ما وسع من ‏الأمر فيه بقوله ع بأيما أخذتم من باب التسليم وسعكم. انتهى كلامه
      عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام):

      ((إذا خرج القائم (ع) ينتقــم من أهـلِ الفتـوى بما لايعلمون ، فتعساً لهم ولأتباعهم ، أوكان الدينُ ناقصاً فتمّموه ؟ أم بهِ عِوَجُ فقوّموه ؟ أم أمر الناس بالخلاف فأطاعوه ؟ أم أمرهم بالصواب فعصوه ؟ أم همَّ المختارفيما أوحى إليهِ فذكَّروه ؟ أم الدين لم يكتمل على عهدهِ فكمَّلوه ؟ أم جاء نبَّيُ بعدهُ فاتبعوه )) بيان الأئمــة/ ج3 ، ص298
      .

      تعليق

      يعمل...
      X